الثلاثاء، تشرين(۲)/نوفمبر 19، 2024

الشيوعي اللبناني: لإحياء الأول من أيار وتثوير الانتفاضة ضد منظومة كورونا الرأسمال ونهب المال العام

  المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني
بيانات
يأتي الأول من أيار، عيد العمال العالمي هذا العام، في ظل انفجار أزمة الرأسمالية العالمية التي يتأكد، مع ضخامة تداعيات انتشار وباء كورونا، ان تقديسها للربح الخاص ولسيطرة الكتل الاحتكارية الدولية قد تمخّض عن جرائم لا حدود لها ضد البيئة والطبيعة والحياة البشرية. وتتبدى ذروة هذه الجرائم بتجريدها الإنسان من إنسانيته ومن انتمائه الاجتماعي.


وتتسبّب هذه الجرائم بموت آلاف الناس يومياً بفعل تبعات الوباء، كما تسببت بمعاناة مئات الملايين من العمال والفقراء جوعاً وفقراً وبطالة كنتيجة لعنف الاستغلال الطبقي والاجتماعي الذي يتعرّضون له.
وفي هذا السياق، تندرج معركة مكافحة كورونا في مجرى الصراع الذي تخوضه الطبقة العاملة والإنسانية جمعاء ضد الرأسمالية وضد الإمبريالية وهذا ما يكسب الاحتفال بالأول من أيار هذا العام مضمونه الحقيقي في بعديه المتلازمين، الطبقي والوطني، توحيداً لمسيرة نضال شعوب العالم اجمع ضد الإمبريالية ومن أجل التحرر الوطني والاجتماعي وبناء الاشتراكية.
وفي إطار هذه المسيرة، قدّم شعبنا اللبناني وطبقته العاملة وفقراؤه وأجراؤه وموظفوه والجسم الطبي والتمريضي عطاءات عظيمة في مقاومة كورونا. مع التأكيد أن هؤلاء هم هم - بصفتهم قوة اجتماعية اساسية - الذين احتلوا دوماً ولا يزالون الصفوف الأمامية في مقاومة الاحتلال الصهيوني وتحرير الأرض وكذلك في مقاومة النظام السياسي الطائفي وتبعيته للإمبريالية وأدواتها كافة. وهم هم أيضاً الذين جسّدوا النبض الحيّ للحراكات النقابية والانتفاضات الشعبية ضدّ المنظومة السياسية الطائفية المتعاقبة التي، بعد أن نهبت أموال اللبنانيين وودائعهم وقوّتهم الشرائية، لم تجد ما تقدّمه لهم سوى البطالة والعوز والفقر والجوع والقلق المستحكم بمستقبلهم ومستقبل أسرهم. وها هي هذه المنظومة اليوم تستغل جائحة كورونا لتعود وتستخدم الطائفية لتشتيت الصفوف ومنع البديل الطبقي والاجتماعي من التكوّن عبر زرع الفتن واشاعة الفوضى دفاعا عن مصالحها الطبقية وعن نظامها السياسي البائس والبائد.
فهذه المنظومة السياسية، سواء عندما كانت موحّدة ضمن حكومة ما يسمّى "الوحدة الوطنية "، أو عندما دبّ الصراع بين أطرافها كما هو الحال عليه اليوم، هي التي أقرت مجتمعة ما سمي بـ "الورقة الإصلاحية"، وهي التي اعتدت على الحقوق والحريات واستباحت ساحات الانتفاضة وحرقت خيمها، وهي التي تواطأت في تهريب العميل عامر الفاخوري، وهي التي سحبت مشاريع القوانين التي تنظّم الرقابة على التحويلات المصرفية وأصرّت على تحاصص التعيينات، وهي التي تجتمع اليوم لتشريع فسادها ضمن القوانين، وهذه كلها أمور تؤكد أن التغيير الحقيقي لا ينتجه من أوصل البلد الى هذا الخراب الكبير.
