الخميس، تموز/يوليو 18، 2024

المسار القانوني لحق عمل الفلسطينيين في لبنان

Published in فلسطين

إبّان تولّي أمين الجميل مقاليد الرئاسة في لبنان، مُنِع الفلسطينيون من مزاولة حوالي ٧٠ مهنة. لم يكن غريباً هذا الأمر، إذ إنّ اليمين اللبناني لطالما اعتبر أنّ الحرب الأهلية وما سبقها كان بسبب الوجود الفلسطيني في لبنان، فكان عقاب اليمين آنذاك بمنع الفلسطينيين من العمل، وبالتالي حرمانهم من أبسط مقوّمات العيش. إلّا أنّ هذا المسار بدأ يتطور لصالح اللاجئين الفلسطينيين بدءاً من عام ٢٠٠٥ حين تولّى طراد حمادة وزارة العمل، فعمد إلى إصدار المذكرة رقم 1/ 67 التي أتاحت للمهنيين الفلسطينيين العمل في المهن اليدوية والمكتبية المحصورة مزاولتها باللبنانيين دون غيرهم، بشروط معيّنة، أبرزها أن يكون من الفلسطينيين المولودين على الأراضي اللبنانية، وأن يكون مسجّلاً في سجلات مديرية شؤون اللاجئين التابعة لوزارة الداخلية.
Read more...

النقل العام: طوق نجاة للبيئة الحضرية

Published in لبنان

أن يتوفّر الانتقال بين مكانَي الإقامة والعمل بيُسر وكلفة معقولة لكافة فئات المجتمع فهو مؤشّر يشفّ عن عدالة هذا المجتمع وحساسيته لمتطلبات معيشية أساسية لجميع أفراده. ولكن أين هي تلك الحساسية في مجتمع يتولى أمره ثلة من أصحاب المليارات لا تحتمل مخيلتهم مثل هذه المسائل!؟في نطاق بيروت الحضري وعلى صعيد النقل اليومي، يتنقّل ثمانون في المئة (80%) من الأشخاص عبر السيارة الخاصة وثلاثة عشر في المئة (13%) عبر الحافلات (الفانات والباصات) وسبعة في المئة (7%) عبر سيارات السرفيس والتاكسي. أما نسبة المتنقلين عبر الدراجات الهوائية والمشي (لغير هدف الرياضة اليومية أو الترفيه) فتكاد تنعدم بسبب فقر البنى التحتية المطلوبة لتيسير هذه الوسائط الحيوية والمستدامة للنقل. وبمثل هذه التقسيمة بين الوسائط المختلفة للنقل في مدينة كبيروت، حيث تتركّز مراكز الأعمال والسكن بمناطق محدّدة وتنحصر الطاقة الاستيعابية لشبكة الطرق (بسبب أوضاع تشغيلية هزيلة وظروف موضوعية تفرضها تضاريس المدينة وانحصارها المكاني) تكون النتيجة الحتمية هي الاختناقات المرورية المتفاقمة مع الوقت وما يرافقها من تلوّث بيئي وصخب سمعي وهدر لموارد بشرية ومادية عديدة. وما يفاقم الوضع أنّ معدل إشغال السيارات الخاصة يتدنّى لراكبٍ واحد (السائق) بالسيارة في أغلب رحلات الانتقال اليومي من وإلى أماكن العمل في ساعات الذروة الصباحية والمسائية. عدا عن كونه معزّزاً لثقافة الفردانية وعدم المشاركة، ينتج عن هذا السلوك المنتشر بين مالكي السيارات الخاصة كلفة اقتصادية باهظة، بما فيها التأخير والتلوّث وكلفة المواقف والصيانة من بين تكاليف عديدة أخرى. ومع تركز الوظائف والأعمال في مدينة بيروت ونطاقها الحضري، تتركّز مشكلة الازدحام على مداخل المدينة في ساعات الذروة الصباحية والمسائية. ويفاقم الوضع غلاء كلفة السكن داخل بيروت، بما يسبّب التمدّد العمراني المستمر في الضواحي بحيث تتبعثر مراكز جذب الرحلات اليومية وتنتشر أفقيّاً والذي يؤدّي بدوره لزيادة عدد الرحلات على شبكة النقل. في المفهوم المتقادم (اقرأ المتهالك) لحلول الازدحام المروري تسود مقاربة توسيع المساحات المخصصة للسيارات بما يشمل توسعة الطرق والتقاطعات وإقامة طرق وجسور جديدة. وقد أثبتت التجربة عبر مدن العالم أنّ كل توسعة طرق تستجلب ازدحامها المتناسب طرداً مع حجمها. وتكون المحصّلة النهائية لهذه الحلول الباهظة الكلفة الازدحام المتزايد، وصولاً إلى الإغلاق الشبكي العظيم (Grid lock) واقتطاع ساعات طويلة من الحياة اليومية في محبس السيارة الانفرادي. وتوثّق الأبحاث الاكاديمية والمهنية في الموضوع هذه الحقيقة بشواهد متكررة عبر مدن العالم. أمّا ما يثبت في البحث الأكادميي والتطبيق العملي كحل حاسم لهذه المشكلة فهو تعزيز وسائل النقل العام بدوره الحاسم في تأمين نقل حضري سلس وحيوي لاشتغال أي مدينة واستدامة حياتها اليومية. إذأً، الحل الجذري للاختناق المروري في بيروت معروف تماماً لدى جميع الأطراف المتابعة للموضوع. إنه النقل العام المتكامل والمتطور في مستوى خدمته وتشغيله وتغطيته المكانية والزمانية وموثوقيته في الانتقال اليومي، وهو يشمل الحافلات الكهربائية الحديثة وحافلات النقل السريع بالمسارات المخصصة والترام والترام-باص وغيرها من تقنيات حديثة ووسائل أخرى عديدة. ومن الملاحظ أنّ بعض صناع القرار على المستويات المتقدمة (نواب ووزراء) لا يزالون غير مدركين لحساسية المسألة ويرونها بالمنظار التقليدي القديم الداعي إلى توسعة الطرق للسيارات الخاصة. وليس هذا بالجهل البريء عند من يفترض اطلاعهم على أبسط أشكال الحياة في مدن العالم (القريب والبعيد). والمرجّح أنّ هذا الجهل مقصودٌ كرمى لأصحاب مصالح مالية كبرى تشمل ولا تقتصر على لوبيات مستوردي السيارات ومقاولي الأشغال المؤبدة على شبكة الطرق المنكوبة. أما أننا في زمن الانتفاضة المجيد.. فهلمّ إلى الدفع بالحلول الجذرية القادرة على جمعنا على متن مركب واحد، حلّاً واحداً وأخيراً!
Read more...

