حنا غريب يعلن "مشروع الحزب الشيوعي" حول استعادة المال العام المنهوب من كلفة خدمة الدين العام...
كلام غريب ورد أثناء إعلانه عن "مشروع الحزب الشيوعي" حول استعادة المال العام المنهوب من كلفة خدمة الدين العام بفعل سياسة التثبيت النقدي، خلال مؤتمر صحفي عقد يوم الأربعاء 15 نيسان الجاري في مركز الحزب في منطقة الصنائع – الوتوات، من أجل: "دعم للصمود الشعبي في مواجهة الفقر، الجوع، البطالة، مكافحة وباء كورونا وتوفير فرص أفضل للتغيير السياسي والنهوض الاقتصادي - الاجتماعي".
وفيما يلي النص الكامل:
يطرح الحزب هذا المشروع بهدف استرداد الدفعة الأولى من المال العام المنهوب، منطلقا بالتحديد مما سطت عليه أقلية الـ (1 %) من اللبنانيين من فاتورة خدمة الدين العام بفعل سياسة التثبيت النقدي. وهو لا يعتبر هذا المشروع، بمثابة ردّ على كلّ ما تضمنته مسودّة "برنامج الحكومة الإصلاحي"، لكنه في معرض تحضير موقف شامل عليها وعلى الخضوع لضغوطات الولايات المتحدة الأميركية بالعودة مجددا لتعليمات صندوق النقد الدولي، وكذلك على مواقف أطياف من المنظومة السياسية الفاسدة التي لا تخجل من استخدام وجودها خارج الحكومة للتنصّل من مسؤولياتها الأساسية عن افلاس البلد بعدما إمتهنت السطو على المال العام طيلة 30 سنة.
وبالمناسبة نستهجن كل ما تتداوله المنظومة السياسية الحاكمة، التي تدّعي اليوم رفضها اللفظي للهيركات، فيما هي متواطئة مع المصارف في تنفيذ أسوأ أشكال وألوان الهيركات: هيركات في إجبار المودعين، لا سيّما صغارهم، على تصفية ودائعهم بالدولار وفقا للسعر الرسمي لليرة، وهيركات في نهب كل اللبنانيين الذين يقبضون بالليرة اللبنانية عبر فلتان سعر صرف الدولار تجاه العملة الوطنية. وإزّاء هذه السرقة الموصوفة نقول لهذه المنظومة ولقادتها بصوت عال: في الأصل كنتم وما زلتم أنتم المشكلة، أنتم مايسترو الفساد السياسي ونهب المال العام، لذا نحن لا نتوجه بهذا المشروع اليكم فأنتم من أوصل البلد إلى هذا الخراب الكبير، والمعالجة يجب أن تبدأ من هذه النقطة السياسية بالذات.
ويرى الحزب أن مشروعه المطروح أدناه يهدف بالتحديد إلى تسليط الضوء على واحد من أهمّ العوامل الكامنة وراء الانهيار الاقتصادي والمالي، والذي جنحت مسودّة البرنامج الحكومي نحو تناوله بشكل عام ومجتزأ مغيبّة الجانب السياسي الأساسي في المعالجة وما تحتّمه بداية من اتخاذ تدابير قابلة للتنفيذ بشكل فوري. وأوّل هذه التدابير وأهمّها هو مساءلة رموز النظام السياسي القائم ومحاسبتهم مع الأقلية المتنفذة اقتصاديا وماليا عن مسؤوليتهم المباشرة عن استفحال فاتورة خدمة الدين العام واستفادتهم الخاصة منها وتماديهم في ترسيخ مفاعيلها المدمّرة على الاقتصاد وغالبية الشعب اللبناني.
يركّز مشروع الحزب على تفاقم فاتورة خدمة الدين العام جرّاء تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية على مدى ربع قرن منذ أوائل التسعينيات، مع السعي إلى بلورة آليات تتيح استرداد الشعب اللبناني لما تمّ تحويله من هذه الفاتورة عبر السياسات العامة المتّبعة لصالح تراكم رأس المال المالي لدى اقلية لا تتجاوز الـ 1 % من اللبنانيين، على أن يتمّ استثمار الأموال المستردّة في حماية الشعب اللبناني في مواجهة الفقر والجوع والبطالة، وبخاصة عماله وفقرائه، وتوفير فرص أفضل لإنقاذ الاقتصاد الكلّي والنهوض بقطاعاته المنتجة.
