الأحد، نيسان/أبريل 28، 2024

كلمة عضو المكتب السياسي في الحزب الرفيق أجود الجردي في "المؤتمر العالمي للشعوب والمعضلات الإنسانية" - جوهانسبورغ - جنوب أفريقيا

  ادارة الموقع
أخبار الحزب
أيها الرفيقات والرفاق، كل التضامن مع الشعب الفلسطيني في مواجهة الة القتل والاجرام الصهيوني، يحيا الشعب الفلسطيني… يحيا الشعب الفلسطيني

بداية لا بد من شكر القمة العالمية للشعوب معضلات الإنسانية على هذه الدعوة وشكر كل الرفيقات والرفاق المشاركين في المؤتمر

للاطلاع وتبادل الخبرات عن عمل الأحزاب الشيوعية والاشتراكية واليسارية  وسط الطبقة العاملة وكيف نستطيع أن نؤسس الى تنظيم العمل بين العمال والعاملات والمزارعين وكل الأجراء وذوي الدخل المحدود في القطاعين العام والخاص ووضع الخطط والبرامج انخراطها في النضال اليومي للدفاع عن مصالحها وتطورها وهذا يتطلب العمل وفهم الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لبلداننا وكيف نحولها من بلدان مستهلكة لفائض الإنتاج الرأسمالي إلى بلدان منتجة وضامنة مسار تطورها المستقل عن الامبريالية والتحرر من التبعية لها

لذلك تكتسب قضية التحرر الوطني والاجتماعي أولوية في عملنا

إن الوضع الذي وصلت إليه حركة التحرر الوطني العربية بعد فشل كل مكونات البرجوازية الكولونيالية التابعة التقليدية منها والمتجددة يلقى الضوء على الاستنتاج المنطقي والتاريخي ومفاده أن تحقيق التحرر الوطني في بلادنا لن يتحقق ما لم تستلم الطبقة العاملة وأحزابها دفة القيادة ضمن أوسع تحالف من الفئات السياسية والاجتماعية ذات المصلحة في التحرر الوطني والاجتماعي 

لذلك يضع الحزب الشيوعي اللبناني مهمة كسر آليات السيطرة أي تفكيك بنية علاقات الإنتاج  الراسمالية التابعة والبنية السياسية المتناسبة معها والمتمثلة بالصيغة الطائفية للحكم

إن بقاء بلادنا خاضعة للرأسمالية التابعة لم ينتج سوى التخلف الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والخروج من هذه  الأزمة لا يكون إلا بإنجاز التحرر الوطني الذي ينهي عملية الاستغلال التي تمارسها البرجوازية وينهي كذلك علاقة التبعية للامبريالية وهذه عملية طويلة من تحويل علاقات الإنتاج من الراسمالية التبعية وصولا للانتقال إلى الاشتراكية

ان  لعملية التغيير هذه مضمونا اقتصاديا  بالدرجة الأولى فإن تحقيقه يتم في الأساس على المستوى السياسي من هنا كان من أولوياتنا التصدي للكيان الصهيوني كموقع متقدم للامبريالية في المنطقة والذي يشمل من ضمن أهدافه الأساسية حماية أنظمة التبعية ومجابهة الممارسات الامبريالية العدوانية

وقد بادر الحزب الشيوعي اللبناني الى انشاء الحرس الشعبي عام 1969 وقوات الأنصار مع أحزاب شيوعية عربية وأطلق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية للتحرير والتغيير تحرير الأرض من الاحتلال وتحرير الإنسان من الاستغلال الطبقي وكان دوره في النضال السياسي والاقتصادي والاجتماعي بارزا في تأسيس النقابات وفي قيادة التحركات النقابية والاجتماعية 

تؤكد مجمل التطورات التي عاشها لبنان منذ تشكله حتى يومنا هذا انه يعاني ازمة بنيوية عميقة  تكمن في عجز النظام القائم عن مواجهة مواطن الاختلالات والأزمات التي تنخر فيه وهي تتمثل في عاملين أساسيين هما : سيادة الطائفية في بنيته ومؤسساته وسيطرة سلطة تمثل تحالفا بين الطغمة المالية وبقايا الاقطاع السياسي وزعماء الطوائف تحالف يغلب على الدوام على أركانه الحفاظ على مصالحهم الخاصة على حساب المصلحة الوطنية وعدم توانيهم عن اثارة النعرات الطائفية وبث الفرقة والانقسامات بين اللبنانيين وصولا الى اشعال الحروب عندما تتعرض مواقعهم وامتيازاتهم لأي انتقاص أو خطر  

بتنا اليوم امام دولة فاشلة بكل المعايير تستند الى تأجيج الصراعات المذهبية خيارا وحيدا لإعادة إنتاج نظامها السياسي لذا أصبح وقف هذا المسار المأزوم والتدميري مهمة وطنية راهنة وملحة امام الشيوعيين اللبنانيين وحلفائهم باتجاه الدولة الديمقراطية العلمانية بعد أن انهار وهم الدولة الطائفية وفقد النظام القائم المبني على اتفاق الطائف مرتكزاته الخارجية والداخلية واصبح عاجزا عن الاستمرار والبقاء

