الرئيس الكوبي: أثبتنا من جديد أنّ الأممية والتعاون الدولي هما الدواء الأكثر فعّالية لمواجهة "كورونا"

  بوابة الهدف
عربي دولي
جدّد رئيس جمهورية كوبا ميغيل ديازكانيل بيرموديز، يوم الاثنين، التأكيد على دعم بلاده وتضامنها "مع الثورة البوليفارية والوحدة الأهلية-العسكرية التي يدافع عنها الشعب الفنزويلي الباسل، وكذلك على إرادتنا في مواصلة تقديم التعاون فيما بيننا".

خلال مداخلته في القمة الثامنة عشرة لـِ"التحالف البوليفاري لشعوب أمريكانا"-(ألبا-معاهدة التجارة بين الشعوب)، قدّم بيرموديز الشكر "لجمهورية فنزويلا البوليفارية الشقيقة على إتاحة فرصة اجتماعنا لإحياء هذه القمة الثامنة عشرة لـ "التحالف البوليفاري لشعوب أمريكانا"-(ألبا-معاهدة التجارة بين الشعوب) وإحياء الذكرى السادسة عشرة لتأسيسه من قبل كل من القائد العام فيدل كاسترو روز والرئيس هوغو تشافيز فريّاس، واليوم نفعل ذلك بهذه الطريقة الافتراضية التي تفرضها علينا جائحة فيروس كورونا وإجراءات السلامة الصحية التي تجبرنا على تطبيقها في كل واحد من بلداننا".

وعبَّر بيرموديز عن "تعازيه الصادقة والعميقة لشعوب وحكومات نيكاراغوا وغيرها من البلدان الشقيقة في أمريكا الوسطى المتضررة مؤخرًا من الإعصارات المدمّرة، ونعرب عن ألمنا الشديد للأضرار الناجمة ونجدد التأكيد لها على تضامننا الصادق".

وأكَّد على دعم بلاده الثابت "للشعب النيكاراغوي الشقيق الذي دافع بكرامة، في ظل قيادة "الجبهة الساندينية للتحرر الوطني وأمرة الكومندان دانييل أورتيغا سافيدرا، عن الإنجازات البارزة المحرزة خلال السنوات الأخيرة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، بالرغم من تهديدات وعقوبات حكومة الولايات المتحدة وتحركاتها التدخليّة. بإمكان وطن ساندينو أن يعتدّ، في كل لحظة وظرف، بصداقة والتزام الشعب الكوبي وثورته غير المشروطين".

كما عبَّر عن سعادته "لانضمام دولة بوليفيا متعددة القوميّات مجدداً إلى هذا التحالف ممثلةً برئيسها، الرفيق لويس آرسي، الذي أجدد التأكيد له على تهنئتنا، كما للرفيق دافيد تشوكيهوانكا، الذي كان حتى وقت ليس ببعيد السكرتير التنفيذي لتحالف "ألبا"، على انتصار "الحركة نحو الاشتراكية-الأداة السياسية من أجل سيادة الشعوب" الباهر".

وقال بيرموديز إنّ "القمة السابقة، المنعقدة في 14 كانون الأول/ديسمبر 2019، أعلن فيها التحالف بوضوح مطلق وقاطع إدانته للانقلاب على حكومة الرفيق إيفو موراليس أيما الشرعية، الذي يعبّر على نحو لا لُبس فيه عن استراتيجية الولايات المتحدة الإمبريالية، الرامية لتقويض حق شعوبنا بتقرير مصيرها خدمةً لغاياتها في الهيمنة والتوسُّع، ومن جديد، يشهد التاريخ للشعب البوليفي على استئنافه لمسيرة بناء مجتمع أكثر عدالة وجمعاً وإنسانيّة، هذا الشعب نفسه احتفى ببهجة بعودة الرفيق إيفو موراليس إلى وطنه، مما ملأنا سعادة وأمل، وعلى ذات النحو، الفوز الباهر الذي حققه "القُطب الوطني العظيم" في الانتخابات التشريعية، التي أجريت في السادس من كانون الأول/ ديسمبر الجاري في فنزويلا، يعكس الدعم الشعبي للعملية الثورية البوليفارية والتشافيزية، بقيادة الرفيق نيكولاس مادورو، ويوجّه ضربة قاسية لاستراتيجية زعزعة الاستقرار التي تتبعها الإمبريالية واليمين الإقليمي والدولي ضد هذا البلد الشقيق".

