الجمعة، آذار/مارس 29، 2024

"الأحزاب الشيوعية العربية" تؤكّد على أهمية استنهاض اليسار وأولوية القضية الفلسطينية

عربي دولي
تحت عنوان "دور الأحزاب الشيوعية في تجديد حركة التحرر الوطنية العربية" عقد لقاء الأحزاب الشيوعية العربية في أوتيل الكومودور في بيروت بدعوة من الحزب الشيوعي اللبناني (20-21 حزيران الجاري). وتطرق إلى المحاور التالية: "القضية الفلسطينية والمشروع الأميركي والصهيوني ـ حركة التحرر الوطني العربية ـ سبل المواجهة"، "انتفاضات الشعوب العربية والحراك الشعبي ـ دور الحركة الشيوعية وآفاق المواجهة"، "الفعاليات والخطوات المشتركة - إقرار الاقتراحات حول تنظيم فعاليات تضامنية مشتركة مع فلسطين وسوريا والسودان"، "لقاء الأحزاب الشيوعية العالمي: العضوية وتركيبة مجموعة العمل والاقتراحات التي تعني أحزاب المنطقة" و"اللقاء اليساري العربي: الأفق والآليات".واختتم اللقاء بإقرار بيانٍ ختاميٍّ (ينشر نصه كاملاً عبر الموقع الالكتروني للمجلة) والمشاركة بفعالية "يوم الشهيد الشيوعي" والذكرى الـ 14 لاستشهاد الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي.

الافتتاح...
بدايةً مع النشيدين الوطني والحزب الشيوعي اللبناني، ثم ألقى عضو المكتب السياسي ومسؤول العلاقات الخارجية بالحزب الشيوعي اللبناني د. عمر الديب كلمة الحزب، مرحباً بالحضور وقال "نجتمع اليوم في بيروت، 10 أحزاب شيوعية من 10 دول عربية، في سياق سعينا المستمر لاستنهاض قوى اليسار والتقدم في عالمنا العربي، ومن أجل تجديد حركة التحرر الوطنية العربية.
ويأتي اجتماعنا في مرحلة تاريخية تتسم باشتداد أزمة الرأسمالية في العالم وانسداد أفقها التاريخي مع انخفاض نسب النمو وارتفاع المديونية العامة والخاصة وارتفاع العجز وانتقال مراكز الإنتاج والعمل والتجارة وبدء انتقال مراكز البحث والعلم والتكنولوجيا خارج الولايات المتحدة وأوروبا، فتشتد عدوانيتها ونزعتها صوب العقوبات والحصار والبلطجة وإثارة الأزمات والفتن، وصولاً إلى الحروب المباشرة وغير المباشرة. وها هي الولايات المتحدة الأميركية تخوض معركتها اليوم من أجل منع التاريخ من التقدم، ومن أجل تأخير تقهقرها لمصلحة الدول الصاعدة، في محاولة يائسة للحفاظ على سطوتها في قيادة العالم الأحادي القطب ومنع انتقاله إلى التعددية القطبية، مع ما تعنيه من انكسار للإمبريالية الأميركية"، مؤكّداً على أن "المشروع الأميركي اليوم يأخذ وجهه الأقسى والأبشع في منطقتنا حيث يقاتل مباشرة وبالواسطة من خلال حلفائه، ليترك وراءه أرضاً محروقةً مدمرة في اليمن وسوريا وليبيا، ويتوعد بالحرب على إيران ويطلق يد المشروع الصهيوني من خلال "صفقة القرن" التي تهدف إلى التصفية النهائية للقضية الفلسطينية. وفي حين تنهمك القوى العربية بجدال حل الدولتين أو الدولة الفلسطينية على كامل التراب، يندفع العدو باتجاه الدولة اليهودية على كامل التراب وربما أبعد. فمشروع "صفقة القرن"، جرى التمهيد له بخطوات عديدةٍ مثل قانون يهودية الدولة ونقل السفارات إلى القدس واعتبارها عاصمة الكيان الصهيوني، وضم الجولان العربي السوري وتوسيع المستوطنات في الضفة الفلسطينية والتمهيد لقرار ضمها أيضاً، ووقف تمويل الأونروا وإعادة تعريف اللاجئ في الكونغرس الأميركي لإسقاط صفة اللجوء عن معظم اللاجئين، كما جرى التمهيد له من خلال خطوات التطبيع العلني التي تقوم بها العديد من الأنظمة العربية بشكل وقح مع العدو الصهيوني".
