الثلاثاء، تشرين(۲)/نوفمبر 19، 2024

بيروت تتوهج بـ "الأحمر" في الأول من أيار ...

أخبار الحزب
بيروت تتوهج بـ "الأحمر" في الأول من أيار وغريب يدعو إلى تصعيد المواجهة ضد الخطاب الطائفي...


هي الرايات الحمراء مجدداً ترفرف في بيروت عاصمة المقاومة الوطنية، العاصمة العربية التي عصيت على العدو الصهيوني من احتلالها، وفرّ هارباً رافعاً الراية البيضاء، معلناً انسحابه بفضل ضربات عمليات "جمول" وحزبها؛ الحزب الشيوعي اللبناني، الذي قدم قافلة من الشهداء أتوا من كافة بقاع الوطن، متحدين طاعون الطائفية والمذهبية، حاملين شعار "التحرير والتغيير".. منذ ما قبل التأسيس من الحرس الشعبي وقوات الأنصار، إلى عمال الريجي والتبغ والحركة الطلابية والنقابية...، والقافلة تطول لنضالات ومعارك وطنية وإنجازات أزهرت نصراً وتعد بالمزيد...
الآلاف من الشيوعيين احتفلوا بالأول من أيار موجهين رسالة لهذا النظام الطائفي الفاسد، بأن المعركة المقبلة ستكون في الخامس عشر من الشهر الحالي، فاحذروا "المارد الأحمر" ورايته التي ستبقى ترفرف عالياً أكثر وأكثر، فهي كالسنديانة شامخة دائماً، لأنها رويت بدماء رفاق عظماء، ونعاهدهم أنها ستبقى مخرزاً في عين كل من تسول له نفسه التطاول عليها وعلى الحزب والرفاق...
كاترين ضاهر

دعا الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب إلى "أن يكون الأول من أيار منصة لتصعيد الحراك الشعبي في الشارع، وصولاً إلى ذروته في الخامس عشر من أيار الحالي، وإلى استكمال المواجهة المفتوحة ضد حيتان المال وسلطتهم السياسية الحاكمة وإلى تصعيد المواجهة ضد الخطاب الطائفي والمذهبي الهادف إلى تقسيم اللبنانيين".
وجاءت دعوة غريب في كلمة ألقاها في ساحة رياض الصلح، احتفالًا بالأول من أيار، عيد العمال العالمي، في تظاهرة للـ "الشيوعي" و"الاتحاد الوطني للنقابات"، والتي انطلقت من أمام مقر الإتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، وسلكت كورنيش المزرعة ومار الياس وصولاً إلى رياض الصلح، وحمل فيها المتظاهرون رايات الحزب الشيوعي والإتحاد وصور للرواد الأوائل مناضلي الحركة النقابية، وشارك فيها شخصيات سياسية ووطنية ونقابيون وفنانون ومثقفون وحشد من العمال والشيوعيين.
عبدالله
في ساحة رياض الصلح، علا النشيدين الوطني والحزب الشيوعي، فكلمة لرئيس الإتحاد الوطني كاسترو عبد الله توجه فيها بتهنئة المتظاهرين بالعيد باسم الإتحاد، مؤكداً على العمل من أجل الدفاع عن حقوق ومصالح جميع العمال وتصحيح الأجور، "رفع الحد الأدنى وسعي الاتحاد من أجل تعميم الحماية الإجتماعية، تعديل قانون العمل، حماية الضمان الاجتماعي، إقرار قانون ضمان الشيخوخة، إسقاط القانون التهجيري الأسود للإيجارات وإيجاد سياسة إسكانية متكاملة".
