الثلاثاء، كانون(۱)/ديسمبر 24، 2024
عمر الديب

عمر الديب

رأس المال والطبيعة [2]: من يدفع الثمن؟

Published in رأي

لم تعد الحقائق قابلة للطمس. لا تمرّ الأرض اليوم في حركة مناخية دورية، بل يوجد تأثير واضح خلقه الإنسان في نمط إنتاجه، الذي ساد خلال مئتي عام مضت. الحياة الإنتاجية القائمة على الاستغلال المُفرِط للطبيعة والإنسان في خدمة الربح ورأس المال، أدّت إلى سيادة نمط اقتصادي يفرِّط في استهلاك الوقود والفحم الحجري بكمّيات هائلة لتوليد الطاقة اللازمة للحياة،

Read more...

النظام اللبناني: «مالتوسية» تهجيريّة

Published in لبنان

اشتهر الاقتصادي الإنكليزي «توماس مالتوس» بنظريته حول العلاقة بين النمو الديموغرافي والنمو الاقتصادي، وخرج باستنتاجات حول ضرورة الحدّ من النمو السكاني وازدياد أعداد البشر من أجل ضمان نمو حصّة الفرد من الناتج المحلّي وتحسّن وضعه المعيشي إجمالاً.

Read more...

مئة عام على الثورة: الرأسمالية عدوّة الكوكب

Published in عربي دولي

«الاشتراكي، ببساطة، هو ذاك الإنسان الذي لا يستطيع تخطّي فكرة أن الأكثرية الساحقة من الناس، الأحياء والأموات، قد عاشوا حياة من الشقاء البائس الدائم» - تيري إيغلتون بعد الانهيار الفظيع للمنظومة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفياتي عام 1990، غادرت أسراب من الأحزاب الشيوعية الفكر الاشتراكي

Read more...

فلسطين: 100 عامٍ من المقاومة

Published in فلسطين

لا شكّ في أنَّ التآمر على فلسطين مستمر منذ نشوء الحركة الصهيونية وتحالفها العضوي مع المملكة البريطانية التي كانت في حينه تقود العالم الرأسمالي الآخذ في الانتقال إلى الطور الإمبرياليّ في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

Read more...

استراحة من خطاب التشاؤم: فلنحتفل بانتصاراتنا الصغيرة

Published in رأي

يبدو كل شيءٍ قاتماً في لبنان، ولا تنتهي لائحة المصائب التي يغدقها علينا نظامنا منذ عقود، من الفساد والبطالة والهجرة والانقسامات المذهبيّة وقمع الحريات وتغليب القطاع الخاص على العام في كل الميادين بدءاً من الصحة والتعليم وصولاً إلى الأمن نفسه. دينٌ عام وسياسات اقتصاديّة تضرب قطاعات الإنتاج لمصلحة فئةٍ صغيرةٍ من المصرفيين وكبار تجّار العقارات إلى جانب الرأسماليّة الطفيليّة المتمثّلة بأولئك الذين عبروا من خلال مواقعهم القياديّة في السلطة السياسيّة إلى عالم المال والمليارات، وهم في الأغلب أمراء حرب وزعماء ميليشيات.

Read more...

“قانون شرق المتوسط” في الكونغرس: الطاقة والأمن… والتصدي لروسيا

Published in عربي دولي

 
 
عضوا مجلس الشيوخ الأميركي ماركو روبيو وروبرت ميننديز، اسمان أشهر من نار على علم، على امتداد القارة الأميركية اللاتينية، من كوبا إلى فنزويلا وصولاً إلى الأرجنتين وتشيلي. باسمهما إقترنت القوانين والقرارات العدائية التي قُدّمت إلى مجلس الشيوخ والنواب الأميركيين لفرض العقوبات وتطويع وترهيب دول القارة الجنوبية، وتأمين استمرارية السطوة الأميركية السياسية والاقتصادية عليها، في مواجهة حكومات اليسار وحلفائها التي تحاول منذ عقود تحقيق السيادة الوطنية لدولها بعيداً عن الاستغلال والنهب الأميركي الشمالي... قُل إسميهما في هافانا، لتسمع صيحات الاستيعاذ والاستهجان ضد صقور الإدارة الأميركية الذين يستمرّون في حقدهم وعقابهم وإفقارهم لكوبا.
Read more...