عامر الفاخوري.. عمالة يُزيّنها الإجرام

Published in رأي

مضى على عودة العميل عامر الفاخوري الوقحة، عبر مطار بيروت الدولي، أكثر من شهرين. وكشفت هذه العودة أنّ هناك جهات نافذة داخل أجهزة الدولة ومؤسساتها مهّدت له الطريق لعودة آمنة مطمئنة، وهو العميل الخائن للوطن لصالح العدو الصهيوني، والمعروف بجزّار معتقل الخيام لما ارتكبه من جرائم موصوفة بحقّ أبناء الوطن ممّن دخلوا إلى المعتقل بتهمة ممارسة حقهم الطبيعي بمواجهة قوات الاحتلال وعملائه. فكيف لهذا المجرم الذي يدرك جسامة ما ارتكبه خلال مدّة تعامله الطويلة مع الاحتلال أنْ يطمئنَّ لعودته بهذه السهولة لو لم يكن هناك من جهات تمتلك قراراً قويّاً داخل مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية؟!فمن هي تلك الجهات؟ وهل ما قامت به يُصنّف في خانة الجهل والخطأ؟ أم أنّها جزءٌ من مشروع الخيانة الأخطر داخل جسم الدولة؟ هذا السؤال سنبقيه بِرسم الرجال الوطنيين الذين يحظون بثقتنا كأسرى محرّرين وكأحرار في هذا الوطن، مدركينَ أنّ معركتنا مع العدو الصهيوني ما زالت طويلة ولم تنتهِ بعد.بيّنت المعلومات التي كشفتها الأشهر القليلة الماضية أنّ الفاخوري هو العميل رقم 203 من عدد العملاء الذين عادوا بنفس الطريقة إلى لبنان، من دون أن يتعرّض لأي مساءلة أو متابعة إلّا عددٌ قليل منهم. وتبيّن بعد توقيف الفاخوري أنهم تواروا عن الأنظار، أو أنّهم غادروا البلاد مجدّداً خوفاً من أن يلحقهم ما لحق بالعميل الفاخوري، كونهم شركاء فعليين في جرائمه. وعلى الرغم من الدور الاستثنائي الذي لعبه أحد عناصر الأمن العام في المطار بيقظته الوطنية لكشف عودة جزار الخيام، إلّا أنّ عوامل أخرى ساهمت على ما يبدو وسهّلت توقيف الفاخوري وانكشاف أمره، بخلاف العملاء الـ 202 الآخرين. ومن هذه العوامل أنّ الفاخوري، الذي يحمل جواز سفر إسرائيلي، كان يحاول تجديد جواز سفره اللبناني من السفارة اللبنانية في واشنطن، وعندما تأخر الردّ عليه، تواقح ربما وبزلّة لسانٍ أو عجرفة معروفاً بها، أنّه لن يحتاج إلى جواز سفر لبناني لأنّه خلال عام من ذلك التاريخ سيكون بحوزته جواز سفر أميركي سيخوّله دخول لبنان دون أي عائق. وقد شكّل تسجيل هذه المعلومة من قبل العين الساهرة لدى الأمن العام إلى جانب اسم الفاخوري المُسقط أصلاً من البرقية 303 الخاصة بمتابعة العملاء طرف الخيط الذي أوقعه في شباك القضاء اللبناني، العسكري والمدني، بعد أن تقدّم عدد من الأسرى المحررين وعبر لجنة من المحامين بدعاوٍ شخصية ضد الفاخوري، وقدّموا شهاداتٍ حية عن معاناتهم وآلامهم الجسدية والنفسية من جرّاء ممارساته الوحشية تجاههم بصفته المسؤول الأول عن قسم الحراسات في معتقل الخيام، قبل إغلاقه واندحار قوات الاحتلال الصهيوني عن الجنوب عام 2000، ومسؤوليته المباشرة عن تعذيب وإخفاء العديد من المقاومين الأسرى وعلى رأسهم الأسير علي حمزة الذي ما زالت آثاره مجهولة حتى الآن. إنّ تسليم ملف العميل الفاخوري للقضاء اللبناني من