كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب في الذكرى 38 لانطلاقة "جمول"

  حنا غريب
أخبار الحزب
على درب جمّول.. مستمرون... درب التحرير والتغيير، تلك هي القضية التي حملتها جمّول منذ انطلاقتها والتي سنبقى نحملها حتى تحقيقها كاملة. ومسيرتنا اليوم في هذه الذكرى المجيدة، هي مسيرة العهد والوفاء لتضحيات شعبنا وصمود عاصمتنا ودور حزبنا في إطلاق جمّول، ولقائدها الرفيق الشهيد جورج حاوي الذي خطّ بيده مع الرفيق محسن إبراهيم نداءها الأول.


نداء كتب بالأحمر القاني من دماء الشهداء المدافعين عن بيروت، بدماء قاسم الحجيري ومحمد مغنية وجورج قصابلي مؤذنين بتأسيس "جمول"، مسلّمين الراية إلى الذين نفذوا العمليات الأولى، من صيدلية بسترس إلى محطة أيوب وكورنيش المزرعة وعائشة بكار وسينما الكونكورد والجناح وجسر سليم سلام.... وفرضوا على العدو التوجّه بمكبرات الصوت إلى سكان بيروت مستغيثا: لا تطلقوا النار علينا فنحن منسحبون، وانسحبوا في 27 أيلول 1982، فكانت أولاً ... بيروت.
تحية إلى الرصاصات الأولى ومطلقيها إلى قوافل الشهداء والجرحى والأسرى والمفقودين والمقاومين الذين لم تزل جثامين البعض منهم محتجزة لدى العدو الصهيوني، وإلى عائلات الشهداء، وإلى كل الذين وقفوا بصلابة في هذه المعركة إلى جانب المقاومين من مختلف القوى والأحزاب والفصائل الفلسطينية فساهموا في إنجاز التحرير بدون قيد وشرط والمواجهة مفتوحة.
فعلى درب جمّول... مستمرون، لنبني مع انتفاضات شعوبنا العربية ومقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الصهيوني والمواجهات الجارية في كل الساحات العربية مشروع الارتقاء بمسيرتها إلى مصاف مقاومة عربية شاملة ضد صفقة القرن وأنظمة الخيانة واتفاقيات الاستسلام والتطبيع وآخرها اتفاقيتي الإمارات والبحرين مع الكيان الصهيوني،
نعم مستمرون... حتى تحقيق التغيير حفاظاً على انجاز التحرير. تغيير النظام السياسي من تبعيته وطائفيته ومنظومته الفاسدة، واقامة دولة وطنية ديمقراطية مقاومة.
مستمرون بالقول والفعل عبر انتفاضة شعبنا الذي وقف وانتصر لجمّول في شعاره: "الشعب يريد إسقاط النظام ". نعم انتصر لها في التغيير كما في التحرير. وما يجمع 16 أيلول و17 تشرين هو القضية الواحدة، قضية التحرر الوطني والاجتماعي الذي بها يخوض شعبنا صراعه الطبقي ضد المشروع الأميركي وأدواته من الخارج وضد الاستغلال الطبقي للمنظومة السلطوية المتحالفة معه في الداخل.
فمواجهة منظومة الارتهان والتبعية، المنتقلة من وصاية إلى وصاية، هي مواجهة لأوصيائها الإمبرياليين والعكس صحيح. إنّ أبطال المقاومة الوطنية اللبنانية يصرخون اليوم بوجه أركان هذه المنظومة السلطوية القاتلة: نحن جمّول، نحن من حرّر بيروت... وأنتم من فجّروها، وقتلتم أهلها، ودمرتم بيوتها ومؤسساتها، وعدتم وأحرقتم مرفأها طمسا لمعالم جريمتكم.
