الأحد، نيسان/أبريل 28، 2024

"مداخلة الحزب الشيوعي اللبناني التي القاها نائب الامين العام الرفيق محمد المولى في ندوة "التاريخ والمستقبل للتبادل الحضاري بين الصين والدول العربية

  ادارة الموقع
أخبار الحزب
     الرفيقات والرفاق في الحزب الشيوعي الصيني الرفيقات والرفاق والاصدقاء في أحزاب الدول العربية

أتوجه بالشكر إلى الرفاق في دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني على الإستضافة وعلى تنظيم هذا المؤتمر الحواري 

 وأنقل إليكم تحية الحزب الشيوعي اللبناني، من البلد الذي يعاني من الإنهيار السياسي والإقتصادي والإجتماعي  الناجم عن النظام الرأسمالي الريعي التابع، وعن الصيغة السياسية  الطائفية التحاصصية  رغم ما يتمتع به من إرث حضاري  ورصيد ثقافي وإبداعي.  

أودّ، في البداية أن أعرب عن تقديرنا  وتأييدنا لمُبادرة الحضارة العالمية التي وضع أُسسها النظرية  الرئيس الصيني شي جين بينغ  في كلمته الرئيسية بعنوان "السير معا على طريق التحديث"  خلال الإجتماع الرفيع المستوى للحوار بين الحزب الشيوعي الصيني  والأحزاب السياسية العالمية  الذي جرى في 15 مارس 2023  في بكين.

  وقد إنطلقت  المبادرة  من  الدعوة إلى إحترام  تنوع الحضارات في العالم، والإلتزام بالمساواة والمنفعة المشتركة والتحاور والتسامح، وتجاوز الفوارق  وإدعاءات التفوق الحضاري  ومفاهيم "صراعات الحضارات". ودعت إلى العمل  لتكريس القيم المشتركة للبشرية المتمثلة في السلام والتنمية   والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية، التي تعد من التطلعات المشتركة لشعوب العالم، بدلاً من فرض القيم والأنماط نفسها على الغير. 

     ويخبرنا التاريخ أنّ الحضارات قادرة على التعايش، وعلى التكامل من خلال التواصل،   فالحضارتان  العربية والصينية  إبتدرتا حواراً طويلاً  خلال التاريخ ، تعرّف فيها  الشعب الصيني والشعوب العربية على بعضهما البعض من خلال طريق الحرير القديم،   حيث   جرى بينهما التبادل الثقافي والفكري ،  والتفاعل الإيجابي  والتعايش  والعلاقة الوثيقة، وتحققت الإنجازات العلمية والفلكية والطبية والفكرية والمعمارية المشتركة،.  

  إن إستمرار وتعزيز التواصل الحضاري والثقافي والعلمي بين الصين والعالم العربي،  وتكريس قيم التبادل والتعاون المشترك  يصب في خدمة الأهداف والقيم  الإنسانية. 

  ونحن نرى  أن النظام الرأسمالي، بطبيعته، وبتفلته من أي رادع قيمي وفي ظلّ التراجع الذي حصل بعد تفكيك المنظومة الاشتراكية، قد ساهم، خاصة في مرحلته الإمبريالية، وفي مرحلة ما يسمى بالعولمة، في الدفع باتجاه التنميط القيمي، وتهميش البنى الإجتماعية والثقافية والحضارية المتنوعة، وفي تدمير الطبيعة والبيئة، خدمة لمصالح الرأسمال والإستغلال.

  وهذا المنحى نراه في فلسطين المحتلة  حيث يتعرض الشعب الفلسطيني إلى  محاولات تدمير الهوية الثقافية والحضارية إضافة إلى العدوان  والإحتلال والتهجير والإستيطان والإعتداءات اليومية  ويتطلع إلى تحرير كل أرضه وبناء دولته الوطنية. 

   ويواجه العالم  ظروفا  وتحديات صعبة، حيث تقف البشرية في القرن الواحد والعشرين أمام تحدّي تجديد إنتاج الحياة البشرية وتجاوز عوائق تطورها المستدام بعد أن وصلت الرأسمالية بتوحشها الى  حد مصادرة المزايا البشرية للإنسان،  وهو ما يتطلب مواجهة الإستتباع الإمبريالي وعدوانيته،  عبر دفع التطور التقني ـ العلمي ـ الذهني، إلى الحدود التي تكسر إحتكار الإمبريالية لحاضر البشرية ومستقبلها،  وصولا إلى تجديد مقوّمات الحياه السوية على الأرض. ويلعب إستخدام العلم والتكنولوجيا  دورا أساسيا في هذا المسار من  أجل  أن يوظّف في كشف  كل القدرات الجوهرية في الإنسان وتأمين الظروف لتطورها الحرًّ وتطور كلّ المجتمع، وإنقاذ مصير البشرية من  وسائل الدمار الشامل وتحقيق المساواة والعدالة الإجتماعية في مجتمع رغيد يمنع إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان ويؤمن متطلبات الحفاظ على الطبيعة والحياة.  

محمد المولى – نائب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني

13 تموز، 2023