وتابع "شكلت الموجات المتتالية من انتفاضات الشعوب العربية الرد الطبيعي على الأنظمة التي رهنت قرار بلدانها للخارج وبدّدت ثرواته، وتحكمت بقرارها مصالح فئات متنفّذة صغيرة راكمت الثروات على حساب شعوبها التي عانت من مستويات عالية من البطالة والهجرة والفقر والاستغلال والاستبداد السائدة والمعروفة في وطننا العربي".
وأردف "نحن إذ نرحّب بضيوفنا في هذا المؤتمر من أرجاء الوطن العربي، نرحّب كذلك بكل اللاجئين الذين أجبرتهم ظروف الحرب والقتل والدمار والفقر والحرمان على ترك بلدانهم قسراً نحو بلدنا لبنان، ونخصّ بالذكر منهم شعبنا السوري الذي طالما احتضن اللبنانيين المهجرين أيام الحرب وأيام الاعتداءات الصهيونية، وشعبنا الفلسطيني الأكثر مظلومية بين شعوب العالم، وهما يعانيان من ظواهر عنصرية متزايدةٍ في لبنان، كان آخرها تلك الهجمة العنصرية المقيتة التي تدعي التفوق الجيني اللبناني على شعوب العالم، وتصريحات بعض وزرائنا ونوابنا المعادية للاجئين، وكذلك الحملة التي تقوم بها وزارة العمل للتحريض ضد تشغيل الأجانب، وذلك في حملة إعلانية ممولة من المال العام، وبعض البلديات التي تمنع اللاجئين من التجوال. إنّ هذه التعبئة التي تقوم بها قوى سياسية عديدة ضد السوريين والفلسطينيين في لبنان هي غير مقبولةٍ من جانبنا، ولن نقبل أن ننجرّ أبداً إلى مستنقع العنصرية والعداء لإخواننا الذين أجبرتهم ظروف الموت على الهرب إلى لبنان. إنّ عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم هي مصلحة للسوريين واللبنانيين معاً، وهي عودة طوعيّة يجب أن تتم بالتنسيق والتعاون مع الحكومة السورية والجهات المعنية على قاعدة العلاقات الأخوية ومصلحة الشعبين، أما حق العودة للشعب الفلسطيني فهي مسألة مرتبطة فعلياً بتحرير فلسطين والقضاء على السرطان الصهيوني فيها، فأين أنتم من تبنّي هذه القضية على جدول أعمالكم؟ لقد بنت سواعد العمال لبنان من عمرانٍ وزراعةٍ وصناعةٍ وأعمال أخرى، سواعد عمالٍ لبنانيين وسوريين وفلسطينيين ومصريين وسودانيين وأجانب، عملوا معاً وعاشوا معاً واستُغلوا من البورجوازية اللبنانية معاً لتراكم ثرواتها من فائض قيمة عملهم، لتعود البورجوازية نفسها الآن لتتاجر بهم شعبوياً في مزايدات بشعة. لكل هؤلاء العمال الحبّ والتقدير والتضامن، ضد كلّ أشكال العنصرية والانعزال والتقوقع".
وختاماً، دعا إلى أن يكون اللقاء "فسحة حوار جدي وبنُاء من أجل القضية الفلسطينية، ومن أجل الجولان وجنوب لبنان، من أجل حرية السودان، ومن أجل شعب اليمن السعيد، من أجل وحدة ليبيا ووحدة العراق الوطنية، ومن أجل سوريا علمانية ديمقراطية، من أجل التقدم في الجزائر ومصر وتونس والمغرب والأردن، من أجل الديمقراطية والحرية في الكويت والسعودية والبحرين وقطر والإمارات وعمان، من أجل التحرر الوطني السياسي والاجتماعي لكلّ شعوبنا العربية".

كوبا...
سعادة سفير كوبا في لبنان ألكسندر موراغا رحب بكلمته بدعوة "الشيوعي اللبناني" لعقد هذا اللقاء، لا سيما وسط الصعوبات التي تحيط بالمنطقة العربية، متطرّقاً إلى الهجمة الإمبريالية على دول أميركا اللاتينية والدول العربية المواجهة لها، داعياً إلى التوحّد وضرورة عقد هذه اللقاءات لدورها الفعّال في مواجهة الهجمة الأميركية - الصهيونية.
كما استعرض الوضع في فنزويلا وإيران، وتشديد العقوبات الأميركية على كوبا وإعادة سياساتها القديمة فيها، وأيضاً مع فنزويلا وإيران، معلناً عن "الجهوزية لمواجهة مثل هذه السيناريوهات. فهذه السياسات فشلت في الماضي وستفشل أيضاً في المستقبل، والشعب الكوبي سيتصدى لهذه الهجمات وسيكون أقوى أيضاً من السابق. وكوبا متضامنة مع كل الشعوب المضطهدة لنيل حريتها".

فنزويلا...
وألقت الوزيرة المفوضة في سفارة فنزويلا البوليفارية د. عميرة زبيب كلمة السفير الفنزويلي هيسوس غونزاليس، أكّدت فيها تأييدها لكلمتيْ سفير كوبا و"الشيوعي اللبناني"، وعن تضامنها مع أزمات كوبا وفنزويلا بسبب العقوبات الأميركية والحصار.
كما تطرقت إلى المعاناة التي تتعرّض لها فنزويلا وكيفية مواجهة الحصار المفروض عليها، وقالت "هناك جوع للعدالة".

المتروك...
وختاماً، كانت كلمة للأحزاب الشيوعية العربية ألقاها نائب الأمين العام للشؤون السياسية للمنبر التقدمي البحريني المحامي عادل المتروك، توجّه خلالها بالشكر لـ "الشيوعي اللبناني" على "استضافته لهذا اللقاء المهم لأحزابنا... نحن أحوج ما نكون فيه للتشاور وتبادل التجارب والخبرات"، موجّهاً التحية لنضال الشعب اللبناني وقواه الوطنية والتقدمية وفي مقدمتها الشيوعي اللبناني في نضالها من أجل الديمقراطية ودرء مخاطر العدوان والإرهاب على لبنان، وفي الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة والفئات الكادحة بوجه السياسات النيوليبرالية والإمتثال لوصفات البنك الدولي المدمرة".
وتابع "ينعقد اجتماعنا هذا في ظرف شديد الخطورة تجتازه بلداننا العربية، حيث نتعرّض لفصل جديد من المؤامرة المستمرة لتصفية القضية الوطنية للشعب العربي الفلسطيني المتمثلة في حقه بالعودة إلى وطنه وإقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس على أرضه. ويتجلى ذلك في الجهود المحمومة لتمرير الصفقة المشؤومة المعروفة باسم "صفقة القرن"، وفي هذا المجال دعت الولايات المتحدة إلى عقد ما توصف بـ "الورشة الاقتصادية من أجل الإزدهار" التي ستنعقد في البحرين".
غريب...