قبل الأسرى المحررين وهيئة ممثليهم، وتحرّكاتهم أمام قصر العدل، والمحكمة العسكرية في بيروت ومناطق أخرى، يأتي ضمن قناعاتهم التزام القانون والقضاء العادل المنتظر منه إنصافهم وأخذ حقهم ممّن عذّبهم ونكّل بهم وبعائلاتهم، واستخدم أقذر الأدوات غير الإنسانية ضدهم كأسرى مقاومين لإيذائهم ماديّاً ومعنويّاً. إلّا أنّ شكوكاً كبيرة بدأت تحوم حول جدّية القضاء واستقلاليته في متابعة هذا الملف والوصول إلى خواتيمه بالسرعة اللازمة، لا سيّما بعد تكرار عمليات التأجيل لجلسات التحقيق التي كانت مُقرّرة للعميل الفاخوري في قصر عدل النبطية، حيث قدّم عدد من الأسرى المحررين وعلى رأسهم المناضلة سهى بشارة دعاوى خاصة بحق الفاخوري.وقد عبّر الأسرى المحررون في أكثر من تجمع أقاموه أمام قصر عدل النبطية، عن قلقهم من الطريقة غير المسؤولة لتعاطي القضاء مع هذا الملف، والمماطلة فيه، والأخذ بأسباب تمارض الفاخوري لتأجيل إحضاره أكثر من مرة مخْفوراً إلى المحكمة من دون الأخذ بعين الاعتبار مساحة الألم المختزَنة في أجساد وأرواح هؤلاء المعذبين على أيدي جزار الخيام، وثقل الزمن المنتظر منذ فترة طويلة الذي سيُحقّق لهم شيئاً من العدل، واستعادة الكرامة، وتحصين وطنهم من لوثة العمالة وقطع دابرها. إنّ تخوّف الأسرى وقلقهم يعزّزه معرفتهم الأكيدة بحجم الضغط الذي يمارس على القضاء داخليّاً وخارجيّاً، والمحاولات المتكرّرة لاستلابه دوره ومكانته لمصالح سياسية وحسابات بعيدة كل البعد عن الحق والمصلحة الوطنية. كما أنّ الأحكام السابقة الشكلية في معظمها بحق العملاء والتساهل الكبير معهم، يدفع الأسرى المحررين وإلى جانبهم أحرار هذا الوطن ومقاوميه للبقاء على أهبة الاستعداد من أجل أن يأخذ القضاء مجره وبالسرعة الممكنة للاقتصاص من هذا الجزاء وأمثاله، وإنزال حكم الإعدام الذي يستحقه بعد كل الجرائم التي ارتكبها، وضمان عدم التدخل المشبوه في هذا الملف لا سيّما من السفارة الأميركية، محذّرين من أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي تجاه أي جهة تحاول الاستهتار بآلامهم وجراحهم ودماء المقاومين الشهداء الذين سقطوا على أيدي الجلادين العملاء وعلى رأسهم الفاخوري، ومؤكدّين أنّ الثقة الممنوحة للقضاء اليوم هي على المحك، لا سيّما في زمن انتفاضة الشعب اللبناني الذي يطالب بالتغيير الجدي بطبيعة النظام، ومحاربة الفاسدين قي مؤسسات الدولة، وبناء قضاء نزيه مستقل يكون الفصل بين العدل والظلم، ويعيد الاطمئنان لكل صاحب حق في بلدنا. آملين أن يكون الموعد الثالث الذي حُدّد في الخامس من كانون الأول المقبل هو الموعد الأخير لبدء المحاكمة الحقيقية لهذا الخائن. إن نزول معظم الأسرى المحررين للشارع إلى جانب أبناء شعبهم المنتفض لرفع الصوت وانتزاع الحقوق والمطالب المرفوعة، يثبت استعدادهم الكامل، مرة أخرى، لاستكمال عملية التحرّر الوطني ومقاومة الاحتلال التي كانوا من صُنّاعها، بعملية التحرر الديمقراطي والاجتماعي على المستوى الوطني.
Read more...

