الجمعة، آذار/مارس 29، 2024

75 عاماً على كسر حصار لينينغراد

رأي
مضت 75عاماً على كسر الحصار الذي فرضته قوات هتلر النازية وحليفتها الفنلندية على مدينة لينينغراد السوفيتية، تلك المدينة التي نجت بفضل صمود وبسالة أبنائها والجيش الأحمر خلال أيام هزّت العالم وغيّرت تاريخ البشرية...


ولأول مرة في تاريخ الحروب، تمَّ في لينينغراد فكّ حصار مدينة ضخمة باستخدام القوات من داخل وخارج المدينة في وقت واحد. حيث استخدم الجيش السوفيتي خلال ذلك 300 ألف عسكري وحوالي خمسة آلاف مدفع وأكثر من 600 دبابة و800 طائرة حربية.
فقبل 75 عاماً، تمكنت القوات السوفيتية في يوم 27 يناير/ كانون الثاني عام 1944 من اختراق دفاعات الجيش الألماني وتحرير لينينغراد (حالياً تسمى سان بطرسبورغ) من الحصار النازي.

العرض العسكري...
شهدت مدينة بطرسبورغ، يوم الأحد في الـ 27 من شهر يناير/ كانون الثاني لهذا العام، عرضاً عسكرياً في ساحة القصور بمناسبة مرور 75 عاماً على فك الحصار الألماني عن مدينة لينينغراد خلال "الحرب الوطنية العظمى"، وطرد القوات الألمانية النازية من المنطقة.
وقد شارك فيه حوالي 2500 من العسكريين، ومجموعة من الآليات الحربية ضمّت 80 قطعة من تلك التي شاركت في الحرب الوطنية العظمى (1941- 1945) بما في ذلك دبابات T34 الشهيرة وراجمات الصواريخ من طراز "كاتيوشا".
بدوره، هنّأ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، سكان مدينة بطرسبورغ بهذه المناسبة، مؤكداً أن حصار النازيين للينينغراد ومحاولة تدميرها يبقى ذكرى لن تُنسى.
وقال بوتين في كلمة ألقاها بمناسبة إحياء الذكرى، إنه من واجب الجيل الحالي الحفاظ على حقيقة الأحداث التي عاشتها المدينة أثناء حصارها من قبل النازيين، مضيفاً أن "واجبنا هو أن ننقل لأبناء أحفاد المنتصرين الحقيقة البطولية كاملة عن حصار لينينغراد، وشعور الإعجاب بشرف وكرامة سكانها، وألمنا لسقوط مئات آلاف الضحايا".


وثائق سريّة عن فك الحصار...
للمرة الأولى، الجيش الروسي ينشر مواداً سريّة تخصّ كسر حصار مدينة لينينغراد، حيث رفعت وزارة الدفاع الروسية السريّة عن وثائق أرشيفية تتعلّق بفكُّ الحصار عن المدينة، إبّان "الحرب الوطنية العظمى".
ونشرت الوزارة مجموعة كبيرة من الوثائق والمستندات النادرة، التي تسلّط الضوء على تفاصيل تحرير لينينغراد.
وطالت غالبية الوثائق ما يسمى بـ "طريق الحياة"، وهو بحيرة لادوغا التي ربطت لينينغراد المحاصرة ببقية أجزاء البلاد.
وتشمل المواد المنشورة وثائق مختلفة تروي قصة الجهود التي بذلتها قيادة الجيش الأحمر لفكّ الحصار عن "العاصمة الشمالية" للاتحاد السوفيتي. ومنها قائمة من مهمات استطلاعية وغيرها، نفّذتها غواصتان صغيرتان نقلهما الأسطول الحربي الروسي من بحر البلطيق إلى بحيرة لادوغا (شرقي لينينغراد).
كما تكشف الملفات الملغاة سريتها؛ أوامر صادرة عن قيادة جبهة لينينغراد لتنظيم فتح "طريق الحياة" عبر البحيرة نفسها التي ظلّت طوال فترة الحصار ممراً وحيداً يربط المدينة المحاصرة بسائر الأراضي السوفيتية وتمّ عبره إمداد لينينغراد بالمواد الغذائية والأسلحة والوقود.
وتناولت الوثائق مسألة إنشاء خط أنابيب وقود في قعر البحيرة، لإمداد الجيش السوفيتي الذي يدافع عن المدينة وسكانها بالمحروقات.
وأظهرت الوثائق خططاً لإجلاء السكان المسالمين والجرحى والمرضى من الجنود من المدينة، والعمليات التي كانت تخوضها الغواصات السوفيتية في بحيرة لادوغا لحماية السفن التي نقلت السكان.
استمر الحصار المفروض على لينينغراد من قبل جيش ألمانيا النازية من 9 سبتمبر/ أيلول 1941، إلى 18 يناير/ كانون الثاني 1943 عندما استطاعت القوات السوفيتية فتح معبر بري إلى المدينة. ورُفعَ الحصار تماماً في 27 يناير/ كانون الثاني 1944، أي بعد 872 يوماً من بدئه.
وخلّف الحصار أعداداً هائلة من الضحايا، تقدر بما يتراوح بين 600 ألف و1,5 مليون شخص، مات 97% منهم جوعاً وبرداً.

وجاء فكّ حصار لينينغراد حدثاً مهماً سواء في تاريخ تحرّر الاتحاد السوفيتي من الاحتلال النازي أو في تاريخ الحرب العالمية الثانية بأسرها، كإحدى نقاط التحوّل في مسار هذه الحرب لصالح الحلفاء وبداية النهاية لجيوش دول "المحور" الموالي لنظام أدولف هتلر النازي.