ليست أزمة مالية، إنّها أزمة الرأسمالية

Published in رأي

العالم اليوم على مفترق طرق. ما كان يبدو ضرباً من الجنون منذ عقدين، صار خطاباً منتشراً على كل لسان اليوم. الرأسمالية في أزمة بنيوية، في دول المركز كما في دول الأطراف. النظام العالمي "الجديد" الذي نشأ بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1990، صار عالماً قديماً ينتظر اليوم مراسم طيّ صفحته. الرأسمالية التي اعتُبِرت "نهاية التاريخ" تعيش اليوم خريفَها، واليد الخفية التي اعتبرها "آدم سميث" ناظمةً لتوازنات الاقتصاد والمجتمع في ظل الصراع بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج، اتّضح أكثر للناس حول العالم بأنّها يدُ الاستغلال الطبقي الظاهرة، التي تراكم الثروة لدى فئةٍ محدّدة من المجتمع على حساب باقي الطبقات الاجتماعية.

ما يشهده لبنان اليوم ليس حدثاً عابراً نتج عن قرارٍ داخلي أو خارجي، أو عن ردة فعل على قرار ظالم. إنّه انفجارٌ حتميّ نتيجة الانعكاسات المدمّرة للسياسات الليبرالية المتبعة منذ عقود، واستفحال الاستغلال الطبقي من خلال آليات الدين العام وخدمته الذي ينال من نصف إيرادات الخزينة التي ندفعها نحن من جيوبنا. آلية ذات هوية طبقية واضحة، تجبي المال العام من عموم الناس، لتعطي نصفه على طبق من ذهب لدائني الدولة، وهم بضعة عشرات العائلات التي تمتلك المصارف ورؤوس الأموال الكبيرة المتحكمة بسياسات الدولة الاقتصادية. تجمع الدولة الأموال من الأكثر حاجةً لتعطيهم إلى كبار الطغمة المالية. هي آلية نهبٍ منظّمة لمراكمة رأس المال، تزيد من تركّزه وتمركزه، لتترك العاملين والأجراء والموظفين والمُعطّلين عن العمل وصغار التجار وذوي الدخل المحدود رهينةَ سيادةِ الهيمنة الطبقية المطلقة عليهم. جهاز الدولة في خدمة رأس المال كما قال لينين في "الدولة والثورة"، وسياساتها مكرّسة لخدمته وتعزيز سيطرته على مفاصل السياسة والاقتصاد، فيما الناس يعملون ليل نهار لتحصيل ما لا يكاد يكفي عيشهم، ولتسديد فاتورة خدمة الدين العام، أي فاتورة خدمة رأس المال اللبناني.

لبنان ليس جزيرةً معزولة، والأزمة ليست محصورةً فيه. السمة العامة للرأسمالية اليوم هي سمة الأزمة الكونية. تأخذ أشكالها المختلفة في كل مكان وزمان بحسب الظروف الموضوعية السائدة فيه. انتفاضات الشعوب في العراق والسودان والجزائر وغيرها هي تعابير مختلفة عن أزمة تتشابه في مضمونها. حرّاس رأس المال قد يكونون أركان دولة طائفية أو أركان جيوش مستبدة أو ملكيات تابعة، إذ تتعدّد الأشكال لكنّ المضامين تتلاقى.