مصر ولبنان والعراق: انتفاضات شعبية متشابهة؟

Published in عربي دولي

الشعوب العربية ليست على ما يرام. الحروب والاحتلال والاستغلال الطبقي والفقر والبطالة والتهجير والقتل والإرهاب والعقوبات والمذهبة والأصولية والقمع والاستبداد تلاحقها من كل صوب. منطقة تختزن ثروات نفطية هائلة، وموارد بشرية وأراضٍ ومساحات ومضائق وممرات وموقع جغرافي تكفي أن تصنع منها قطباً دوليّاً صاعداً لديه ما يكفي من الموارد والإنتاج لتأمين الأمن الاجتماعي والسياسي، وفرص العمل والتعليم والصحة والسكن والاستقرار لكل أبنائها. لكن، هيهات. كما كل التناقضات التي لا تجد حلولاً لها، لا بدّ لتلك الأزمة أن تنفجر، وأن تنعكس انتفاضات شعبية مستمرة على هذا الواقع المزري، وهذا ما يحصل اليوم. تعيش العديد من دول المنطقة موجةً جديدةً من انتفاضات الغضب الشعبي التي تأتي كردة فعل على الواقع المعيشي الحالك. ها هم الملايين ينزلون إلى شوارع مصر والعراق ولبنان والسودان والأردن والجزائر وغيرها لا لشيء إلّا للتعبير عن ذاك الألم والشعور بالمهانة والذلة وانتقاص الكرامة من هذا الواقع. انتفاضات لا زال يحكمها إجمالاً الطابع العفوي والشعبوي والقائم على رد الفعل و"فشة الخلق"، لكنّه أيضاً يحمل في طياته تعبيراً صارخاً عن الحاجة الماسة والتاريخية لإحداث تغيير جذري تقدمي على امتداد دول منطقتنا. مصر أمّ الدنيا التي كانت بوصلة المنطقة ورافعة العمل السياسي فيها، صارت مصر التي تنتظر صندوق النقد الدولي كي يمنّ عليها بقروض ميّسرة مقابل حزمة من الشروط و"الإصلاحات". مصر التي كانت محور الصراع مع العدو الصهيوني لعقود، صارت مصر التي تحاصر غزّة، والتي تتمنى على أثيوبيا أن لا تقطع عنها مياه النيل. حكمها "مبارك"، نيابةً عن المؤسسة العسكرية طويلاً، ومن بعده حاول أن يحكمها "مرسي" والإخوان، لكنّ مصر انتفضت على الأول وقاومت قمعه بالحديد والنار، ثم خرجت على الثاني فأقصته دون تردد، لينتهي بها الأمر بالنظام الجديد - القديم عبر حكم السيسي نيابةً عن المؤسسة العسكرية مجدداً. حملةٌ من الوعود الرنانة والأحلام الوردية رافقت حكمه، وكذلك رافقته ممارسات متجدّدة من كمّ الأفواه وترويض المعارضة وإسكات أي صوت منتقد، وتم الإمساك بالإعلام تماماً. 60 ألف مواطن مصري على لوائح الإرهابيين المطلوبين للدولة بينهم شيوعيون ويساريون تهمتهم أنهم... إخوان! هرول النظام نحو الصناديق المانحة، فهو يريد المال لإطلاق بعض المشاريع وإيهام الناس أنّ الوضع على ما يرام، وأن الأزمة أخيراً وجدت حلّها. المال الخليجي أتى بوفرةٍ، وبشروط سياسية منها ما هو مرتبط بالحرب على اليمن ومنها أو بالتنازل عن سيادة البلاد عن جزرها تيران وصنافير في البحر الأحمر. مال صندوق النقد الدولي أتى منه 12 مليار دولار، ومعه حزمه من الشروط، هي نفسها التي يطرحها علينا مهندسو "سيدر" اليوم في لبنان. في مصر، تحرير سعر الصرف، وتحرير أسعار المحروقات ورفع الدعم عنها، ورفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 14%، كانت من الوصفات الجاهزة لدى الصناديق، يرونها تصلح لكل زمان ومكان. سلطة تعمل في خدمة رأس المال المصري والدولي لم تتردد لحظةً. أطلقت نيران إصلاحاتها القاتلة على شعب يئنّ فقراً أصلاً. فكانت النتيجة تدهوراً حاداً في حياة المصريين رغم بعض التحسنات الشكلية التي طرأت على أرقام الموازنة ومؤشرات الاقتصاد الكلي. لكنّ الاقتصاد الذي يعني الناس هو اقتصاد توزّع الثروة، وهو حال الطبقة الوسطى والفقيرة التي تدفع دوماً ثمن هذه السياسات لتضخ الثروة من جيوبها إلى جيوب الأغنياء. 