أما البديل فهو في التوجّه الى الحركة الشعبية، كي تمسك بقضيتها، وتتابع تثوير وتطوير انتفاضتها بسرعة أكبر وفعالية أشد، بدءاً من مساءلة رموز النظام السياسي القائم ومحاسبتهم مع الأقلية المتنفذة اقتصادياً ومالياً عن مسؤوليتهم المباشرة في استفحال كلفة خدمة الدين العام واستفادتهم الخاصة منها. ففي البدء كان نهب المال العام والأملاك والأصول العامة طيلة 30 عاما، وأيّ تغيير فعلي وملموس يجب أن يبدأ من هذا الملف بالذات. وهذا ما سبق أن فصّله الحزب في المؤتمر الصحافي الذي عقده قبل أسبوع، طارحاً فيه مشروعاً كفاحياً محدّد النقاط والاستهدافات لتنظيم عملية الشروع الفوري في وضع الضرائب على الثروات المتراكمة لدى الرأسمال المالي واسترداد الأموال العامة التي نهبت عبر الفساد والمحاصصة والتلزيمات والأحتكارات. هذا مع التأكيد على الاستمرار بالوقوف في وجه محاولات مصادرة الانتفاضة والسطو عليها وتجييرها لمصلحة قوى سياسية طائفية وسلطوية تدّعي الدفاع اليوم عن حقوق الناس بينما هي المسؤولة بالأصل عن الانهيار الحاصل ومسببة له، موظفة محاولاتها هذه، في إطار أجندات صراعاتها الداخلية على الحصص وخدمة للتدخلات الخارجية المتعددة والضغوط الأميركية العاملة على تنفيذ مشاريعها السياسية التي تستهدف لبنان والمنطقة.
كما يرى الحزب الشيوعي اللبناني في استمرار الحجر المنزلي من دون توفير دخل أساسي يحمي الفئات الاجتماعية الهشّة من الفقر والبطالة والعوز ويلغي دفع رسوم وفواتير الكهرباء والمياه والهاتف في هذه المرحلة، يشكل تهديداً مباشراً لحياة الفقراء والمتعطّلين عن العمل والمياومين والذين خفضت أجورهم. وهو يدق ناقوس الخطر ويحذّر من مغبة انتشار الفوضى وانهيار الأمن الاجتماعي إذا ما استمر هذا الإهمال الرسمي مترافقاً مع تسارع انهيار سعر العملة الوطنية وارتفاع الأسعار وخفض الأجور والوقف القسري للعمل وإصرار المصارف على إجبار صغار المودعين على تحويل ودائعهم إلى الليرة اللبنانية وفقاً لسعر الصرف الرسمي، مع تراجع قيمة أموال تعويضات نهاية الخدمة للعمال في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وسائر الصناديق الضامنة للمهن الحرة والمعلمين والموظفين في القطاعين العام والخاص.
ويعتبر الحزب أن الأول من أيار، تاريخٌ مجيدٌ ندعو إلى إحيائه هذا العام بمختلف الأشكال الملائمة التي تسلّط الضوء على الظلم الطبقي الذي ترزح تحت أعبائه الطبقة العاملة وسائر الفئات الاجتماعية المهمشة، والذي ازداد تفاقمه مؤخّراً بفعل انتشار وباء الكورونا الذي ترك تأثيره السلبي على أشكال إحياء المناسبة. إنه عيد تتجدّد فيه روح وكفاحية المناضلين الأوائل الذين رفعوا بدمائهم الزكية راية التحرر الاجتماعي من عبودية الرأسمال واستغلاله. إنه عيد لتكريم مناضلي الطبقة العاملة اللبنانية وشهدائها الأبرار، فيه نستلهم روح المقاومين الوطنيين والنقابيين الأوائل، روح انتفاضة السابع عشر من أكتوبر. إنه عيد للنضال من أجل قيام حركة نقابية مستقلة عن أطراف هذه السلطة الذين صادروا قرار الاتحاد العمالي العام. إنه عيد ندعو فيه للعبور بلبنان من الدولة الطائفية البائسة إلى رحاب الدولة العلمانية والديمقراطية المتحرّرة من التدخّلات الخارجية. إنه عيد نوجّه فيه إلى الشيوعيين والقوى اليسارية والديمقراطية والنقابية والمدنية ولقاء التغيير، نداءً من أجل الاضطلاع بالمهمّات والمسؤوليات الكبيرة والمتنوّعة الملقاة على عاتقهم لاستكمال الجهود من أجل قيام أوسع ائتلاف لكل قوى التغيير الديمقراطي حول رؤية سياسية جامعة تتوحّد الصفوف حولها لتحقيق أهداف الانتفاضة الشعبية.
بيروت في 21/4/2020
المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني