مرضى الكلى في غزّة يعانون مرّتين بفعل آثار جائحة "كورونا"

  بوابة الهدف
فلسطين

يُعاني مرضى الكلى في قطاع غزّة من صعوباتٍ عديدة في ظل حالة حظر التجوال المُشدّدة المفروضة داخل القطاع في محاولةٍ لمنع تفشي فيروس "كورونا" أكثّر مما هو عليه الآن، إذ بيّن مركز الميزان لحقوق الانسان أنّ هؤلاء المرضى تواجههم عدّة عقبات حسبما نقل في شهاداتٍ عديدة لمواطنين ومواطنات.

الحصول على الدواء قد يكلّف بعض المرضى حياتهم

بدورها، تحدّثت المواطنة (ن. ف) البالغة من العمر (25 عامًا)، وهي إحدى مريضات الكلى، حول معاناتها في الحصول على العلاج في ظل انتشار جائحة "كورونا"، إذ قالت: "أنا مطلقة ولدي طفلة، تعيش معي، ونحن نعيش مع والدتي في منزلها في منطقة العلمي قرب مستشفى كمال عدوان في مُخيّم جباليا بمحافظة شمال غزة. عانيت من آلام في الكلى منذ العام 2015، وأصبحت أغسل الكلى أربع مرات في الأسبوع منذ عام 2018، وتدهورت حالتي الصحية وأصبحت مناعتي ضعيفة جداً، وبعد ذلك أجريت عملية زراعة كلى بتاريخ 21/7/2019 في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، ومنذ ذلك الوقت وضمن علاجي يجب أن أتناول مجموعة من الأدوية بشكل يومي وهي Prograf, Mycophenolate, Tacrocel ولعدم توفر هذه الأدوية في الصيدليات العامة فإنني أتوجه بشكل شهري إلى صيدلية مستشفى الشفاء في مدينة غزة للحصول على هذه الأدوية".

وأوضحت أنّه "وبعد إعلان وزارة الصحة حالة الطوارئ تم فرض حظر التجوال وتوقفت المواصلات العامة ومنعت السيارات من نقل الركاب، وتصادف ذلك مع نفاذ كمية الدواء المخصصة لهذا الشهر، ما أجبرني على التوجه إلى مستشفى الشفاء بمدينة غزة للحصول على الأدوية، وبسبب أن والدتي مقعدة وطفلتي ما تزال صغيرة، حاولت التواصل مع عدة جهات صحية وشرطية أن تساعدني في إحضار الدواء إلى منزلي، خصوصاً وأن مناعتي الصحية ضعيفة، وأصبحت خائفة جداً على حياتي وعلى مستقبل ابنتي الوحيدة إذا لم أبقى على قيد الحياة، واضطررت أن أتوجه مشياً على الأقدام، عند حوالي الساعة 6:30 من صباح يوم الخميس الموافق 27/8/2020، إلى مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وأخشى في الحقيقة أن يستمر الوضع على هذا الحال في المستقبل، خاصة وأن متطلبات النظافة المنزلية أيضاً شحيحة كالمياه والكهرباء، التي نكاد لا نراهما في المنزل بعد تقليص عدد ساعات الكهرباء، وكل ذلك مهم للحفاظ على مناعتي في أعلى مستوى، خاصة وأننا نحن أصحاب الأمراض المزمنة في أشد الحاجة إلى توفر النظافة الدائمة الجسدية وفي المكان المحيط".

مرضى الكلى يُعانون مرّتين

أمَّا المواطن (ع. ض) وهو أيضًا مريض كلى ويبلغ من العمر (32 عامًا)، فقد قال: "أنا أعيش في أسرة مكونة من 11 فردًا ولا أعمل بسبب وضعي الصحي، حيث أعاني منذ عام 2010، من الفشل الكلوي، بتاريخ 5/5/2018، أجريت أول عملية غسيل كلى لي داخل مجمّع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، ومنذ ذلك التاريخ بدأ وضعي الصحي يزداد سوءاً، مما اضطر الأطباء إلى تكثيف عمليات الغسيل التي كانت تصل إلى 4 مرات في الأسبوع الواحد".

