الجمعة، نيسان/أبريل 19، 2024

يوم العمال العالمي: أولى الرايات الحمراء

بيانات
هو اليوم الذي كان مستهلّه رصاصاً ودماءً وشهداءَ، دماء غسلت الشوارع الشاحبة وأرصفتها والأحياء الفقيرة والبيوت، ليس في شيكاغو وحدها بل في كل بقاع الفقر والعوز والاستغلال، حيث الجشع الرأسمالي وتقديس الربح ومراكمته على حساب العمال وصغار المنتجين بمختلف تشكيلاتهم.

هو اليوم الذي اصطبغت رايته بالدماء فاكتست باللون الأحمر ولمّا تزل إلى الآن، والتي جمعت في مشوارها كلّ من لا يملك إلّا قوة عمله سبيلاً وحيداً للعيش المجبول بالكدّ والكدح.

هو تاريخ طويل من الصراع الطبقي الذي ارتدى أشكالاً مختلفةً على مرّ العصور. فعلها سبارتكوس وانتفض، وفعلتها مجموعات عديدة في مختلف زوايا العالم وأزمانه: من كومونة باريس إلى عمال شيكاغو، وإلى تلك الشعلة التي أضاءتها ثورة أكتوبر المجيدة، ومن ثمّ انتفاضة عمال المحلّة وثورتا هانوي وهافانا ونضالات عمال التبغ ومعمل غندور وشركة الريجي وطلاب الجامعة اللبنانية، حيث سقط للطبقة العاملة والمزارعين والطلاب في كل تلك المعارك شهداء، وقدمت التضحيات التي تحققت في سياقها حقوق ومكتسبات هامّة مكّنت العمال والأجراء والمزارعين من تحسين ظروف عيشهم البائسة، رغم أنّ طريق التحرّر والمساواة والقضاء على الاستغلال لا يزال طويلاً.

هو عيدهم وحدهم، عمالاً وفلاحين وصغار كسبة وأجراء وموظفين ومياومين ومتعاقدين ومتقاعدين ومتعطلين عن العمل، معلمين وفنانين ومثقفين وباحثين، رجالاً ونساء، شباباً ومسنين. طحنتهم هموم الحياة ومستلزماتها. عانوا ظلم رأس المال وجشعه، فثاروا ونظّموا صفوفهم. هي تلك المسيرة الخالدة التي زرعوها بنضالاتهم كما بدمائهم، ولم يستكينوا أو يتعبوا. هي المسيرة المجسّدة لصراع حقيقي بين ضفتين، لا تلاقٍ بينهما ولا اجتماع.

يا عمّال لبنان وفقراءه اتحدوا

لم يبق لكم من خيار سوى الاتحاد. فنظام مافيات السلطة ورأس المال فتك بالدولة والكيان وأطاح بحاضر الشعب ومستقبله. وصادر القيّمون على هذا النظام لقمة عيشكم كما حياتكم ومستقبل أولادكم. وفرّطوا بالسيادة وهرولوا نحو الترسيم والتفاوض مع العدو، خوفاً من عقوبات واستجراراً لمواقف مسبقة الدفع. وفرّطوا أيضاً بحياتكم وصحّتكم وتركوا جائحة الكورونا تفتك بكم، جرّاء تهالك مؤسساتهم الصحية المتجهة نحو الانهيار بفعل عجزهم وسرقتهم للمال العام، وحمايتهم لمصالح أرباح القطاع الصحي الخاص. منعوا محاكمة المسؤولين عن جريمة انفجار المرفأ وسقوط عماله وموظفيه شهداء وجرحى، وتدمير نصف العاصمة. سرقوا أموالكم بالتحالف والتضامن مع أصحاب رأس المال من بنوك ومؤسسات، وبحماية أذرعهم القضائية والأمنية، مانعين أي مسّ يطاول المال العام المنهوب والأرباح الهائلة المتراكمة لديهم. وهم يبشرّونكم اليوم برفع "الدعم" مقابل بطاقة تموينية للتسوّل فيما هم غارقون في هدر الموارد والمحاصّة الزبائنية واستجلاب الوصايات الخارجية على أنواعها.

يا عمّال لبنان وفقراءه انتفضوا

نعم لم يبق لكم من خيار سوى الوحدة. فساحات المواجهة تتطلب منكم أن تتقدموا الصفوف، وأن تكونوا أول المتصدّين وأصلبهم؛ انتصاراً للكادحين والعمال والأجراء، ورفضاً للسياسات المنحازة لخدمة مصالح رأس المال الكبير وشروط صندوق النقد الدولي التي تمسّ بمكتسبات الحركة النقابية ومصالح الفئات الشعبية المهمّشة؛ ورفضاً للنظام السياسي المتهالك القائم على التبعية والمذهبية والنهب الطبقي، وانتصاراً لقضيتكم الوطنية والطبقيّة والدفاع عن الشعب اللبناني في وجه كل التدخلات الخارجية ووصاياتها وعقوباتها، ورفضاً، في الوقت ذاته، للاعتداءات الصهيونية والهرولة نحو الترسيم والاستسلام.

فلتكن مناسبة الأول من أيار، في كل المناطق والساحات، محطات حقيقية في مسار إطلاق الحركة الشعبية لكسر هذه المنظومة وسياساتها وتأمين قيام البديل. وليكن يوم الأحد، الواقع فيه التاسع من أيار 2021، صرخة اعتراض حقيقية في شوارع بيروت من خلال التظاهرة الشعبية، التي ستنطلق الساعة الحادية عشرة، بالتنسيق مع قوى التغيير الديمقراطي والهيئات النقابية العمالية والمهنية المستقلة، وسائر الفئات الاجتماعية والشعبية المهمشة والمتضررة من بقاء هذه المنظومة السياسية المرتهنة والفاسدة.

 

بيروت في 30/ 4/2021   

المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني