لقاء التغيير: الشعب لن يدفع الثمن مرتين

  لقاء التغيير – من أجل لبنان ديموقراطي –
لبنان
في ظل الانهماك الوطني العام في معالجة التداعيات الخطيرة الناجمة عن تفشي جائحة الكورونا، والتي فاقمت الأزمة على الواقع الاقتصادي والمعيشي لأكثرية اللبنانيين، وبخاصة الفئات الفقيرة والتي انقطعت أعمالها في ظل الحجر المنزلي والتعبئة العامة، وتخبط السلطة في وضع السياسات المطلوبة لمعالجة الازمات الاقتصادية والمالية والنقدية والحلول المناسبة لها،

تبدى الفشل السلطوي في التصدي للأزمة، والذي لم يكن بسبب الانشغال الظرفي في إجراءات مواجهة الوباء، بل بسبب عجز الحكومة عن اتخاذ اجراءات عملية باتجاه معالجتها وهو ما تبين في: اعتماد نظام المحاصصة في التعيينات، والعودة لصندوق النقد الدولي في مسودة "برنامجها الاصلاحي" للمزيد من الاستدانة بدل اتخاذ اجراءات فعلية في استرداد المال العام المنهوب، والتخبط في معالجة لوائح الاغاثة للعائلات الفقيرة وهزالة قيمتها (400 الف ل.ل)، علماً بأن التعويض عليهم من تداعيات الوباء هو حق لهم على الدولة، تمرير المشاريع التي تفوح منها روائح الصفقات والسمسرات، والتغاضي عن احتجاز ونهب المصارف لأموال الشعب، وحرق خيم الانتفاضة والاعتداء على المعتصمين، وتكريس طائفية المراكز القضائية الأساسية وغير الأساسية من قبل مجلس القضاء الأعلى، المعين هو نفسه، من قبل السلطة السياسية، ما يطرح ضرورة استقلالية القضاء إلى غيرها من الأمور... كل ذلك يؤكد بأن الأزمة ليست أزمة حكومية فحسب، بل هي أزمة نظام سياسي بكل مؤسساته المعطلة، وما نراه ليس الّا سمة ثابتة للحكم على تبدل عهوده، والذي اعتمد المحاصصة الطائفية والسياسات الاقتصادية والمالية عينها والقائمة على الاقتصاد الريعي على حساب الاقتصاد المنتج في الصناعة والزراعة، وهو ما سمح للقطاع المصرفي ومنظومة الفساد السياسي بالتحكم بالواقعين المالي والنقدي ووصول البلد الى شفير الانهيار الشامل. إن لقاء التغيير، لم يتفاجأ بالطريقة التي تعالج بها الحكومة الأزمة، لأنها حكومة ولدت أصلاً من رحم نظام سياسي تحكمه قواعد المحاصصة الطائفية، ومن المنظومة السلطوية نفسها وإن بأسماء جديدة.
إن العجز في المالية العامة، الذي جعل البلد يدخل حالة الإفلاس المالي، كان بسبب السياسات المالية القائمة على الاستدانة وبفوائد خيالية وبسبب هدر المال العام وسرقته، وبسبب الصفقات والسمسرات، وخاصة في الكهرباء والسدود والتلزيمات النفعية التي لم تتوقف حتى تاريخه، وبسبب الهندسات المالية والإجراءات والقرارات المالية العشوائية التي وضعها المصرف المركزي لحساب حيتان المال والسياسة والزبائنية في التوظيف، والسطو على أموال المودعين، ولا سيما المدخرات الاجتماعية لصناديق الضمان الاجتماعي، والمعلمين والمهن الحرة، إضافة إلى صغار المودعين... إننا إذ نرفض هذه الإجراءات، نرفض في المقابل تحميل الفئات الشعبية عبء الأزمة ونؤكد على إعادة الاعتبار للاقتصاد الوطني المنتج ووضع حدٍ للاقتصاد الريعي الذي مكّن قلة قليلة من نهب ثروات البلد ورتب عليه ديناً عاماً شارف المئة مليار دولار؛ فالحل هو بتحميل الذين أثروا على حساب الشعب ومقدراته المسؤولية الكاملة عن ذلك، من خلال فرض ضريبة استثنائية تصاعدية على كل الثروة ورأس المال وإستعادة الأموال المنهوبة التي جرى تهريبها إلى الخارج، وتأمين مصادر دخل للدولة من أصولها والتشدد في مكافحة الفساد والتهريب والتهرب الضريبي واسترداد الأرباح غير المشروعة التي جنتها المصارف من الهندسات المالية لمصرف لبنان، وإعادة الفوائد التي حصلت عليها من الاكتتابات بسندات الخزينة. وإلا فإن الوضع ذاهب إلى انفجار أشمل وأقوى.