وفي حين تأخذ ارتدادات الأزمة طابع الانتفاضات الشعبية المطالبة بالتغيير في لبنان والعراق والسودان والبرازيل وإيران والتشيلي وغيرها، تتمظهر الأزمة نفسها بأشكال مختلفة في دول المركز الرأسمالي. ولعلّ أبرز مظاهر التحولات السياسية هناك هو الحالة الشعبية الواسعة التي بات يستقطبها التيار الاشتراكي في بريطانيا والولايات المتحدة بقيادة جيريمي كوربين وبيرني ساندرز اللذين يبنون شعبيتهم الواسعة على وعود العدالة الاجتماعية، بدءاً بتأميم قطاع النقل العام والبريد والطاقة والمياه، وتوسيع التغطية الصحية المجانية وبناء المساكن الشعبية كما هو الحال في برنامج حزب العمال البريطاني، أو بإقرار التغطية الصحية الشاملة وإلغاء ديون الطلاب وجعل التعليم مجانياً بالكامل وتمويل كل ذلك من خلال ضرائب واسعة على ثروة الرأسماليين كما هو برنامج "ساندرز" في ترشحه للرئاسة الأميركية. قبل سنوات، كانت هذه البرامج لتثير موجة من الاستنكار الإعلامي وحتى الشعبي في هذه الدول، مع أنّها برامج ذات مناحٍ اشتراكية ديمقراطية خاصة في حالة "ساندرز"، لكنّها صارت الآن تلقى التفافاً شعبياً متجذّراً ضدّ سياسات رأس المال. وفي حين تعمل الطبقات الحاكمة، وأجهزتها الإعلامية والأمنية على منع فوز أي من هؤلاء، وهي تنجح في ذلك حتى الآن، غير أنّها لا تستطيع أن تغيّر من حقيقة التفافِ تيارٍ شعبيّ واسع خلف الأفكار الاشتراكية ودعوات التغيير في النظم القائمة. لا يتردد "كوربين" و"ساندرز" في طرح الاشتراكية كحل مستقبلي تقدمي لبلدانهم، ولا تتردّد فئات اجتماعية واسعة، خاصة الشباب والطلاب، في تبني هذا الطرح خياراً وحيداً لحلّ الأزمات الاجتماعية المستفحلة.

إنّ انتفاضاتِ شعوبِنا العربية وشعوبِ أميركا اللاتينية التي سبقتها وصعودَ التيار الاشتراكي في دول المركز الرأسمالي، أوجهٌ مختلفة للتعبير عن حقيقة واحدة: الرأسمالية في أزمة، وقد وصلت إلى حدودها التاريخية. لقد استوفَتْ مهمتها التاريخية، وظهر جليّاً انحسار أفقها، في ظل التعاظم المتسارع في مستويات اللامساواة بين الأكثر غنىً والأكثر فقراً، وفي ظلّ التناقض القائم بين قوى العدوان والاحتلال والهيمنة والشعوب المنتفضة والقوى الصاعدة.

أزمتُنا ليست مالية، ولا نقدية ولا رقمية، وليست مشكلة موظف فاسد أو مشروع جرت سرقته زوراً. أزمتنا بنيوية، في صلب نظامنا الذي يولّد الفساد من بنيته المذهبية واعتماد الزبائنية في إدارة القطاع العام، وفي صلب سياساته الاقتصادية المكرّسة لخدمة المصارف ورؤوس الأموال. أزمتُنا جزءٌ من الأزمة الرأسمالية الشاملة، وحلولها لن تكون إلّا جزءاً من حلول الأزمة الشاملة نفسها.

منذ شهرين كان هتافُ "الوطن للعمال تسقط سلطة رأس المال" أشبهَ بصرخةٍ في صحراء ليس فيها من يسمع أو من يجيب. اليوم هذا الشعار يكاد يكون داخل كلّ بيت. اليوم قد يعتبر البعض أنّ تجاوز الرأسمالية، وكسر الهيمنة الامبريالية ضرباً من ضروب الخيال، لكن خلال سنوات معدودة، قد يصير هذا الطرح مطلوباً، الآن وهنا، داخل كل دولة.

Read more...

مصر ولبنان والعراق: انتفاضات شعبية متشابهة؟

Published in عربي دولي


الشعوب العربية ليست على ما يرام. الحروب والاحتلال والاستغلال الطبقي والفقر والبطالة والتهجير والقتل والإرهاب والعقوبات والمذهبة والأصولية والقمع والاستبداد تلاحقها من كل صوب. منطقة تختزن ثروات نفطية هائلة، وموارد بشرية وأراضٍ ومساحات ومضائق وممرات وموقع جغرافي تكفي أن تصنع منها قطباً دوليّاً صاعداً لديه ما يكفي من الموارد والإنتاج لتأمين الأمن الاجتماعي والسياسي، وفرص العمل والتعليم والصحة والسكن والاستقرار لكل أبنائها. لكن، هيهات.

كما كل التناقضات التي لا تجد حلولاً لها، لا بدّ لتلك الأزمة أن تنفجر، وأن تنعكس انتفاضات شعبية مستمرة على هذا الواقع المزري، وهذا ما يحصل اليوم. تعيش العديد من دول المنطقة موجةً جديدةً من انتفاضات الغضب الشعبي التي تأتي كردة فعل على الواقع المعيشي الحالك. ها هم الملايين ينزلون إلى شوارع مصر والعراق ولبنان والسودان والأردن والجزائر وغيرها لا لشيء إلّا للتعبير عن ذاك الألم والشعور بالمهانة والذلة وانتقاص الكرامة من هذا الواقع. انتفاضات لا زال يحكمها إجمالاً الطابع العفوي والشعبوي والقائم على رد الفعل و"فشة الخلق"، لكنّه أيضاً يحمل في طياته تعبيراً صارخاً عن الحاجة الماسة والتاريخية لإحداث تغيير جذري تقدمي على امتداد دول منطقتنا.

مصر أمّ الدنيا التي كانت بوصلة المنطقة ورافعة العمل السياسي فيها، صارت مصر التي تنتظر صندوق النقد الدولي كي يمنّ عليها بقروض ميّسرة مقابل حزمة من الشروط و"الإصلاحات". مصر التي كانت محور الصراع مع العدو الصهيوني لعقود، صارت مصر التي تحاصر غزّة، والتي تتمنى على أثيوبيا أن لا تقطع عنها مياه النيل. حكمها "مبارك"، نيابةً عن المؤسسة العسكرية طويلاً، ومن بعده حاول أن يحكمها "مرسي" والإخوان، لكنّ مصر انتفضت على الأول وقاومت قمعه بالحديد والنار، ثم خرجت على الثاني فأقصته دون تردد، لينتهي بها الأمر بالنظام الجديد - القديم عبر حكم السيسي نيابةً عن المؤسسة العسكرية مجدداً. حملةٌ من الوعود الرنانة والأحلام الوردية رافقت حكمه، وكذلك رافقته ممارسات متجدّدة من كمّ الأفواه وترويض المعارضة وإسكات أي صوت منتقد، وتم الإمساك بالإعلام تماماً. 60 ألف مواطن مصري على لوائح الإرهابيين المطلوبين للدولة بينهم شيوعيون ويساريون تهمتهم أنهم... إخوان! هرول النظام نحو الصناديق المانحة، فهو يريد المال لإطلاق بعض المشاريع وإيهام الناس أنّ الوضع على ما يرام، وأن الأزمة أخيراً وجدت حلّها. المال الخليجي أتى بوفرةٍ، وبشروط سياسية منها ما هو مرتبط بالحرب على اليمن ومنها أو بالتنازل عن سيادة البلاد عن جزرها تيران وصنافير في البحر الأحمر. مال صندوق النقد الدولي أتى منه 12 مليار دولار، ومعه حزمه من الشروط، هي نفسها التي يطرحها علينا مهندسو "سيدر" اليوم في لبنان. في مصر، تحرير سعر الصرف، وتحرير أسعار المحروقات ورفع الدعم عنها، ورفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 14%، كانت من الوصفات الجاهزة لدى الصناديق، يرونها تصلح لكل زمان ومكان. سلطة تعمل في خدمة رأس المال المصري والدولي لم تتردد لحظةً. أطلقت نيران إصلاحاتها القاتلة على شعب يئنّ فقراً أصلاً. فكانت النتيجة تدهوراً حاداً في حياة المصريين رغم بعض التحسنات الشكلية التي طرأت على أرقام الموازنة ومؤشرات الاقتصاد الكلي. لكنّ الاقتصاد الذي يعني الناس هو اقتصاد توزّع الثروة، وهو حال الطبقة الوسطى والفقيرة التي تدفع دوماً ثمن هذه السياسات لتضخ الثروة من جيوبها إلى جيوب الأغنياء. 100 مليون مصري يعيش 33% منهم الآن في حالة فقر مدقع حيث يعيشون بأقل من 48$ شهريّاً بحسب أرقام المؤسسات الإحصائية الرسمية، فيما تقدر جهات دولية وصول نسبة الفقر عموماً إلى حوالي 60% أي 60 مليون مواطن مصري. لم تعد الأكاذيب تجدي نفعاً، ولا أبواق السلطة وإعلاميوها. الناس الموجوعة سوف تخرج على الحاكم، سواء أعجب ذلك المفتين والضباط أو لم يعجبهم. إرهاصات أولى ظهرت في مصر في الأسابيع الماضية، ولا شكّ أن حاجز الخوف والترهيب يكسر من جديد، ولعلّ الشارع يريد أن يعلي صوته ليقول أن لا صوت يعلو فوق صوت الجماهير، وأن حلم المصريين أن تعود مصر رافعةً للعمل الوطني كما للتغيير المنتظر.