100 مليون مصري يعيش 33% منهم الآن في حالة فقر مدقع حيث يعيشون بأقل من 48$ شهريّاً بحسب أرقام المؤسسات الإحصائية الرسمية، فيما تقدر جهات دولية وصول نسبة الفقر عموماً إلى حوالي 60% أي 60 مليون مواطن مصري. لم تعد الأكاذيب تجدي نفعاً، ولا أبواق السلطة وإعلاميوها. الناس الموجوعة سوف تخرج على الحاكم، سواء أعجب ذلك المفتين والضباط أو لم يعجبهم. إرهاصات أولى ظهرت في مصر في الأسابيع الماضية، ولا شكّ أن حاجز الخوف والترهيب يكسر من جديد، ولعلّ الشارع يريد أن يعلي صوته ليقول أن لا صوت يعلو فوق صوت الجماهير، وأن حلم المصريين أن تعود مصر رافعةً للعمل الوطني كما للتغيير المنتظر. لبنان مختبر آخر لسياسات اللبرلة وضرب القطاعات المنتجة والاستدانة من أجل تمويل حاجات الخزينة التي يذهب جزء كبير منها سرقة لمصلحة أرباب السلطة. لبنان "عايش بالدين"، لكنّ هذه الوصفة لها حدودها التي لا بدّ ولا مجال إلا أن تنفجر إذا لم تكن الاستدانة من أجل التنمية والاستثمار والإنتاج. وبالفعل، ها هي تنفجر اليوم. لقد أدى اتفاق الطائف الذي عقد بتسوية سورية سعودية أميركية إلى إرساء معادلة جديدة في تقاسم السلطة، والتي قادها الثلاثي المستقبل وأمل والاشتراكي. ولتسهيل سيطرتهم كان لا بد من إقصاء المعارضة وإسكات صوتها ومصادرة النقابات عبر التزوير في الاتحاد العمالي العام، وصولاً إلى السطوة الأمنية وشراء الذمم. انهارت التسوية القديمة عام 2005، ثم أنتجت تسوية جديدة في العام 2007 أدت إلى تحويل ثلاثي الحكم إلى سداسي مع دخول القوات اللبنانية وحزب الله والتيار الوطني الحر بشكل فعال إلى جنّة الحكم وبقرته الحلوب، وبشكل أساسي بينهم التيار الوطني الحرّ. تغيرات كثيرة حصلت في الوجوه والأسماء والقيادات والأحزاب الحاكمة، لكن المضمون ظلّ واحداً. نموذج اقتصادي ريعي يقوم على الاستدانة لتمويل العجز، ويضع مقدرات الدولة كلها في خدمة مصالح رأس المال الريعي من مصارف وشركات عقارية كبرى وغيرها. ووسط هذا النموذج، تحول زعماء الميليشيات الذين ربحوا الحرب وركّبوا التسويات إلى رأس مال جديدٍ طفيلي قام على حساب المال العام فراكم مليارات الدولارات من النهب المنظم لخزينة الدولة وصناديقها ومشاريعها وتلزيماتها. تركز التحالف بشكل صلب ومتين بين رأس المال الريعي المتأصل وبين رأس المال الطفيلي الصاعد، فأنتجوا نظامنا اللبناني المستمر حتى اليوم. انتصارات جبارة تاريخية يسطّرها الشعب اللبناني في المقاومة ضد الاحتلال، ترافقها هزائم نكراء أمام نظام الاستغلال الرأسمالي. عمقت سياسات الأحزاب الحاكمة الفروقات الطبقية بشكل صارخ بين اللبنانيين، وبفضل النموذج الريعي صار 1% من الحسابات المصرفية يستحوذ على أكثر من نصف الودائع، أي على ما يقارب 90 مليار دولار، فيما اللبنانيون يكافحون صبح مساء لتأمين مسكن يأويهم ومدرسة لأولادهم ومستشفى لأهلهم، وبالكاد يجدونها. كما في مصر، 35% من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، ومليون لبناني هاجر دون عودة خلال العقود الثلاثة الأخيرة بحيث من الصعوبة أن تجد بيتاً في لبنان لم يهاجر منه أحد أبنائه إلى أربع جهات الأرض بحثاً عن الأمل والخبز والكرامة. هذا هو نظام المذلة والإفقار، نظام السرطنة والقتل البطيء، نظام الاستغلال الطبقي والتهميش الاجتماعي، نظام الانهيار الاقتصادي الحتمي الذي لا إنقاذ منه إلا بالتغيير الجذري الشامل لهذه السلطة، ونظامها، وأحزابها الحاكمة. العراق ليس الجحيم، حتماً. لكن بالنسبة لفقرائه الذين لم يروا إلا القتل والحصار والقهر والاستغلال والقمع منذ عقود حتى اليوم، قد يكون يبدو لهم كذلك. فبعد عقود من الاستبداد الوحشي تحت حكم النظام السابق، والعقوبات الدولية التي قتلت مرضى العراق وأطفاله جوعاً ومرضاً، جاءت الحرب وجاء الاحتلال الأميركي المدعوم من أساطيل دول حلف شمال الأطلسي لتترك وراءها مئات آلاف القتلى وبلداً منهكاً ومدمّراً. ضربوا المثال سابقاً بـ"خراب البصرة"، وربما صار اليوم واجباً تعديل المثل الشعبي واستبداله بـ"خراب العراق". اليانكي الذي تخلى عن سياسات السيطرة الناعمة والنهب الرأسمالي المقونن وفق قواعد الامبريالية عاد إلى زمان الاحتلال المباشر وأحلّ جيشه وأمنه واستخباراته وفرق الموت الخاصة به على العراق منذ عام 2003. الآتون من الغرب ركّبوا نظاماً جديداً بالتعاون والتضامن مع أهل الشرق. تسوية أميركية إيرانية أفضت إلى إنتاج نظام "ملبنن"، يقسم العراق مذاهب وأقاليم وقوميات ليضع الكل بمواجهة الكل، كي تسهل السيطرة والتحكم. صار لكل منطقة ولكل حزب مذهبي ميليشياته، واتفق الجميع على ضرب بنية الدولة وعدم السماح بقيام جيش عراقي وطني، وإضعاف مؤسساتها ووضع مقدراتها في خدمة الفساد والمحاصصة والنهب المنظم الداخلي والخارجي. ذلك استمر حتى اليوم ليضرب أي امكانية لقيامة العراق، ولحقوق شعبه في ثرواته. منذ سنوات طويلة عاد إنتاج البترول العراقي كي يكون من الدول الأكثر إنتاجاً في العالم، لكن أين مال النفط العراقي؟ حتماً لن تجده في جيوب مواطنيه، ما خلا القلّة الحاكمة الفاسدة التي راكمت عشرات المليارات من الدولارات في حساباتها الخاصة فيما شعبها لا يجد القوت في بيته. خرج شعب العراق اليوم شاهراً سيفه. إنتاج نفطي هائل وأموال تفوق 60 مليار دولار سنوياً من عائداته، فيما الكهرباء لا زالت غير موجودة حتى اليوم، والبطالة في أوجّها، والفقر يقضّ مضاجع الملايين المنهوبين. البلاد في حالة صراع سياسي مستمر، والتوظيف السياسي لأي تحرك هو أمر متوقع خاصة في ظل الحرب الشعواء التي تخوضها الولايات المتحدة ضد إيران والقوى المتحالفة معها، لكن العبرة تكمن، بجميع الأحوال، في أنّ هذا النظام بكل مكوناته قد جلب الفوضى واللاستقرار، وأمن شروط النهب المنظم، وكرس الاستغلال وعمّق الانقسام، وأنتج رأسماليةً طفيلية تختزن عشرات المليارات من المال العام فيما البؤساء مهمشون على قارعة الحياة. خرجت الانتفاضات الشعبية، كردة فعل طبيعية متوقعة على هذا الحال، وهو أسوأ الأحوال. إنّ الصرخةٌ في وجه الظلم والهيمنة والنهب والفساد والاستغلال، سوف تجد الكثيرين ممّن يريدون استثمارها أو تحويرها أو خنقها في مهدها، لكن هل لها أن ترى من يسمعها ويلاقيها ليحمل لواءها؟ تتشابه المعطيات والظروف على امتداد منطقتنا، كما الوضع في مصر ولبنان والعراق، حيث تجثم على صدور الشعوب أنظمة تقوم بحماية النهب والاستغلال الداخلي والخارجي، لتبني قصوراً من ذهب، وحسابات مصرفية من 9 أصفار، على حساب الملايين الذين يئنّون ألماً ومهانةً ومذلّة. انتفاضة الفئات المهمّشة والمستغَلّة في كل البلدان العربية، التي نراها اليوم وتلك الآتية في المستقبل، هي النتيجة المنطقية والحتمية لهذا الوضع القائم، ولن يكون حلّها إلا في التغيير الجذري والشامل لواقعنا السياسي الراهن، وهذا هو الدور المأمول من قوى التغيير والتقدّم والتحرّر.
Read more...