إن النضال لقيام الدولة الديمقراطية العلمانية ينبغي أن يرتكز على محورين أساسيين متداخلين يكمل احدهما الاخر تحرير لبنان من النظام السياسي الطائفي وتحرير الاقتصاد من سيطرة القلة المحتكرة من رجال المصارف والمال وتجار العقار وتبعيتهم للنظام الرأسمالي العالمي وصولا الى بناء اقتصاد وطني منتج يتوجه أساسا لخدمة أوسع طبقات الشعب  وفئاته لذا يرى الحزب الشيوعي اللبناني أن توفير فرص النجاح لهذين المحورين يستدعي بالضرورة تعزيز القدرات الذاتية للشيوعيين واليساريين وقوى التغيير عبر الانخراط في المهام النضالية وكذلك عبر التدريب والتثقيف وامتلاك القدرات المعرفية والمهنية والتفاعل المسؤول والبناء مع الناس ومع شبكات التواصل والإعلام  

ومن المؤكد ان الدعوة الى قيام الدولة الديمقراطية العلمانية لا تتحقق بالمناشدة بل ان هذا الامر له شروطه ومستلزماته وفي طليعتها خلق ميزان قوى قادر على إحداث خرق في البنية القائمة والتي يشكل العمل النقابي أحد جوانب العمل لبنائه

يشكل الحق بالعمل احدى الأولويات الأساسية في بلورة النموذج الاقتصادي و الاجتماعي البديل ويرتكز هذا الحق على أساس المساواة وعلى إقرار سياسة أكثر عدلا في مجال الأجور والتقديمات الاجتماعية إضافة الى تطور الإطار الناظم لسوق العمل وتحسين شروط العمل وظروفه 

ويناضل الحزب الشيوعي اللبناني من ضمن الحركة النقابية العمالية الديمقراطية المتحالفة مع كل المتضررين من السياسات الحكومية في مجال الاجر (معلمون ,أساتذة,موظفون,أصحاب مهن حرة...الخ)من اجل تحسين شروط العمل وظروفه بالاستناد إلى:  

_ ربط تطور الأجور بتطور كلفة المعيشة واعتماد السلم المتحرك السنوي للأجور في القطاعين الخاص والعام.

فالسلم المتحرك للأجور يشكل المرتكز الأول والأساس,لكونه التعبير الواضح عن حق العمال وسائر الأجراء والموظفين في الاستفادة من ثمرات النمو الاقتصادي الذي ينتجونه, من جهة ,وانطلاقا من أنه يساهم في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي من جهة أخرى.

_ تطور القطاعات المنتجة التي تتيح توفير فرص عمل بالحجم والنوع الذي يكبح البطالة التي تصل اليوم الى أكثر من 35 بالمئة داخل القوى المنتجة ومنها النساء والشباب على وجه التحديد

_ التركيز على تطبيق قانون العمل لجهة المساواة في الأجور وخاصة بين العامل والعاملة والتأكيد على مبدأ " الأجر المتساوي للعمل المتساوي"

_ إن سياسة إعادة النظر الأجور في القطاعين الخاص والعام تقتضي إعادة تشكيل "لجنة المؤشر"على أسس واضحة وتحويلها الى لجنة دائمة لها صلاحيات واضحة ومحددة . كما تقتضي ضبط التسجيل النظامي للمؤسسات العاملة والتصريح عن العمال والمستخدمين فيها، بما في ذلك العمال الأجانب وتوفير فرص التدريب والترقي للقوى العاملة, إضافة الى توفير بيئة عمل صحية وامنة داخل المؤسسات والإدارات العامة  

_ إن كل ذلك يقتضي إنتاج قانون جديد للعمل يستند إلى تعزيز استقلالية الطبقة العاملة وحركتها النقابية ومنع التدخلات السياسية والطائفية في شؤونها الداخلية وإجراء إصلاحات جدية في بنية وتوجهات الاتحاد العمالي العام والاتحادات النقابية باتجاه إعادة النظر بالتراخيص وتحقيق الشفافية وزيادة الفعالية وتوسيع قاعدة المنتسبين

_ كما يقتضي تعديل قانون الموظفين وتحديثه بما يؤدي الى إقرار حق التنظيم النقابي للعاملين في القطاع العام والى وضع آليات واضحة في مجال الوظيفة العامة تعتمد الكفاءة في التوظيف وتلغي بدعة التعاقد الوظيفي وتطور ملاك موظفي الدولة 

_ لا بد من النضال من أجل ضمان تطبيق التشريعات والمعاهدات العربية والدولية التي أبرمتها الحكومة اللبنانية في مجال العمل وحقوق الإنسان  بما يؤمن التخفيف من التفاوت في شروط العمل بغض النظر عن الجنس ويحد من عمالة الأطفال ويساهم في معالجة مشاكل التمييز ضد العمال الشباب والقضايا المتعلقة بالعمال  الأجانب ويخلق بيئة عمل دامجة لذوي الاحتياجات الخاصة والمعوقين.