لبنان مختبر آخر لسياسات اللبرلة وضرب القطاعات المنتجة والاستدانة من أجل تمويل حاجات الخزينة التي يذهب جزء كبير منها سرقة لمصلحة أرباب السلطة. لبنان "عايش بالدين"، لكنّ هذه الوصفة لها حدودها التي لا بدّ ولا مجال إلا أن تنفجر إذا لم تكن الاستدانة من أجل التنمية والاستثمار والإنتاج. وبالفعل، ها هي تنفجر اليوم. لقد أدى اتفاق الطائف الذي عقد بتسوية سورية سعودية أميركية إلى إرساء معادلة جديدة في تقاسم السلطة، والتي قادها الثلاثي المستقبل وأمل والاشتراكي. ولتسهيل سيطرتهم كان لا بد من إقصاء المعارضة وإسكات صوتها ومصادرة النقابات عبر التزوير في الاتحاد العمالي العام، وصولاً إلى السطوة الأمنية وشراء الذمم. انهارت التسوية القديمة عام 2005، ثم أنتجت تسوية جديدة في العام 2007 أدت إلى تحويل ثلاثي الحكم إلى سداسي مع دخول القوات اللبنانية وحزب الله والتيار الوطني الحر بشكل فعال إلى جنّة الحكم وبقرته الحلوب، وبشكل أساسي بينهم التيار الوطني الحرّ. تغيرات كثيرة حصلت في الوجوه والأسماء والقيادات والأحزاب الحاكمة، لكن المضمون ظلّ واحداً. نموذج اقتصادي ريعي يقوم على الاستدانة لتمويل العجز، ويضع مقدرات الدولة كلها في خدمة مصالح رأس المال الريعي من مصارف وشركات عقارية كبرى وغيرها. ووسط هذا النموذج، تحول زعماء الميليشيات الذين ربحوا الحرب وركّبوا التسويات إلى رأس مال جديدٍ طفيلي قام على حساب المال العام فراكم مليارات الدولارات من النهب المنظم لخزينة الدولة وصناديقها ومشاريعها وتلزيماتها. تركز التحالف بشكل صلب ومتين بين رأس المال الريعي المتأصل وبين رأس المال الطفيلي الصاعد، فأنتجوا نظامنا اللبناني المستمر حتى اليوم. انتصارات جبارة تاريخية يسطّرها الشعب اللبناني في المقاومة ضد الاحتلال، ترافقها هزائم نكراء أمام نظام الاستغلال الرأسمالي. عمقت سياسات الأحزاب الحاكمة الفروقات الطبقية بشكل صارخ بين اللبنانيين، وبفضل النموذج الريعي صار 1% من الحسابات المصرفية يستحوذ على أكثر من نصف الودائع، أي على ما يقارب 90 مليار دولار، فيما اللبنانيون يكافحون صبح مساء لتأمين مسكن يأويهم ومدرسة لأولادهم ومستشفى لأهلهم، وبالكاد يجدونها. كما في مصر، 35% من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، ومليون لبناني هاجر دون عودة خلال العقود الثلاثة الأخيرة بحيث من الصعوبة أن تجد بيتاً في لبنان لم يهاجر منه أحد أبنائه إلى أربع جهات الأرض بحثاً عن الأمل والخبز والكرامة. هذا هو نظام المذلة والإفقار، نظام السرطنة والقتل البطيء، نظام الاستغلال الطبقي والتهميش الاجتماعي، نظام الانهيار الاقتصادي الحتمي الذي لا إنقاذ منه إلا بالتغيير الجذري الشامل لهذه السلطة، ونظامها، وأحزابها الحاكمة.

