الأحد، نيسان/أبريل 28، 2024

كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب في احتفال يوم الشهيد الشيوعي وشهداء حرب تموز

  ادارة الموقع
أخبار الحزب
  أهالي وعائلات وأصدقاء الشهداء في بلدة صريفا والجوار الرفيقات والرفاق اسمحوا لنا في البداية ان نتوجه بالتحية والتقدير،  الى الحضور الكريم المحتشد هنا بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي وذكرى شهداء  حرب  تموز ، والى اهلنا جميعا في صريفا وصور  والجنوب عموما، الذين صمدوا صمود المقاومين الابطال تحت لهيب النار،

 احتفالنا اليوم هو التزام بعهد قطعناه لشعبنا ولشهداء حرب تموز وشهداء صريفا الذين قاوموا الاحتلال وواجهوا العدوان  الصهيوني من  حزبنا الشيوعي اللبناني ومن كافة القوى والأحزاب السياسية. هو أيضا عربون وفاء وتقدير نقدمه لهذه البلدة التي كانت نموذجاَ في البطولة والشجاعة.  شهداؤها : قاوموا معا، استشهدوا معا، ومعا صنعوا النصر في حرب تموز، فكرّمتهم صريفا وبادلتهم الوفاء بالوفاء، 

 وتحت راية جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية قاوم شهداؤنا طيلة مئة عام من تاريخ حزبنا. كانوا كما عهدناهم  في مقدمة الصفوف شعلة مضيئة على درب النضال التحرري والإجتماعي، درب التحرير والتغييرالديمقراطي، دفاعا عن وطننا وشعبنا وكادحيه وعن شعوبنا العربية كافة ودعما للشعب الفلسطيني وقضيته المحقة ومقاومته البطلة.

وإقامة هذا الاحتفال هو واجب وطني ليس لما حققه الشهداء في تحقيق انجاز التحرير فحسب، بل للمحافظة على هذا الانجاز، والمحافظة عليه لن تكون الا بتحقيق التغيير، ففي التغيير نتحرر.  نتحرر من الطائفية والمذهبية ونظامها السياسي، بالتغيير نتحرر من الهيمنة الامبريالية وادواتها الصهيونية والرجعية، بالتغيير نتحرر من الاستغلال الطبقي، من الافقار والبطالة والاستزلام والارتهان طلبا للقمة العيش بشرف وكرامة وحبة الدواء والاستشفاء وللكهرباء وقسط المدرسة. لم يسقط شهداؤنا على هذه الارض الطاهرة من اجل ان تحكم هذه الطبقة السياسية الفاسدة  التي أدخلت لبنان في الانهيار وجعلته يعيش أزمة بقائه ومصيره ومستقبل وجوده.

  وتحقيق التغيير يستوجب أيضا: وقف مسلسل التنازلات في القضية الوطنية المستمر حلقة تلو الأخرى، نقولها ونؤكد على ما سبق وقلناه يوم امس البارحة في احتفال الذكرى الواحدة والعشرين لتخليد رمز المقاومة الوطنية اللبنانية مصطفى معروف سعد: فلا تكرروا ما ارتكبتموه من تطبيع واعتراف بالكيان الصهيوني، لا تكرروا التنازلات عن الحقوق التي قدمتموها في اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الصهيوني، لا تكرروها في  مجرد الأقدام على ترسيم الحدود البرية. وحسنا تراجعت مندوبة لبنان في الأمم المتحدة  يوم امس عما سبق وصرّحت به "بأن لبنان على استعداد لاستكمال عملية ترسيم حدوده الجنوبية البرّية مع الكيان الصهيوني". وفي مطلق الأحوال موقفنا واضح وصريح. ان حدود لبنان البرّية مع  فلسطين المحتلة كانت وستبقى محكومة باتفاق الهدنة منذ عام 1923. ان خط الهدنة هو خط احمر لا يجوز طرحه على التفاوض مع العدو الصهيوني، والمس به بأي شكل من الأشكال . 

وانه لمشهد مخزي ان نرى أمام ناظرينا اطلاق سراح العميل عامر الفاخوري، بينما يجري توقيف المقاومة سهى بشارة في مطار أثينا ، وفق لائحة سوداء لا نعلم أسماء المقاومين الآخرين معها ان وجدت. كل ذلك بتهمة انها تهدد الامن الوطني لليونان والامن الدولي وامن دول الاتحاد الأوروبي. والأسوأ من كل ذلك ، اننا لم نسمع موقفا صريحا من قبل الحكومة اللبنانية باستنكار وإدانة هذا القرار للحكومة اليونانية بما يعيد للبنان وللشعب اللبناني ومقاومته ولسهى بشارة الاعتبار بما يحمي حقّها وحقّ كل الأسرى المحررين اللبنانيين الذين قاوموا الاحتلال ويضمن لهم الحفاظ على كرامتهم وحريّتهم وأمنهم.