وأضاف "يطل علينا عيد العمال العالمي هذا العام، حاملاً معه المزيد من المآسي والأزمات التي تجعل الفرح والأمل بحياة كريمة بعيدين عن متناول الطبقات الكادحة، وبالتحديد الطبقة العاملة، فالنظام السياسي الطائفي والمذهبي، وتحالف أصحاب المصارف والشركات المالية وكل المحتكرين والتجار أبوا، كالمعتاد، إلاّ أن ينغصوا علينا فرحة هذا العيد"، متطرقاً إلى سياسات الطغمة المالية الفاسدة المتمثلة بأمراء الطوائف والمذاهب الفاسدين والمفسدين، والتي "تتآمر على حق العمال والمستخدمين بضمان صحي واجتماعي، وتقاعد وضمان شيخوخة لائقين، فتسعى لضرب الضمان الاجتماعي وتعمل على إفلاسه وإلغائه، من خلال سحب براءة الذمة لصالح عديمي الذمة، ولصالح شركات التأمين الخاصة المملوكة من المحتكرين والشركات المحمية والمدعومة..."، عارضاً مؤامرات هذه السلطة في نهب الحقوق العمالية... وتخليها عن دورها في تأمين الحد الأدنى من مقومات العيش اللائق المتمثلة بالخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وسكن وتعليم وصحة وبيئة نظيفة لصالح المافيات وحيتان المال.
وأردف: "هذه السلطة، التي لم تتوقف عن ضرب الأمن الصحي والغذائي للمواطنين الفقراء، تنفيذاً لإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين، ضربت كافة القطاعات الإنتاجية وأفلستها، وشرعت أبواب الفساد والسرقات وهدر المال العام.
كما أكد أنه لم يعد جائزاً السكوت عن تلك الجرائم التي نذهب ضحيتها، داعياً لجعل هذا العيد "مناسبة نجدد فيها التزامنا قضايا الفقراء والعمال وذوي الدخل المحدود، في مواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخانقة، مشدداً على ضرورة اعتماد قانون انتخابي عادل على أساس النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة، وخارج القيد الطائفي.
وتوجه إلى "حيتان الريوع المالية والعقارية"، قائلاً: "إن سياساتكم واحتكاراتكم وسرقتكم للمال العام، وإعفاء شركاتكم ومصارفكم من الضرائب وفرضها على الفقراء أوصل البلاد إلى حافة الفقر والبطالة وهجرة الشباب، وهي السبب في تهجير أكثر من 180 ألف مواطن من المستأجرين القدامى من منازلهم لصالح الشركات العقارية والمصارف.."، عارضاً تفشي ظاهرة الصرف الكيفي والتعسفي للعمال اللبنانيين واستبدالهم بآخرين، وللمتعاقدين في القطاع العام والوزارات، داعياً إلى "جعل الأول من أيار مناسبة لإطلاق حملة وطنية وعمالية تضع حداً لسياسات وممارسات الاحتكارات والمافيات، يداً بيد للعمل على فرض تدابير لإنهاء الفلتان والتسيب، والحد من التضخم والغلاء، وتعزيز الرقابة على مؤسسات الدولة ووقف الهدر ونهب المال العام... فلنجعل الأول من أيار منطلقاً من أجل تعزيز الحركة النقابية المستقلة والديمقراطية وتوسيع صفوفها"،.. و"لنعمل معاً على بناء حركة نقابية ديمقراطية مستقلة وممثلة، تضم في صفوفها جميع العاملات والعمال والموظفين والمتعاقدين بأجر في القطاعين العام والخاص، حركة قادرة على تأمين شروط الضغط من أجل إقرار عقد اجتماعي جديد نشارك جميعاً في إعداده وتطبيقه ومراقبة تنفيذه، عقد أصبح ضرورة وطنية يتيح بناء دولة عصرية وعادلة مستقرة تقوم على قيم حقوق الإنسان والعدالة والمساواة خارج الانقسامات الطائفية والمذهبية والرهانات الخارجية".

غريب
بدوره تحدث الأمين العام حنا غريب فقال: "تظاهرتنا اليوم في الأول من أيار، تظاهرة للاحتفال بعيد العمال العالمي، هو يوم أممي للاحتفال بالإرث الإنساني الذي حملته وستظل تحمله الطبقة العاملة العالمية، هو يوم للنضال من أجل مستقبل البشرية وتقدمها وتحسين شروط العمل والحياة للجميع، يوم العهد والوفاء للذين كتبوا بدمائهم وتضحياتهم ولادة هذا العيد في شيكاغو عام 1886، وحتى يومنا هذا، فتحية إلى شهداء هذا العيد، إلى شهداء الطبقة العاملة اللبنانية وحركتها النقابية، إلى الذين سقطوا في ساحات الشرف والبطولة في تظاهرات الحركة الطلابية والريجي ومعمل الغندور ومزارعي التبغ وصيادي الأسماك".