بدوره، عرض الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب مداخلة شدّد فيها على الأهمية الاستثنائية لهذا اللقاء و"انعقاده في ظل الأوضاع الخطيرة التي تهدد منطقتنا العربية"، آملاً الوصول "إلى رؤية موحّدة ومشروع واحد عمّا علينا القيام به كأحزاب شيوعية ويسار عربي"، وأن "تثمر هذه الفرصة قوة دفع واستنهاض لشعوبنا العربية التي تنتظر منا دوراً أوسع وقدرة أكبر على مواجهة التحديات، وفي مقدمها قدرتنا على الإنخراط بكل الوسائل المناسبة في مقاومة الإمبريالية وأدواتها".
وتطرق إلى أهمية المقاومة "التي تشكل منطقتنا العربية أبرز ساحاتها بما تطرحه من مهام إسقاط النظام العالمي الأحادي القطبية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، والانتقال النهائي إلى نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب ينهي مرحلة تاريخية كاملة من شن الحروب بهدف إنقاذ أزمة الرأسمالية في طورها الإمبريالي، التي تحاول الإمبريالية تأجيل انفجارها عن طريق التصعيد وشن حروب السيطرة ونهب ثروات الشعوب وإفقارها".
كما استعرض النمط الجديد من الثورات والانتفاضات، التي "تتميز عمّا سبقها من انتفاضات، من خلال ما يجري في السودان بشكل خاص. إنّ ما يميّز هذا النمط من الانتفاضات والثورات هو دور القوى اليسارية البارز فيها ودور الحزب الشيوعي السوداني، وجذرية الشعارات المطروحة والالتزام بها...".
ورأى غريب "أن شعوبنا العربية تعيش اليوم حالة مقاومة عربية شاملة لإنجاز مهام تجديد حركة التحرر الوطني العربية وهي تتخذ كل أشكال وأساليب النضال السياسي والاقتصادي والثقافي والعسكري، من خلال هذه الحراكات والانتفاضات والثورات الشعبية السلمية والمقاومة المسلحة في فلسطين ولبنان والعراق وسوريا واليمن والسودان والجزائر ضد الولايات المتحدة الأميركية وضد أدواتها المختلفة من كيان صهيوني مغتصب ومن أنظمة رجعية عربية خائنة تابعة لها تندفع اليوم لتنفيذ صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية، ومن أولى مهماتنا كأحزاب شيوعية ومع قوى اليسارية والتقدمية الانخراط الكامل في هذه المقاومة العربية الشاملة لإنجاز مهام تجديد حركة التحرر الوطني العربية كي تلعب فيها هذه القوى دوراً قيادياً بارزاً فيكون لهذا التجديد مضمونه التحرري المطلوب، وتلك مهمة راهنة استناداً إلى هذه الانتفاضات وهذه الثورات من أجل إقامة أنظمة وطنية ديمقراطية، وأن تتوحد الطاقات حول مركزية القضية الفلسطينية، لوضع حدٍّ نهائي للاحتلال الصهيوني، وتصفية الوجود العسكري الإمبريالي في المنطقة العربية"، داعياً المجتمعين إلى "البحث والتدقيق النظري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي في العديد من المواضيع المطروحة لا سيما موضوع الانقسامات العامودية الطائفية والمذهبية والإثنية الذي تعاني منها مجتمعاتنا اليوم وموضوع كيفية مواجهة إمعان القوى الرأسمالية في التوظيف السياسي للدين كأداة للتحكّم بالسلطة".
وختاماً، أكّد "أننا مطالبون اليوم بتقديم أنفسنا، قوة سياسية وفكرية بديلة وقادرة على مواجهة الرأسمالية وقوى التطرف المذهبي والإثني وأنظمة الاستبداد التي هرعت لترث الفراغات التي تركها فشل مشروع الرأسمالية النيوليبرالية"، متطرقاً إلى الوضع الداخلي في لبنان ودور "الشيوعي اللبناني" في إطلاق الحراك الشعبي للإنقاذ ومبادرته المفتوحة "بكل أشكال التحركات السياسية والقطاعية والنقابية لبناء كتلة شعبية قادرة على اسقاط هذا النمط الاقتصادي الريعي وسلطته الفاسدة".