عامٌ دراسي مأزوم... والوزير يجمع "القروش"

Published in متفرقات

ها هو العام الدراسي يطلّ على اللبنانيين بأزماته المتعدّدة والمتكرّرة لينذرنا بتفاقمها عاماً بعد عام. فحال القضايا التربوية في لبنان ليس بمنأى عن أزمات البلد، إذ بات وضع القطاع التربوي مشابهاً لأوضاع كافة الملفات والقضايا الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن سياسات الحكومات المتعاقبة وغياب الخطط الإصلاحية والجديّة في محاربة الهدر والفساد والمحسوبيات.
Read more...

إنصاف الفاخوري.. إعدامه مرتين

Published in لبنان

عشية الذكرى السابعة والثلاثين لانطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول)، ضجّت الساحة الوطنية بخبر دخول جزار معتقل الخيام، العميل عامر إلياس الفاخوري، إلى الأراضي اللبنانية عبر مطار بيروت الدولي، وبجواز سفر أميركي، وهو الذي شغل منصب مسؤول وحدات الحراسة العسكرية في المعتقل، ورُقّيَ إلى رتبة رائد في العمالة والإجرام من أسياده الصهاينة، تقديراً له على ممارساته غير الإنسانية والوحشية تجاه أبناء وطنه الذي خانه لصالح عدوّ اغتصبَ أرضه أكثر من مرة، وشرّد أهله إلى أكثر من مكان.
Read more...

سهى بشارة عن العميل الفاخوري: المفروض مقاربة ملفه كإسرائيلي

Published in لبنان

لكن الحدث الوحيد الذي أذكره من خلاله هو حين استشهد هيثم دباجة من بيت جبيل سنة 1995 (على ما أعتقد). فقد عشت تجربة سماعه يلفظ أنفاسه الأخيرة عبر الجدران. 
كنت يومها في السجن الانفرادي في القسم النسائي وهو كان في سجن رقم 4، وبدأ يصرخ نتيجة الألم بسبب مرضه. فراح السجن بكامل معتقليه يصرخ طلباً لممرّض. وما كان حينها من الشرطي إلّا ان يردّ عليه قائلاً: سدّ بوزك يا كلب. 

Read more...

فشل النظام المستمر... الكهرباء نموذجاً

Published in لبنان

جال مندوب جباية شركة الكهرباء على إحدى القرى ذات صباح وبدل أن يحمل فاتورة كهرباء للمنازل، حمل أوراقاً تضمنت إنذارات بالدفع. تفحّص ساكنو المنازل تلك الإنذارات، وإذا بها لا تحمل تاريخاً معيّناً، بل تضمّنت مبالغَ مالية يتوجب على المواطنين دفعها تحت طائلة الملاحقة القانونية.
Read more...

أهكذا سيكون المشهد؟

Published in فلسطين

ليس بعيداً عن الحدود المصطنعة التي زرعها المستعمر، تقع بلدة صلحة المحتلة (مستعمرة أفيفيم). لا فرق هنا إنْ كانت لبنانية أو فلسطينية، طالما أنّها تتبع مباشرة بعبارة "محتلة". وهذا يعني أنّ واجب تحريرها لا يعترف بالتبعية "السايكس-بيكية" (نسبةً لمعاهدة سايكس-بيكو) لها.
Read more...

العدوان شامل: ماذا عن المواجهة؟

Published in لبنان

مشهدان تصدّرا واجهة الأحداث في لبنان خلال الأيام القليلة الماضية: الأول، العملية التي نفّذتها المقاومة في مستعمرة "أفيفيم"، والثاني، العقوبات الأميركية على لبنان، وبالتحديد على القطاع المصرفي. قد لا يبدو، أقلّه بالشكل، أنّ ثمة ترابطاً بين الحدثين، لكن، في الجوهر، يكاد يكون الاستهداف واحداً والمعركة واحدة، ومن خلال مخطّط مدروس الخطوات ومعلوم الأهداف؛ هو قرار متخذ من قبل دوائر "البيت الأسود" لمحاصرة لبنان ولضرب بنيته الاقتصادية والاجتماعية، وبالتحديد منها، البنية التي تحمي خيار المقاومة فيه وفي المنطقة والمجاهرة بذلك.

Read more...
Subscribe to this RSS feed