كما هنأ بيرموديز "لرئيسي وزراء كل من ساينت فيسينت ولاس غراينادين وسان كريستوبال ونيفيس، رالف غونسالفيس وتيموتي هارّيس، على التوالي، على فوز كل منهما في الانتخابات العامة وإعادة انتخابهما رئيسا حكومة. لقد عشنا سنة بالغة التعقيد ومليئة بالتحدّيات، فقد أجبرتنا جائحة "كوفيد-19" على تطوير آليات للتكيف مع واقع جديد يفرض تحدّيات هائلة على أنظمتنا الصحية واقتصاداتنا، والتي تستلزم حلولاً ورؤى خلاّقة تؤازر التعاون والتضامن، سواء كان داخل بلداننا أو على المستويين الإقليمي والدولي، وفي خضم أزمة عميقة متعددة الأبعاد، يحتاج فيها الأمر لتعاون عالمي أكثر من أي وقت مضى، لاحظنا كيف أن أغنى البلدان الغربية قد سعت لأن تحتكر الوسائل الضروريَّة لمكافحة المرض، وفي لحظة يبات فيها لزاماً تبادل المعلومات والمعارف العلميّة، وكذلك مساندة منظمة الصحة العالمية، تنتقص الولايات المتحدة من مصداقية هذه المنظمة وتحاربها، في وقت تستغلّ فيه المساعدات البيروسيّة التي تقدّمها، وذلك استناداً منها إلى منطلقات سياسية أنانيّة، في وقت تتعرّض فيه أرواح ملايين البشر في العالم للخطر".

وأكَّد بيرموديز أنّ "العواقب الاقتصادية والاجتماعية للجائحة هي أشد حدة بعد بالنسبة للبلدان النامية، ما دامت مواردها وقدراتها المتوفرة لمواجهة هذا الوضع محدودة، وبينما هي تجرّ من الماضي تشوُّهات هيكلية وتبعيّة اقتصاديّة مردُّها النظام العالمي الجائر السائد، وفي وقتٍ يكون فيه التضامن أشد ضرورة وإلحاحاً، تعود للنشوء نزاعات وتتفاقم الأنانيّة، وذلك في إطار أثبتت فيه النماذج التي تعطي الأولوية للسوق وليس للإنسان عجزها عن التعامل بشكل فعّال مع وضع أزمة صحية واجتماعية-اقتصادية كونيَّة، ووسط الوضع الدولي المعقّد الناجم عن "كوفيد-19"، وبالرغم من حملات حكومة دونالد ترامب ضد التعاون الطبي الذي تعرضه كوبا والتشديد الحادّ للحصار الاقتصادي والتجاري والمالي، نثبت من جديد أن الأممية والتعاون الدولي هما الدواء الأكثر فعّالية لمواجهة الجائحة، ولقد تقاسمت كوبا خبرتها في التعامل مع الأوبئة، فأرسلنا 53 فرقة طبيّة إلى 39 بلداً من أجل التعاون في أعمال مواجهة "كوفيد-19" والوقاية منه، شارك فيها أكثر من ثلاثة آلاف مهني وفني في مجال الصحة، والذين أنقذوا آلاف الأرواح، وهم يجسّدون قول مارتيه المأثور بأن "الوطن هو الإنسانية". الإيثاريّة والنزاهة اللتان أظهرهما الأطباء والفنيون الكوبيون في مجال الصحة في مواجهة الجائحة جعلتاهم يستحقون احترام وتقدير كل واحد من هذه الشعوب، التي نشكرها من أعماق قلوبنا على ترحيبها الحار بأبطالنا ذوي المراييل البيضاء".

وقال إنّ كوبا أكَّدت على "استعداها الكامل لمواصلة توسيع التعاون في مجال الصحة العامة مع أعضاء "التحالف البوليفاري لشعوب أمريكانا"-(ألبا-معاهدة التجارة بين الشعوب)، والذي يُمكن أن يتركز في توفير الاستشارة المتعلّقة بالأوبئة وفي نقل الخبرات المكتسبة في مواجهة "كوفيد-19"، ونحن في بلدنا، تمكنّا من تحقيق نتائج إيجابية عبر رؤية طبية خاصّة تشمل الاستخدام السريري لأدوية بيوتكنولوجية مبتكرة أؤكد مجدداً على إرادتنا في تقاسمها مع بلدان التحالف، وتطوِّر كوبا بشكلٍ متسارع أربعة مشاريع لقاحات ضد الجائحة. ويقوم علماؤنا ببذل قصارى جهودهم لجعلها جاهزة في العام المُقبِل".