غدا يرحل رياض سلامة من الحاكمية ، وبرحيله تعجز السلطة عن تعيين حاكم جديد ويتمدد الفراغ ولا يكشف النقاب عن مضمون تقرير شركة الفاريز حول التحقيق المالي الجنائي فيتهرّب المرتكبون من المحاسبة ، ويبقون يسرحون ويمرحون لا رقيب ولا حسيب ، ويزداد الخطر على صرف ما تبقى من ودائع اللبنانيين ومن احداث انهيار غير مسبوق في سعر العملة الوطنية .

وأمام هذا البلاء الذي يعيشه شعبنا . تقوم الحكومة اللبنانية باقرار  مشروع  موازنة تقشفية تزيد الاعباء المعيشية على الطبقات العمالية والشعبية العاملة والمتوسطة. فباب الإنفاق العام في مشروع الموازنة لا يتجاوز سقف الملياري دولار، بينما كان 16 مليار دولار قبل عام 2019. ما يعني انها خفضت 14 مليار دولار عن كل ما له علاقة بالرواتب والأجور ومعاشات التقاعد  والصحة والتعليم والنقل ومرافق البنية التحتية الأساسية مجمل نظم وشبكات الخدمات العامة، ما يعني ان 350 الف موظف ومتقاعد في القطاع  العام مع عائلاتهم أي حوالي مليون لبناني ومعهم آلاف العاملين في القطاع الخاص ممن يقبضون بالليرة اللبنانية سيعيشون على الفتات وحافة الجوع، وفوق ذلك  تضاعفت الضريبة  على الرواتب والأجور ثمانية مرّات،  وعلى أرباح  الشركات والرأسماليين أربعة مرّات ما بين عام 2018 وعام 2023  .

وتطالعنا اللجنة الخماسية ببيانها التصعيدي الضاغط على لبنان والداعي الى تنفيذ القرارات الدولية والتمسك باتفاق الطائف، وتنفيذ اجراءات صندوق النقد الدولي تحت مسمى "الأصلاحات" ، لتجري تسمية رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان لتنفيذ هذه الأجندة. لقد استفادوا من مسلسل التنازلات التي قدّمتها لهم أطراف السلطة في القضية الوطنية، وفي تعطيل عملية انتخاب رئيس الجمهورية بحجج واهية، وفي خلافات أطرافها حول الحصص ، ليجري ترحيل الموضوع الرئاسي الى شهر أيلول القادم . ذلك ان في أيلول يبدأ الحفر في البلوك رقم 9 ، ليتبين ان الخلاف بين أطراف المنظومة ليس على الرئيس بل على حصة كل منهم من النفط والغاز . قالها صراحة رئيس التيار الوطني الحر "نضحي" بست سنوات مقابل  ضمان حصتنا سلفا في الاشراف وإدارة الصندوق الائتماني للنفط والغاز. وكأن عائدات النفط والغاز هي ملكه وملك السلطة الفاسدة التي لا تشبع ولن تشبع من كل ما نهبته.  ان  عائدات النفط والغاز يجب ان توظف للتنمية الاقتصادية والاستثمار العام ، وفي تأمين الكهرباء والمياه والصحة والتعليم والنقل والاتصالات والبنى التحتيّة. انها  ثروة وطنية للشعب اللبناني ولأجيال المستقبل .

وان اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة لا يمكن تحقيقها الا ضمن مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية المركزية، ففي ظل الدولة الطائفية التي تتمسك بها اطراف المنظومة الحاكمة لا يوجد سوى دولة المزارع ودويلات المحاصصة الطائفية التي يجري ترسيخها على الأرض من قبل زعماء الطوائف. 

أمامنا مهمة محورية  كحزب وقوى وطنية ويسارية وديمقراطية تتجسّد في وجوب بلورة مشروع سياسي بديل ، مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية ، أداته السياسية جبهة وطنية وديمقراطية  تلتف حولها كتلة شعبية واجتماعية وازنة، تتولى مواجهة ما يطرح امامها من مشاريع طائفية لأطراف المنظومة الحاكمة ، انطلاقا من روح انتفاضة 17 تشرين وفي أوسع حملة سياسية وشعبية تحت شعار : لا لتكرار التسويات الطائفية، نعم للدولة الوطنية الديمقراطية. لا لدولة الريع والافقار والتهجير، نعم لدولة الأقتصاد المنتج والعدالة الاجتماعية. نعم لرئيس للجمهورية يجسد هذا المشروع السياسي البديل ، 

   فيا رفاقنا الشهداء ، خالدون انتم في ضمير شعبكم وحزبكم 

وسنبقى نحمل رايتكم مناضلون ، مناضلون ، مناضلون 

من أجل وطن حر وشعب سعيد.. 

عاش يوم الشهيد الشيوعي

عاشت المقاومة الوطنية اللبنانية

والمجد والخلود للشهداء الابرار

 

صريفا - 30 تموز 2023