الأسير عُمر الريماوي.. الابتسامة مقابل حكم المؤبد

  إيهاب الريماوي
فلسطين

أحاط به 30 جنديًا بكامل عتادهم العسكري داخل قاعة محكمة "عوفر" العسكرية، ومنعوه حتى من أن يتبادل نظرات الشوق مع والدته ووالده، اللذين لم يرهما منذ أكثر من أربعة أشهر، وإذ بما يُسمى بقاضي المحكمة يصيح: "مؤبد.. مؤبد".

تقدمت النيابة "الإسرائيلية" قبل أكثر من 6 أشهر بطلب استئناف لدى محكمة الاحتلال برفع حكم الأسير عمر الريماوي من 35 عامًا إلى الحكم المؤبد، بناء على رغبة منها، ومن عائلة الجندي الذي قتل في عملية الطعن التي وقعت في شهر شباط/ فبراير عام 2016 بمتجر "رامي ليفي" في مستوطنة "شاعر بنيامين" المقامة على أراضي قرية مخماس.

صدر الحكم بالمؤبد على الأسير الريماوي الأربعاء الماضي، وثبت الحكم على صديقه الأسير أحمد عبيد بالسجن 32 عامًا، رغم أنه لم يُشارك في تنفيذ العملية، لكن الاحتلال زعم بأنه على علم بها.

لم تستمر محاكمة عمر أكثر من 5 دقائق، وأخرجوه دون أن يسمح له بالحديث مع عائلته، حتى أنه لم يتمكن من رؤيتهم، بسبب عشرات الجنود الذين أحجبوا عنه الرؤية.

"عندما دخلنا أنا ووالدته قاعة المحكمة لمحناه جالسا ومحاطا بالجنود، أرغمونا على الجلوس وعدم الحديث مطلقا، رغم أننا كنّا في جلسات المحاكمة السابقة نتبادل الحديث القصير بيننا عن بعد"، يقول والده سمير الريماوي.

برّرت محكمة الاحتلال في ورقة الحكم المؤبد: "عمر كان مبتسمًا يوم أصدر الحكم الأول بحقه، ولم تظهر عليه علامات الإحباط، إضافة إلى أنه رفع شارة النصر، وغير مكترث بأنه سيمضي 35 عامًا داخل السجن!".

يستغرب والده سمير الريماوي لوجود هذا البند في قرار الحكم الجديد، لكنه يرى بأن الاحتلال كان ينتظر أن يبلغ نجله الثامنة عشرة من عمره حتى يرفع حكمه إلى المؤبد.

"ابتسم عمر ورفع شارة النصر أثناء جلسات محاكمته لأنه كان قبالة والدته التي يشتاق إليها، فهو لم يرها منذ مدة طويلة، ويريد أن يطمئنها على حاله وألا تقلق عليه، فتصرفه نابع من حرصه على رفع معنوياتنا"، يقول والده.

كانت عائلة الأسير عمر تتوقّع تثبيت حكمه السابق، رغم أن المحامين توقعوا الحكم الجديد، الأمر الذي سبب ألمًا وجرحًا جديدًا لعائلة يغيب ابنها في سجون الاحتلال منذ أن كان عمره 14 عامًا.

"تقبل عمر الحكم الجديد، وأكّد أنه مهما كان الحكم فإن الحرية سينتزعها يومًا ما، هذا ما يخبره به قلبه وعقله دائمًا، لذلك فهو مطمئن من هذه الناحية، ونحن كذلك نأمل له بالحرية القريبة"، يضيف والده.

يقبع عمر في سجن "إيشل" بالسجن لمدة 35 عامًا، وأصيب لحظة اعتقاله بثلاث رصاصات ما زالت مستقرة في جسده، إحداها في خاصرته اليمنى، وواحدة في ظهره وأخرى في الصدر، ويعاني بين الفينة والأخرى أوجاعا كبيرة في ظل الإهمال الطبي الذي تتعمده إدارة سجون الاحتلال.

كان في الصف التاسع الأساسي عند اعتقاله، واليوم لو أنه خارج المعتقل لكان في سنته الدراسية الأولى بالجامعة.

وعن شخصية عمر تقول والدته لانا يوسف: "إنّه صديقي، كنت أستشيره في كل شيء لما يحمله من وعي في تقديره للأمور، حيث يشاركني في كل التفاصيل ويخبرني عن كل ما يدور في حياته اليومية"، وتضيف: "أحلم دائما بالذهاب معه إلى السوق كما كنا نفعل في السابق، لأن هذا ما كان يحبه، أن يرافقني ويشتري معي أغراض المنزل، فكنا نتعارك كثيرًا من أجل اختيار الملابس، فهو لديه ذوق معين، وأنا لدي ذوق مختلف تمامًا، لكني كنت أرضخ لإصراره".

يستغل عمر فترة اعتقاله بدراسة كتب الأدب والسياسة والدين، كما أنهى دورة في الصحافة والإسعاف الأولي والحقوق الدولية، ويواظب على ممارسة الرياضة ليحافظ على لياقته.
المص\ر: وكالة وفا

# موسومة تحت : :