سقطت كل البدع التي استخدمتموها لتغطية فسادكم وتأبيد نظامكم الطائفي مع هذا الانهيار الكبير، فالأزمة ليست ازمة تشكيل حكومة، بل كانت ولم تزل ازمة تبعية نظامكم الطائفي المتفجّرة على غير صعيد. سقطت الميثاقية، والديمقراطية التوافقية الكاذبة، ووهم الحياد، ومعها سقطت المثالثة والفدرلة واللامركزية الموسّعة وطروحات الارتداد والتقوقع المذهبي بعد ان قدّمتم للشعب اللبناني عينة اولى من انتاجكم الجديد في مشاهد الاقتتال في البيئة المذهبية الواحدة بدء من بلدة اللوبيا مروراً بالطريق الجديدة وصولا إلى ميرنا الشالوحي.
عبثاً تفتشون مع أوصيائكم وبهذا المشهد من الإذلال والخضوع عن عقد سياسي جديد خارج الدولة الوطنية الديمقراطية، دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية التي تنقذ شعبنا ووطننا المهدد بمصيره ووجوده وطناً وكياناً. 380 ألف طلب هجرة إلى الخارج طلبا للبقاء على قيد الحياة، مليون طالب لا يتعلمون، نصف الشعب اللبناني معطل عن العمل خطر المجاعة والفوضى يقترب على الأبواب مع خطر رفع الدعم عن المحروقات والدواء والقمح وتحرير سعر صرف الليرة.
وبدل أن تعلن هذه المنظومة فشلها وتتنازل لشعبها التي يطالبها بدفع الثمن، تذهب للتفاوض مع الأوصياء الجدد ومع صندوق النقد الدولي وتقديم التنازلات وتدفيع شعبها ووطنها الثمن تحت ستار حاجة لبنان لمساعدات وقروض خارجية موعودة من صندوق النقد الدولي ومؤتمر سيدر. وهو ما نحذر منه رافضين الخضوع لشروط الدول "المانحة" السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تطرحها هذه الدول وفي مقدمها تنفيذ صفقة القرن بشقها اللبناني في ضم مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وتوطين اللاجئين الفلسطينيين وابقاء النازحين السوريين ونهب النفط والغاز وضرب مقاومة شعبنا، وزيادة الضرائب غير المباشرة (ضريبة القيمة المضافة) وتعريفات الخدمات العامة الأساسية (الكهرباء)، وتقليص عطاءات أنظمة التقاعد والتقديمات الاجتماعية، وتبيع ما تبقى من مؤسسات عامة لصالح المصارف والقطاع الخاص المحلي والخارجي. بدلا من استرداد المال العام المنهوب وفرض الضريبة التصاعدية على أصحاب الريوع والأرباح والثروات الكبيرة وتحميل الخسائر للفئات التي حققت الثروات الطائلة ونهبت المال العام والخاص.
لم يعد للفقراء ما يخسرونه، لقد خسروا كل شيء. خسروا فرصة العمل ولقمة العيش وسقف البيت والمدرسة والأمان الصحي،
والآتي سيكون أعظم، والمواجهة ستكون أشد وأشرس، ولا خيار أمام شعبنا الا بقاء الانتفاضة مشتعلة، وحتى تبقى مشتعلة، لا أفق إلّا بتصعيد المواجهة وتحويلها إلى ثورة وطنية ديمقراطية تطيح بمنظومة الفساد ونظامها، بإرادة شعبنا ووحدة قوى التغيير ووضوح المشروع السياسي البديل.
ومشروعنا كان ولا يزال هو هو: تحقيق التغيير المطلوب الذي من أجله انطلقت جمّول، مشروع بناء الدولة الوطنية الديمقراطية. عبر تغيير موازين القوى في بناء اوسع ائتلاف وطني سياسي للتغيير يطلق في أن المشروع السياسي البديل مع لقاء التغيير ومع مجموعات الشباب في الساحات والمناطق والتحالف الاجتماعي النقابي والبلدي المستقل وسائر القوى المنحازة للتنسيق والعمل المشترك والذي قطع الحزب مع حلفائه واصدقائه شوطا في بنائه.
والمجد والخلود لشهداء جمول
وعلى الدرب... مستمرون.
بيروت 16 ايلول - 2020