العراق ليس الجحيم، حتماً. لكن بالنسبة لفقرائه الذين لم يروا إلا القتل والحصار والقهر والاستغلال والقمع منذ عقود حتى اليوم، قد يكون يبدو لهم كذلك. فبعد عقود من الاستبداد الوحشي تحت حكم النظام السابق، والعقوبات الدولية التي قتلت مرضى العراق وأطفاله جوعاً ومرضاً، جاءت الحرب وجاء الاحتلال الأميركي المدعوم من أساطيل دول حلف شمال الأطلسي لتترك وراءها مئات آلاف القتلى وبلداً منهكاً ومدمّراً. ضربوا المثال سابقاً بـ"خراب البصرة"، وربما صار اليوم واجباً تعديل المثل الشعبي واستبداله بـ"خراب العراق". اليانكي الذي تخلى عن سياسات السيطرة الناعمة والنهب الرأسمالي المقونن وفق قواعد الامبريالية عاد إلى زمان الاحتلال المباشر وأحلّ جيشه وأمنه واستخباراته وفرق الموت الخاصة به على العراق منذ عام 2003. الآتون من الغرب ركّبوا نظاماً جديداً بالتعاون والتضامن مع أهل الشرق. تسوية أميركية إيرانية أفضت إلى إنتاج نظام "ملبنن"، يقسم العراق مذاهب وأقاليم وقوميات ليضع الكل بمواجهة الكل، كي تسهل السيطرة والتحكم. صار لكل منطقة ولكل حزب مذهبي ميليشياته، واتفق الجميع على ضرب بنية الدولة وعدم السماح بقيام جيش عراقي وطني، وإضعاف مؤسساتها ووضع مقدراتها في خدمة الفساد والمحاصصة والنهب المنظم الداخلي والخارجي. ذلك استمر حتى اليوم ليضرب أي امكانية لقيامة العراق، ولحقوق شعبه في ثرواته. منذ سنوات طويلة عاد إنتاج البترول العراقي كي يكون من الدول الأكثر إنتاجاً في العالم، لكن أين مال النفط العراقي؟ حتماً لن تجده في جيوب مواطنيه، ما خلا القلّة الحاكمة الفاسدة التي راكمت عشرات المليارات من الدولارات في حساباتها الخاصة فيما شعبها لا يجد القوت في بيته. خرج شعب العراق اليوم شاهراً سيفه. إنتاج نفطي هائل وأموال تفوق 60 مليار دولار سنوياً من عائداته، فيما الكهرباء لا زالت غير موجودة حتى اليوم، والبطالة في أوجّها، والفقر يقضّ مضاجع الملايين المنهوبين. البلاد في حالة صراع سياسي مستمر، والتوظيف السياسي لأي تحرك هو أمر متوقع خاصة في ظل الحرب الشعواء التي تخوضها الولايات المتحدة ضد إيران والقوى المتحالفة معها، لكن العبرة تكمن، بجميع الأحوال، في أنّ هذا النظام بكل مكوناته قد جلب الفوضى واللاستقرار، وأمن شروط النهب المنظم، وكرس الاستغلال وعمّق الانقسام، وأنتج رأسماليةً طفيلية تختزن عشرات المليارات من المال العام فيما البؤساء مهمشون على قارعة الحياة. خرجت الانتفاضات الشعبية، كردة فعل طبيعية متوقعة على هذا الحال، وهو أسوأ الأحوال. إنّ الصرخةٌ في وجه الظلم والهيمنة والنهب والفساد والاستغلال، سوف تجد الكثيرين ممّن يريدون استثمارها أو تحويرها أو خنقها في مهدها، لكن هل لها أن ترى من يسمعها ويلاقيها ليحمل لواءها؟