إن الانتفاضة الشعبية التي انطلقت منذ 17 تشرين، وإن تراجع حراكها في الشارع بسبب إجراءات الوقاية من تفشي فيروس كورونا، إلّا أنها مستمرة ولن تتراجع عمّا انطلقت لأجله، ولن تقبل بأن تُجهض أهدافها وأن يصادر حراكها الضاغط على المنظومة السلطوية بكل أطرافها وأركانها، لمصلحة قوى محاصصة سياسية وطائفية، هي مسؤولة عن الانهيار الحاصل ومسببة له، وهي كانت وستبقى جزءاً من ركائز هذا النظام المنخور بالفساد، والذي حوّل لبنان إلى دولة فاشلة. إن لقاء التغيير، إذ يدين نهج السلطة الحالية من خلال أدائها السياسي ومقاربتها للحلول، يدين في الوقت نفسه محاولة ركوب قوى محاصصة طائفية للنقمة الشعبية العارمة، ويعتبر أن هذه القوى لا تعارض انطلاقاً من خلفيات وطنية وإنما لتحسين مواقعها في السلطة وحماية لمصالحها. وعليه فإن لقاء التغيير يؤكد بأن لا حلول لإخراج لبنان من أزمته إلّا بإحداث اختراق في بنية النظام السياسي الطائفي، المتحالف مع رأس المال، من خلال تعديل موازين القوى لمصلحة قوى التغيير الوطني الديمقراطي، كما يدعو الأخيرة الى مضاعفة جهودها وتحمّل مسؤولياتها في تجميع قواها ضمن أوسع ائتلاف وطني لقوى التغيير لترسخ موقعها كقوة بديلة قادرة في هذه المرحلة الخطيرة من الصراع على فرض مشروعها للتغيير الحقيقي، ولكي تكون في أعلى درجات الجهوزية التنظيمية والتعبوية للنزول إلى الشارع تحت شعارات هذا المشروع الذي رفعته لإستكمال ما بدأته منذ انطلاقة الانتفاضة؛ فأزمة الكورونا هي طارئة ومعنيون بمواجهتها، لكن الأزمة السياسية الاقتصادية هي مستمرة، بسبب ارتهان القرار السياسي والاقتصادي والمالي للبلد المنهوب بفعل فاعل معروف، وبغياب المساءلة والمحاسبة، والشعب لن يدفع الثمن مرتين، مرة بإرهاقه وإفقاره وتجويعه، ومرة بتمرير الحلول على حساب مدخرات جنى عمره. ولقاءنا سيكون في الشوارع والميادين والساحات، في بيروت وكل لبنان لنعيد ونؤكد بأن الحل يكون بتبني مشروع التغيير ومدخله حكومة وطنية انتقالية من خارج المنظومة السلطوية الفاسدة وذات صلاحيات استثنائية ترفض التبعية والهيمنة، لمنعهم من تحميلنا ثمن الانهيار.
بيروت في 20/4/2020
لقاء التغيير – من أجل لبنان ديموقراطي –