وأشار إلى أنّه "وبسبب فرض الحظر والإغلاق بعد الإعلان عن اكتشاف حالات مصابة بفايروس كورونا داخل المجتمع في قطاع غزة، أعلنت وزارة الصحة عن تأمين سيارات إسعاف لنقل مرضى الكلى من منازلهم إلى المستشفيات، مما دفعني للتواصل مع وزارة الصحة والعديد من مراكز الخدمات الإسعافية ولكن دون جدوى، ما اضطرني إلى الذهاب إلى المستشفى من حي الشجاعية شرقًا إلى مستشفى الشفاء غربًا سيرًا على الأقدام يوم الأربعاء الموافق 26/8/2020، لتلقي العلاج، وكنت لا أقوى على المشي، وشعرت بأنني سأسقط على الأرض، وفي اليوم التالي قام فاعل خير بإيصالي لتلقي العلاج، ولا أعرف كيف سأذهب لتلقي العلاج خلال الأيام القادمة خاصة وأن المشي أثر على صحتي، وأنا أنتظر الآن حلاً لمشكلتي التي قد أخسر بسببها حياتي".

يُشار إلى أنّ المقابلات الواردة في هذا التقرير هي خاصّة بمركز الميزان لحقوق الإنسان في قطاع غزّة، إذ سلّط من خلال مدوّنته الخاصة الضوء على جزءٍ بسيطٍ من المعاناة التي تعيشها شرائح مختلفة ومنهم مرضى الكلى جرّاء جائحة "كورونا" وآثارها داخل القطاع المُحاصر منذ 14 عامًا.

يُشار إلى أنّ رئيس قسم الكلى في مجمع الشفاء الطبي بغزة د.عبد الله القيشاوي، أعلن اليوم الإثنين، عن "تسجيل 3 إصابات بفيروس كورونا من مرضى الفشل الكلوي".

وقال القيشاوي في تصريحٍ له، إنّه "عقب انتشار فيروس كورونا بغزة تم عمل مسحات لبعض مرضى غسيل الكلى بشكلٍ عشوائي وتبيّن إصابة شخصين، وأجريت بعد ذلك مسحات جديدة لجميع مرضي غسيل الكلى عقب اكتشاف إصابة أحد المرضي في مستشفى الشفاء".

ونوّه إلى أنه "يتم توعية مرضى غسيل الكلى بأنّه في حال وجود أعراض كورونا على أحدهم يجب إبلاغ وزارة الصحة أو الأطباء للقيام بالإجراءات الطبيّة اللازمة".

ويُعاني 820 مريضًا في قطاع غزة من الفشل الكلوي، وتجرى لمعظمهم عمليات غسيل الكلى في مجمّع الشفاء الطبي، وتمكث غالبية المرضى حتى ساعات الفجر الأولى أثناء عملية الغسيل بسبب تزايد عددهم وعدم توفّر أجهزة غسيل الكلى بشكلٍ دائم.

وفي وقتٍ سابق، وجَّه المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، نداءً عاجلاً إلى الأمم المتحدة بشأن تدهور الأوضاع في قطاع غزة في ظل تفشي فيروس "كورونا" وتشديد الحصار من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني.

وطالب المركز في خطابه "بالتدخل العاجل لدعم وتعزيز حق الفلسطينيين في الصحة في قطاع غزة من خلال مطالبة إسرائيل بالامتثال لالتزاماتها تجاه سكان القطاع بموجب القانون الدولي وحث المجتمع الدولي على دعم نظام الرعاية الصحية في غزة المثقل بالأعباء والذي بالكاد يستطيع تلبية الاحتياجات الطبية الأساسية للسكان".

وسجلّت وزارة الصحة حتى اليوم 1151 إصابة بفيروس "كورونا" 1054 حالة نشطة (1024 من داخل المجتمع و30 من العائدين)، فيما سجّلت 8 حالات وفاة (7 من داخل المجتمع و1 من العائدين).