يمر وطننا لبنان بمخاطر وجودية بفعل موقف التحالف السلطوي -  المالي الذي رهن مصيره بمصير الكيان وبقاءه  ببقاء النظام الطائفي وحلول سلطته مكان الدولة الأمر الذي انتهى إلى تقويض أسسها ومؤسساتها واقتصادها الحقيقي

سياسات التثبيت النقدي ورفع الفوائد وتشجيع اقتصاد الريع وتعميم موبقات الهدر والفساد واضعاف محفزات الاستثمار المنتج واستجلاب القروض الداخلية والخارجية لأغراض تمويل الاستهلاك العام والخاص لنظام الزبائنية والمحاصصة كل ذلك مهد عمليا أمام حصول هذا الانهيار الذي يتحمل التحالف الحاكم مسؤوليته رغم استمراره في ممارسة سياسة الإنكار ومحاولته الإفلات من العقاب

وفي المحصلة لم يسبق لشعب في التاريخ ان خسر دفعة واحدة مقومات العيش المتكاملة أي مدخرات العمر المتراكمة والقوة الشرائية للدخل من العمل وشبكات أمنه الاجتماعي

لقد جاءت هذه الخسارة نتيجة لتزامن انهيار سعر صرف العملة الوطنية مع انفجار التضخم الفالت وإفلاس نظم التأمينات الاجتماعية والصحية العامة وشبه العامة حتى بات الناتج المحلي القائم لا يزيد عن نصف ما كان عليه عام 2018 فيما ارتفع معدل البطالة إلى أكثر من 35 بالمئة من القوى العاملة وارتفعت كذلك نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر الأعلى الى نحو 80 % او 85%( مقابل 30 % عام 2018)

والأخطر من كل ذلك هو ارتفاع نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع أي أولئك الذين لا يملكون القدرة على تأمين قوتهم الغذائي اليومي من 10 % قبل الأزمة الى نحو 30 % بعدها 

لقد أثبتت تجربة انتفاضة 17 تشرين وما تلاها من مواجهات واعتصامات وإضرابات وانتفاضات  قطاعية الحاجة الماسة إلى برنامج موحد وقيادة موحدة لهذه المواجهات وما لم يتم إنجاز هذا التحدي وقيام حركة نقابية وشعبية مستقلة لأوسع تحالف اجتماعي ونقابي سنبقى نراوح مكاننا حتى لا نقول أننا سننتقل من إحباط الى احباط

المتضررون بحاجة إلى رؤية واضحة وأفق لنضالهم وان يشعروا أنهم يتقدمون خطوات الى الامام ,إنه التحدي المطروح أمامنا جميعا فهل نحن على قدر المسؤولية وننجح في هذا الامتحان

والرؤية الواضحة تكمن في التغيير باتجاه بناء دولة قادرة على محاكمة منظومة الإجرام والفساد والإفقار المسؤولة عن نهب المال العام وانفجار المرفأ , دولة قادرة على استرجاع القوة الشرائية للرواتب والأجور ومعاشات التقاعد واموال الصناديق الضامنة المنهوبة والودائع الصغيرة والمتوسطة وتوفير التغطية الصحية الشاملة والتعليم النوعي المجاني والكهرباء والمياه والنقل العام ومشاريع السكن الشعبي وفرض النظام الضريبي التصاعدي على الأرباح والرساميل وعلى من كدسوا الأرباح من الفوائد المرتفعة    

إنها عناوين نقترحها لمشروع برنامج اجتماعي تتوحد القوى النقابية على أساسه

لقد فقد شعبنا ونحن جزء منه كل مقومات الحياة من لقمة العيش إلى الصحة والتعليم والكهرباء والودائع والنقل وغيرها , فهل من أولوية اجتماعية ونقابية تتقدم على طرح هذه الحقوق المهدورة والتحرك من أجلها 

إن التحرك النقابي قبل الانهيار شيء وفي ظل الانهيار شيء آخر. في الانهيار الشامل يتطلب برنامجا شاملا تحتل فيه حقوق المواطنين رأس سلم الأولويات الأمر الذي يجعل النضال النقابي في مرحلة الانهيار نضالا وطنيا وجوديا وحياتيا وكلما لمس المواطنون المتضررون أن هناك قيادة موحدة تعبر عن معاناتهم ومطالبهم كلما احتضنوا وشاركوا واقتنعوا بجدوى المواجهة وهو المطلوب للإسهام الفعلي في تعديل موازين القوى وفرض التغيير في السياسات الحكومية وتحقيق المطالب العامة والخاصة