أضاف: "تحية إلى شهداء المقاومة اللبنانية الوطنية والإسلامية الذين سقطوا ضد الاحتلال الإسرائيلي وعدوانيته، إلى قادة الحركة النقابية اللبنانية، قادة هذا الحزب في ساحات المواجهة، إلى كل هذا التاريخ المجيد نقدم عهداً لهم من حزب الطبقة العاملة، الحزب الشيوعي اللبناني على متابعة المسيرة من أجل وطن حر وشعب سعيد، والتحية اليوم إلى أحمد سعدات ومروان البرغوثي وجورج إبراهيم عبدالله وإلى جميع الأسرى الفلسطينيين في معركة الأمعاء الخاوية، كي تبقى فلسطين القضية المركزية ويبقى الصراع العربي - الإسرائيلي هو الأساس.
والتحية لكم أيها القابضون على جمر المواجهة، المتمسكون بخيار التغيير الديمقراطي، إليكم أنتم أيتها الرفيقات والرفاق والأصدقاء والقوى والشخصيات المشاركة الذين لبيتم نداء عيد العمال فملأتم شوارع بيروت وساحاتها، وإلى اللبنانيين جميعاً نتوجه اليوم في الأول من أيار كشعب مهدد في حاضره ومستقبله، ويراد له أن يبقى في حال من العوز والفقر والجوع، وأسير الخوف والقلق، ورهينة المصالح الوضيعة التي لا تقيم وزناً لأحلامكم في الحصول على الحق بالعمل والسكن والنقل العام والرواتب والأجور وتأمين التعليم النوعي والمياه والكهرباء والبيئة النظيفة والطبابة والاستشفاء".
وأردف: "إليكم نتوجه لنقول لكم، ولبنان يعيش أزمة نظامه السياسي الطائفي المتفاقمة والمتمثلة في فشل دولته وسلطته الحاكمة في معالجة أية مشكلة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تهم اللبنانيين:
لم يعالجوا أية مشكلة من مشاكلكم ومن مشاكل العمال والنساء والشباب وأصحاب الدخل المحدود: لا في ملف السلسلة للأساتذة والمعلمين والموظفين والمتقاعدين، ولا في النفايات ولا في الموازنة وقطع الحساب، ولا في ملفات السائقين والمتعاقدين والمياومين وجباة الإكراء وكذلك مزارعي التفاح وموظفي مستشفى بيروت الحكومي وملف حماية الصناعة الوطنية والإنتاج الزراعي وحماية اليد العاملة اللبنانية والضمان الاجتماعي، بل بالعكس، ضربوا حقوق المستأجرين وصغار المالكين، وسعوا احتلالهم للأملاك البحرية، استخدموا السلسلة شماعة لرفع الأسعار وزيادة الضرائب على الفقراء مراراً وتكراراً، ألغوا زيادة الضرائب على حيتان المال، ودعموها بـ 5.6 مليارات دولارات، وزادوا خدمة الدين العام وعمموا البطالة والفقر والهجرة وضربوا الخدمات العامة ورفعوا تكاليفها من المياه إلى الكهرباء إلى التعليم إلى الصحة إلى الاستشفاء وخفضوا معاشات التقاعد وأهملوا ضمان الشيخوخة وضربوا قطاع النقل العام، واستمروا بالتهريب في المرفأ والمطار واتفاقات التراضي ومحاصصة الثروة النفطية، عمموا ثقافة الفساد والإفساد وهدر المال العام واستباحوا الطبيعة ولوثوها بالكسارات والمطامر من برج حمود إلى الكوستا برافا، واستمروا في اصطفافاتهم المذهبية وحولوا النقابات إلى مجالس ملية ومكاتب حزبية، بعد أن صادروا قرارها النقابي المستقل، ومع ذلك، تقولون لنا أن مشروعكم هو مشروع بناء الدولة. فعن أية دولة تتكلمون؟ دولتكم هذه. دولة فاشلة من أساسها. وسلطتكم هذه سلطة فاشلة مستبدة وفاسدة، ولا بدّ من تغيير الاثنتين معاً، وإقامة الدولة التي يريدها اللبنانيون، الدولة الوطنية الدولة الديمقراطية الدولة المقاومة، الدولة القادرة والسلطة القادرة على تحقيق مطالب اللبنانيين التي رفضتم تأمينها وتحقيقها على مدى سنوات وسنوات رغم كل التحركات والتظاهرات والاعتصامات".
وقال: "أما أنتم يا أصحاب الحقوق، يا من وقفتم في مواجهة حيتان المال والاحتكارات والفساد وقراصنة المال العام والمرابين والخارجين على القانون الذين يعبثون بأبسط قواعد الإستقرار الإجتماعي، كونوا على أهبة الإستعداد لمواجهتهم في الخامس عشر من أيار لمنعهم من التمديد لدولتهم وسلطتهم الفاشلة واستمرار مأساتكم لسنوات وسنوات، فجميع مشاريع القوانين التي يطرحونها من الستين إلى التأهيلي إلى المختلط وصولاً إلى أرنب الخامس عشر من أيار، تهدف جميعها لهم. متفقون علينا رغم خلافاتهم على الحصص في ما بينهم. متفقون على إقصاء مكونات حالة الإعتراض التي تصاعدت بفعل الحراكات والمواجهات الشعبية والنقابية والبلدية.
ولما كنا نريد دولة وطنية علمانية ديمقراطية، طرحنا مشروعنا الإنتخابي القائم على النسبية الكاملة خارج القيد الطائفي والدائرة الواحدة، إلاّ أننا مدركون في الوقت عينه، أهمية تجميع وتوافق كل مكونات حالة الإعتراض الشعبي والنقابي لتعديل موازين القوى وتصعيد المواجهة، لذلك طرحنا مبادرتنا بضرورة تداعي الأحزاب والقوى والشخصيات اليسارية وغير الطائفية كافة، بمن فيها جمعيات وهيئات مدنية، إلى الالتقاء في أقرب وقت قبل الخامس عشر من شهر أيار من أجل إسقاط كل مشاريعهم الإنتخابية التقسيمية والتفتيتية وبلورة خريطة طريق للمواجهة".
وتابع غريب: "الأول من أيار والخامس عشر منه، محطتان نضاليتان تمثلان في مضمونهما اليوم وجهي الأزمة السياسية والاقتصادية - الاجتماعية التي تعصف بالبلاد. ولتكن تظاهرة الأول من أيار واحتفالات هذا العيد في المناطق، منصة لتصعيد الحراك الشعبي في الشارع وصولاً إلى ذروته في الخامس عشر من أيار الحالي، وليكن الأول من أيار، يوماً نستكمل المواجهة المفتوحة التي بدأناها ضد تحالف حيتان المال وسلطتهم السياسية الحاكمة ونظامهم السياسي الطائفي المذهبي، يوماً لتصعيد المواجهة ضد الخطاب الطائفي والمذهبي الهادف إلى تقسيم اللبنانيين، يوماً لتوحيد كل اللبنانيين على أساس مصالحهم الوطنية والاقتصادية والاجتماعية وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية، يوماً نجدد فيه العزم والإرادة على الاستمرار في النضال لمكافحة الفساد والرشوة والتهرب الضريبي يوماً لاعتماد تعليم رسمي نوعي ومتطور ونظام ضريبي عادل وسلسلة رتب ورواتب وأجور تلبي حاجات اللبنانيين، وتغطية صحية شاملة ونظام تقاعدي لكل العاملين في القطاعين العام والخاص، يوماً للمستأجرين وصغار المالكين والدفاع عن الضمان الاجتماعي ودعم كل الذين يتحركون اليوم في الشارع من أجل حقوقهم، يوما لبناء حركة نقابية مستقلة تحت راية هذه المطالب المحقة، يوماً نجدد فيه نداء العودة إلى كل الشيوعيين للمشاركة في ورشة استنهاض حزبنا، حزباً ثورياً للتغيير الديمقراطي.
تلك هي رسالة الأول من أيار: نحن لسنا قطعاناً مستسلمة، نحن شعب حر يستحق الحياة".

*المصدر: مجلة النداء العدد 313