ويؤكّد الحزب بداية أنه لا يتوجّه بهذا المشروع إلى الحكومة الجديدة ولا إلى السلطة المتنفّذة من ورائها، كونه لا يراهن على إصلاح ينتجه من أوصل البلد إلى هذا الخراب الكبير. بل هو يتوجّه إلى الحركة الشعبية وجمهور الانتفاضة، كي يكون المشروع زادا لها في متابعة نضالها، إلى جانب العديد من المساهمات الأخرى البنّاءة الصادرة عن قوى سياسية وشخصيات وباحثين معنيين بعملية التغيير في لبنان. وبهذا المعنى، فان الحزب يتطلّع إلى هذا المشروع بصفته جزءا لا يتجزّأ من أجندة عمل القوى التغييرية المكافحة من أجل انهاء المنظومة السياسية الحالية والانتقال من دولة المحاصصة الطائفية إلى الدولة المدنية العلمانية والديمقراطية، بعدما فشل النظام السياسي الطائفي فشلاً ذريعاً في تأمين الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلد.
في الوقائع المتعلّقة بكلفة خدمة الدين:
- نحو 82 مليار دولار أميركي، كحدّ أدنى، هو مجموع قيمة خدمة الدين العام التي تراكمت من جرّاء اقتراض الدولة بالليرة اللبنانية والعملات الأجنبية خلال الفترة 1993 – 2018، أي ما يشكّل نحو40% من إجمالي النفقات العامة التي بدّدتها الحكومات المتعاقبة خلال ربع قرن.
- ثبت بموجب العديد من الدراسات الموثّقة التي صدرت في الإطارين المحلي والدولي أن أكثر من ثلث هذه الفاتورة، أي 27 مليار دولار اميركي، ناجم عن تبعات تطبيق سياسة التثبيت النقدي المستمرّة منذ أوائل التسعينيات والتي ارتدت شكل زيادات مضخّمة وغير مبرّرة في معدلات الفائدة على القروض ورؤوس الأموال التي تمّ استجلابها من الداخل والخارج بشتّى الطرق والمحفّزات. هذا مع العلم أن معظم المنافع المتأتية عن هذه السياسة النقدية استأثرت بها فئات يمكن تحديدها بدرجة عالية من الدقّة، إذا ما توفّرت الارادة السياسية، عبر الاستعانة بقاعدة الحسابات التفصيلية المتاحة لدى مصرف لبنان والتي تبيّن تطوّر قيمة كلّ وديعة وكل سند دين، أصلا وفائدة.
الأسباب الموجبة لمواجهة الزيادة المصطنعة في فاتورة خدمة الدين:
لمّا كان التحالف الوطيد القائم بين القوى السياسية الحاكمة والطغمة المالية قد أوصل البلد – عبر تمسّكه المطلق بسياسة تثبيت سعر الصرف وما تبعها من ارتفاع الفائدة والهندسات المالية وانتفاخ ميزانيات المصارف ما سمح لاستعمال الدين العام كوسيلة لأثراء وتراكم رأس المال لدى الأقلية - إلى وضع لم يعد فيه أصل الدين وكلفة خدمته قابلين للسداد في ضوء التجارب الدولية المحقّقة، الأمر الذي فرض على الحكم إتخاذ قرارات من ضمنها: إعادة هيكلة الدين بالعملات الأجنبية، وفرض الرقابة على التحويلات إلى الخارج، والتغاضي عن ازدواجية تسعير الليرة اللبنانية التي بات سعرها الحرّ يوازي ضعفي سعرها الرسمي، والحجز على الودائع المصرفية بالعملة الأجنبية حتى إشعار آخر.
ولمّا كانت جذور هذا الواقع المرير متأصّلة في أزمات عدّة متزامنة ومترابطة يتحمّل التحالف الحاكم مسؤوليتها، بدءا من أزمة الاقتصاد الذي أصبح يسجّل معدلات نمو سلبية، إلى أزمة المالية العامة المثقلة بعجوزات قياسية، فإلى انهيار القطاع المصرفي الخاص والحكومي الذي بات يفتقد إلى السيولة والملاءة في آن معا، وإنتهاء بالخلل الكبير في السياسة النقدية التي أخضعها الحكم طيلة عقود لمتطلبات تمويل النفقات الجارية للدولة وعجوزاتها المتمادية المشبعة بالهدر والفساد وانعدام المهنية والأهلية.
ولمّا كانت محصلة التداعيات المتأتية عن الانهيار المالي قد توّجت، وما تزال، باستفحال استثنائي في مؤشّرات الأزمة الاجتماعية التي يعكسها ارتفاع معدّل الفقر إلى نحو 40% من المقيمين ومعدّل البطالة إلى أكثر من 25% من القوى العاملة، الأمر الذي بات يفرض على الدولة مهمّة توفير وتمويل حدّ أدنى من وسائل العيش الأساسية – أي من الدخل النقدي - لهذه الفئات الشعبية التي تفتقد في غالبيتها إلى تأمينات اجتماعية وأنظمة حماية مؤاتية.
ولما كانت أزمة الكورونا وتداعياتها قد جاءت لتضاف إلى مفاعيل الانهيار الاقتصادي والمالي، وتفرض توقف العمل بشكل قسري على عشرات ألوف المؤسسات ومئات ألوف العمال والأجراء والموظفّين والعاملين لحسابهم في القطاعين النظامي وغير النظامي وتحرمهم جزئيا أو كلّيا من مداخيلهم، فيما لم تجد الحكومة التي تغاضت عن إحتجاز ونهب المصارف لأموال الشعب سوى تخصيص مبلغ 400 ألف ليرة لبنانية على الأسر المعوزة (75 مليار ليرة بأسعار الدولار الرسمي)، أي ما يمثّل أقلّ من25% من خط الفقر المدقع وأقلّ من 10% من خط الفقر الأعلى شهرياً للأسرة الواحدة، أي ثلاثة بالألف من اجمالي نفقاتها العامة، فيما أغدقت دول كثيرة في العالم الأموال على شعوبها بما يراوح ما بين 5% و13% من ناتجها المحلي لهذا الغرض. ورغم ذلك ما زالت الحكومة تتخبّط في فساد اللوائح الأسمية المفترض ان يستفيدوا من مبلغ الـ 400 ألف ل. ل، حيث تضمنت أسماء الأحياء والأموات وقتلى عملاء الكيان الصهيوني.
لهذه الأسباب مجتمعة، فقد بات من الحتمي اجتراح حلول استثنائية وسريعة للإغاثة في ذروة الأزمة اليوم، وهي تقضي بتوفير مبلغ مليار و200 مليون دولار على مدى ثلاثة أشهر من أجل مواجهة تداعيات الانهيار المضاعف، بحسب ما يفصّله بيان أعدّه ونشره الحزب حول الفجوة المعيشية لمئات الألوف من الأجراء والموظفين (النظاميين وغير النظاميين) والعاملين لحسابهم والمتعطلين عن العمل والفئات المعوزة الأخرى. وإذ يصعب، بل يستحيل، توفير مثل هذا المبلغ في الظروف الراهنة من دون وضع الضرائب على الثروة واستعادة المال العام المنهوب، فان المشروع المقدّم من الحزب في هذه الورقة – يستهدف استعادة الجزء المتراكم لدى الأقلية من فاتورة خدمة الدين العام، جراء سياسة تثبيت سعر صرف الليرة التي لم تحصد سوى الفشل والتي بات متوجّبا على الأقلية المستفيدة ان تدفع هي ثمنها لا ان تحاول إلقاء تبعاتها على أكثرية اللبنانيين.
آليات تنفيذ المشروع:
يقضي المشروع – الذي يتطلّب وجود حكومة من خارج منظومة السلطة - بالعمل على استرداد مبلغ الـ (27 مليار دولار أميركي) الناتج عن تبعات تطبيق سياسة التثبيت النقدي من قيمة خدمة الدين العام المتراكمة منذ عام 1993، من خلال عمليات متزامنة تشمل إعادة هيكلة الدين العام والنفقات العامة والنظام الضريبي، من اجل تأمين مستلزمات الصمود الشعبي ومجمل الاحتياجات المعيشية الملحّة للشعب اللبناني في مواجهة الأزمة الراهنة، وفي سبيل تعزيز فرص بلورة وتنفيذ خطّة حقيقية للإنقاذ والنهوض الاقتصادي، تصب في خدمة مصالح هذا الشعب في المدى المتوسط والبعيد. ويتضمّن المشروع إتخاذ الاجراءات الأساسية التالية:
1- اقتطاع نحو 75% من مبلغ الـ 27 مليار دولار، أي حوالي 20 مليار دولار، ولمرّة واحدة من خلال استهداف مصدرين أساسيين:
- كبار المودعين، عبر ضريبة استثنائية على أصحاب الودائع فوق المليون دولار، تتدرّج بمعدلات تصاعدية من15% إلى 25% بحسب الشطور، بما يوفّر حزمة مالية لا تقلّ عن 10 مليارات دولار يجري تأمينها من حسابات هؤلاء المودعين وموجوداتهم؛
- كبار المساهمين في المصارف، من خلال استرداد قيمة الهندسات المالية المنفّذة بدءا من عام 2016، والمقدّرة بما لا يقلّ عن خمسة مليارات دولار، على أن يتزامن ذلك مع استرداد ربع الأرباح المصرفية التي تحقّقت خلال السنوات العشر الأخيرة، أي ما يقدّر بنحو خمسة مليارات دولار إضافية. ويتمّ تحصيل هذه الأموال إما نقدا أو من خلال تصفية هؤلاء المساهمين لما يملكونه من موجودات وأصول على الأراضي اللبنانية وخارجها، بما فيها خصوصا الأرباح التي أودعت عاما بعد عام في الخارج.
2- اقتطاع ما يوازي نحو 25% من مبلغ ال27 مليار دولار ، أي ما يقارب 7 مليار دولار أميركي، عبر استعادة المال العام الذي تمّ السطو عليه من قبل زعماء السلطة السياسية المتعاقبين منذ عام 1992، ومن قبل كبار الموظفين في الادارات والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة الذين يدينون بالولاء في معظمهم لهؤلاء الزعماء، إضافة إلى كبار المتعهدين لدى صناديق المحاصصة الطائفية وأصحاب التكتلات الاحتكارية الكبرى (المحروقات والدواء والاسمنت وغيرها)، حتى لو كان هؤلاء قد خضعوا للتدبير العام الذي استهدف كبار المودعين والمساهمين (البند 1 الوارد أعلاه).ويتمّ جمع هذا المبلغ المستهدف بعد رفع السرية المصرفية والحصانة الادارية عن هؤلاء الأشخاص، والاطلاع على تفاصيل حساباتهم المصرفية والمالية من قبل هيئة قضائية ومالية مختصّة ومستقلة، ليصار إلى التحقيق القضائي والمالي الشفّاف معهم بحيث يتمّ في النهاية استرداد كل الثروات التي لا يجري تدعيمها بإثباتات موثّقة نظاميا لصالح الخزينة اللبنانية.
3- يجري استخدام هذه الدفعة الأولى من الأموال المستردّة بموجب الآليات المذكورة أعلاه وفق أولويات يجري تقريرها في ضوء تقدّم عملية استرداد هذه الأموال، على أن تشمل هذه الأولويات المجالات الأساسية التالية:
- تأمين الاحتياجات الأساسية للفئات الاجتماعية المعوزة عبر نظام حماية اجتماعية شفّاف وممأسس ومتوسط المدى تتولّى الدولة إنشاءه كبديل للإجراءات الترقيعية والقصيرة الأجل الجاري تنفيذها بشكل عشوائي راهنا (400 ألف ليرة للأسرة). ويجب أن يضمن هذا النظام حدّا مقبولا من الدخل طالما استمرّت مفاعيل الانهيار المالي وتبعات أزمة الكورونا قائمة، وذلك بعد توحيد القواعد الاحصائية التي تغطّي هذه الفئات، ومن ضمنها الأسر الأكثر فقرا وأسر الأجراء المتعطلين عن العمل وأسر صغار المتقاعدين والأسر التي انهارت مصادر دخلها بشكل مستدام سواء كانوا عمّالاً أو معلمين أو مياومين أو سائقين أو أصحاب مؤسسات صغيرة أو عاملين لحسابهم، أي ما يصل إلى نحو 40% إلى 50% من مجموع الأسر اللبنانية. وتقدّر الكلفة الشهرية لهذه الاحتياجات بنحو 400 مليون دولار، في ضوء ما توصّلت إليه المذكّرة التفصيلية التي أعدّها الحزب حول توزّع الفئات الاجتماعية المتضرّرة بحسب نوع العمل والوضعية في العمل ومستوى انخفاض الأجر والدخل وغيرها من متغيّرات (أي ما لا يقلّ عن 4 مليارات دولار سنوياً).
- المساهمة الفعلية في بناء وتمويل نظام وطني للتغطية الصحّية الشاملة لجميع المقيمين من المواطنين، ليحلّ مكان نظم التأمينات العامة وشبه العامة المتناثرة والمبعثرة والتي لا تغطّي في مجموعها سوى نصف المقيمين من اللبنانيين. وتقدّر كلفة المساهمة في إنشاء هذا النظام بنحو مليار ونصف مليار دولار سنويا تضاف إلى ما تنفقه راهنا نظم التأمينات الصحية العامة وشبه العامة، بما فيها وزارة الصحة ووزارتا الداخلية والدفاع وفرع ضمان المرض والأمومة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
- الاستفادة من رصيد الأموال المستردّة للمساهمة بالأولوية في قيام دولة قادرة على تقديم الخدمات العامة والتقديمات الاجتماعية لمواطنيها وتلعب دور الشريك الأساسي في بناء الاقتصاد المنتج، في تطوير الصناعة والزراعة وقطاع التعليم والتكنولوجيا والبحث العلمي، ولا سيما الأنشطة القادرة على خلق فرص عمل لائقة للشباب وخريجي الجامعات، وذلك كجزء لا يتجزأ من خطة للنهوض بالاقتصاد الوطني تكون بديلة لمسودة البرنامج الحكومي المسرّب، وتنقل البلد من أنشطة الريع إلى حقول النشاط المنتج بعد تنقية ميزانيات المصارف ومصرف لبنان وإعادة رسملتها ودمجها وربطها بحاجات الاقتصاد الحقيقي، مع الحرص على أن لا يترجم أي دعم المصارف إلى هبات مجّانية لها بل تحويله إلى حقوق وأصول عامة تتملكّها الدولة في هذا القطاع.
- الاستفادة بصورة خاصة من الآليات التي يتضمّنها هذا المشروع الرامي إلى البدء بإسترداد تلك الأموال، كي تشكّل، إلى جانب آليات أخرى، الركيزة الأساسية للمقاربات والخطط الكلّية الأعمّ والأشمل المتوجّب إعدادها وتنفيذها على المستوى الوطني لإعادة إنتاج الاستقرار والنهوض بالبلد عموما من قعر الانهيار الاقتصادي والمالي إلى رحاب التنمية والتقدّم.
إن الحزب الشيوعي اللبناني يرى أن تنفيذ هذا المشروع، إلى جانب مشاريع أخرى ذات طابع إصلاحي بنيوي وجذري، هو وحده الكفيل بعدم تعريض البلد لتفاقم ظاهرات الافقار والجوع والفوضى والعنف الأهلي والهجرات شبه الجماعية، التي تتحمّل السلطة السياسية المسؤولية المباشرة عنها. وهو يدرك أن تجسيد مثل هذه المشاريع على أرض الواقع يتطلب بالضرورة سلطة من نوع آخر، سلطة تستلهم روح الثورة الشعبية في انتفاضة السابع عشر من أكتوبر، سلطة تؤمّن العبور من دهاليز الدولة الطائفية البائسة إلى رحاب الدولة المدنية والديمقراطية المتحرّرة من التدخّلات الخارجية.
إن هذا يطرح على الشيوعيين والقوى اليسارية والديمقراطية والمدنية مهمّات ومسؤوليات كبيرة ومتنوّعة، تندرج تحت العناوين الأساسية التالية: التصدّي لمحاولة استغلال المنظومة الحاكمة لجائحة كورونا الهادفة إلى استقطاب ولاء الفئات الشعبية وتنفّذ ما عجزت عن تنفيذه قبل هذه الجائحة؛ وتجميع قوى التغيير حول رؤية سياسية جامعة ورصّ الصفوف حولها تمهيدا لإحداث خرق في موازين القوى السائدة، بالتلازم مع تطوير البرنامج الاقتصادي والاجتماعي الذي يلبّي احتياجات المواطنين؛ ودعم المبادرات والتحركات الشعبية التي انطلقت في مواجهة المفاعيل المأساوية لتزامن الانهيار الاقتصادي وانتشار وباء الكورونا، والتي شكّلت الاعتصامات امام المصارف - حتى في زمن الكورونا - وخروج تظاهرات ليلية في عدد من المناطق معلما من معالمها، احتجاجا على التقصير الحكومي في اعمال الاغاثة الذي اذا ما استمرّ، فانه سوف يدفع جيش الجائعين والعاطلين عن العمل للنزول إلى الشوارع، رغم خطر كورونا، ولن نكون إلّا كما نحن، منهم ولهم .
بيروت في 15 – نيسان- 2020