تتشابه المعطيات والظروف على امتداد منطقتنا، كما الوضع في مصر ولبنان والعراق، حيث تجثم على صدور الشعوب أنظمة تقوم بحماية النهب والاستغلال الداخلي والخارجي، لتبني قصوراً من ذهب، وحسابات مصرفية من 9 أصفار، على حساب الملايين الذين يئنّون ألماً ومهانةً ومذلّة. انتفاضة الفئات المهمّشة والمستغَلّة في كل البلدان العربية، التي نراها اليوم وتلك الآتية في المستقبل، هي النتيجة المنطقية والحتمية لهذا الوضع القائم، ولن يكون حلّها إلا في التغيير الجذري والشامل لواقعنا السياسي الراهن، وهذا هو الدور المأمول من قوى التغيير والتقدّم والتحرّر.

Read more...

هل عادت أوهام "طريق التطور اللارأسمالي"؟

Published in رأي

أثارت نظريّة "طريق التطوّر اللارأسمالي" التي طرحها الحزب الشيوعي السوفياتي خلال منتصف القرن الماضي حول مسار الانتقال نحو الاشتراكية في دول العالم الثالث ، نقاشاً نظريّاً حادّاً داخل الحركة الشيوعية، حيث تبنّاها بشكلٍ رسمي لقاء الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمي والأحزاب الأقرب إلى الاتحاد السوفياتي وصارت إحدى ركائز السياسة الخارجية لدول المنظومة الاشتراكية، فيما رفضها طيفٌ واسعٌ من الأحزاب والمفكّرين الماركسيين وظلّت موضع نقاش داخل الحركة الشيوعية.

Read more...

ضد العنصرية، ودفاعاً عن كل العاملين في لبنان

Published in فلسطين

لا توجد مظلومية في تاريخ الشعوب الحديث تعادل في حجمها وعمقها واستهدافاتها السياسية مظلومية الشعب الفلسطيني. لقد شهدت العقود الماضية جريمةً تاريخية تمثّلت بسرقة الأرض وتهجير وقتل وحصار الشعب، وسط خطة محكمة للحركة الصهيونية، ومع دعم بريطاني ثم أميركي لا محدود طوال هذه الفترة كقاعدة متقدمة ذات دور ووظيفة لصالح القوى الامبريالية ومشروعها في المنطقة. وانعكست تلك الجريمة التاريخية على الدول المحيطة بفلسطين، حيث يعيش في كل منها الآن مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين الذين يعانون أيضاً من التمييز والعنصرية والحرمان والتضييق والاستخدام الداخلي والاستغلال الطبقي، خاصة في لبنان والأردن.

Read more...
Subscribe to this RSS feed