ورأى أنّ هذه القمة تنعقد "في خضم محاولات تبذلها الولايات المتحدة لإعادة فرض "عقيدة مونروي" التي تتعارض مع "إعلان أمريكا اللاتينية والكاريبي منطقة سلام"، ونجتمع في ظل تراكم وتشديد الإجراءات القسرية الأحادية، التي يتم تطبيقها بهدف خنق هذه البلدان اقتصاديّاً وإحداث مناخ من الاضطراب الداخلي يبرر التدخلات الخارجية ومغامرات انقلابية محتملة، ولقد شكلت كوبا وثورتها الاشتراكية هدفان أولويّان لسياسة الولايات المتحدة العدوانية هذه تجاه العمليات الثورية والتقدميّة في المنطقة. وقد أخذت هذه الاستراتيجية بالاتّضاح بقوّة عبر إجراءات المضايقة الاقتصادية والمالية ذات الأثر خارج حدودها. وفي الوقت نفسه، تسعى الإمبريالية والقطاعات المعادية لكوبا برعاية الحكومة الحالية، المشرفة على الرحيل، بشكلٍ يائس إلى الترويج للاضطراب الاجتماعي والسياسي في كوبا، وذلك من خلال تنظيم وتمويل وقيادة حملات أكاذيب وهمروجات إعلامية وأعمال تخريبية وغير مشروعة في بلدنا".

ولفت إلى أنّ هذا "ليس بأمرٍ جديد. رعاية حكومة الولايات المتحدة الحالية وتسامحها مع تنظيم وتحفيز أعمال إرهابية وتخريبية ومخلّة بالقانون ضد بلدنا انطلاقاً من أراضيها، ولا تفاجئنا الغطرسة والعنجهية التي يحاول دبلوماسيّوها بهما التدخّل في شؤوننا الداخليّة في انتهاك صريح لما تنص عليه معاهدة فيينا، وهي الأداة التي تحكم العلاقات الدبلوماسية بين الدول منذ عام 1961، ولقد شجب شعبنا بوضوح وبصورة قاطعة آخر المحاولات لفبركة تحركات حرب غير تقليدية، بمساعدة الشبكات الرقمية والصحافة الكبرى التي تعمل بخدمتها، من أجل التعجيل فيما يسمّى تغيير النظام وتدمير الثورة الكوبية".

وبيّن أنّ كوبا أثبتت "في مناسبات لا تعدّ ولا تُحصى على مدار تاريخنا بأننا لن نتراجع أمام أي ضغوط أو ابتزازات، وأن هذه الصيغ ليست فعّالة ولن تكون كذلك ضد شعب موحَّد، ذي قناعات عميقة، فخور بتقليده النضالي، ومدرك لمسؤوليته في الدّفاع عن سيادة واستقلال وطننا"، مُؤكدًا أنّ عقد "التحالف البوليفاري لشعوب أمريكانا"-(ألبا-معاهدة التجارة بين الشعوب) في العاشر من حزيران/ يونيو الماضي "المؤتمر رفيع المستوى حول الاقتصاد والمال والتجارة في ظل "كوفيد-19"، والذي تمخّض عن خطة عمل في زمن الجائحة وعرض مقترح لأجندة اقتصادية وتجارية ومالية لآليتنا التكاملية. من واجبنا أن نتقدّم في تطبيقهما بهدف تحقيق نتائج أكبر، وفي 29 حزيران/ يونيو 2020، عقد تحالفنا المجلس السياسي العشرين والمجلس الاقتصادي العاشر، مما سمح لنا باستعراض مشاريعنا الاستراتيجية ورسم مسارات عمل جديدة لتحقيق نتائج أكثر وأفضل، خلال مدة زمنية أقصر، ولهذا فإنه من خلال الحوار الأخوي والصريح سننسّق أفكاراً وتحركات ترسم خارطة طريق تسمح لنا بمواصلة التقدم في تحقيق أهدافنا نحو تعزيز التعاون والتضامن والوحدة والتكامل والدفاع عن السلام في المنطقة".

وشدّد بيرموديز في ختام كلمته، على أنّ "الكلمات التي قالها القائد العام فيدل كاسترو في حفل تشكيل الفرقة الأممية للأطباء الكوبيين "هنري ريف"، يمكنها تماماً أن تعكس مغزى "التحالف البوليفاري لشعوب أمريكانا" وتوجّهنا الاستراتيجي: "سوف نثبت بأن هناك ردّ على كثير من مآسي الكوكب. سوف نثبت بأنه يمكن للإنسان أن يكون أفضل ويجب أن يكون كذلك. سوف نثبت قيمة الوعي وقيمة الأخلاق".