الجمعة، نيسان/أبريل 26، 2024

كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب في الذكرى الأربعين لرحيل القائد والمربي الأديب حبيب فارس

  ادارة الموقع
أخبار الحزب
  نستذكر اليوم رفيقنا حبيب فارس بمناسبة مرور أربعين يوما على رحيله. استذكار يليق به قائدا ومربيا وأديبا مؤمنا أشد الايمان بإقامة العدالة والمساواة الاجتماعية بين بني البشر.   جئنا وهذا الجمع من الكرام الأوفياء في عكار لنقول له : شكرا حبيب فارس ، شكرا كبيرة على كل ما قدمته لوطنك وشعبك وحزبك ولأهلك في عكار وأبناء بلدتك الشيخ محمد التي أنجبتك، والشكر موصول لمنظمة الحزب في عكار على تنظيم هذا المهرجان التكريمي كعربون تقدير ووفاء في زمن قلّ فيه الأوفياء .

 وتكريم الرفيق حبيب بمناسبة عيد المقاومة والتحرير هو تكريم لمناضل ثوري انتصر لجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي حملت لواء القضية الواحدة : تحرير الأرض من الاحتلال، وتحرير الانسان من الاستغلال ، فكان مؤسسا وشريكا أساسيا في تحرير الجزء الأكبر من الأراضي اللبنانية من الاحتلال الصهيوني بفضل دماء شهداء الحزب في هذه المقاومة التي جاء مقاوموها وشهداؤها من كل لبنان ولكل لبنان وكان لأبناء عكار ولمنظمة الحزب فيها دورا أساسيا في تحقيق انجاز التحرير . فكل التحية لأرواحهم الطاهرة الخالدة في تاريخ عكار وشعبها المقاوم.

وتكريم الرفيق حبيب تكريم لمن رحل ولم تشغله مباهج الحياة، لا مالها ولا ما عليها من جاه وأملاك، هكذا أحب ان يعيش حياته متمسكا بمبادئه وقناعاته فظل صامدا صمود السنديانة الحمراء. قائدا شجاعا أمينا مخلصا جريئا صريحا واضحا حاضرا في كل ميادين النضال الوطني والسياسي والاجتماعي والثقافي والحزبي. 

  على كل هذه الجبهات خاض الرفيق حبيب معاركه تاركا وراءه ارثا عظيما تربت عليه أجيال وأجيال، كنا نحن جيل سبعينيات القرن الماضي واحدا منها حين انتسبنا الى حزبه وتعرفنا اليه أستاذا لمادة الأدب العربي في ثانوية حلبا الرسمية . 

  خاض الرفيق حبيب معاركه في الفكر والثقافة بمواجهة الطائفيين المتاجرين بالدين الذين لا يؤمنون الا بزيادة ارباحهم ليعيشوا "جنتهم الدنيوية " على الأرض على حساب شقاء الناس وعذاباتها. هؤلاء الطائفيون يدعون الناس للتضرّع والتطلع نحو السماء، بينما هم يقومون بنهبهم على الارض وافقارهم والاعتداء على حقوقهم وكرامتهم الإنسانية. ولنا في لبنان عيّنة من هؤلاء الكفرة الذين لا يضاهيهم أحد في أي بلد من بلدان العالم بفعل ما أصاب اللبنانيين من بلاء وانهيار هما صنيعة هؤلاء المجرمين. 

   ناضل الرفيق حبيب ضد هؤلاء تحت راية التحرر الوطني والأجتماعي لشعبه، ولسائر شعوب العالم المضطهدة ومنها شعوبنا العربية وفي القلب منها شعب فلسطين المقاوم الذي تشاركنا واياه مسيرة التحرير وسنستمر بمتابعة الطريق دعما وتأييدا حتى تأمين حقوقه المشروعة في العودة وإقامة دولته الفلسطينية على كامل التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس . 

ناضل الرفيق حبيب ضد مشاريع الهيمنة الامبريالية وادواتها الأساسية المتمثلة في هذا الكيان الصهيوني، وضد نظامنا السياسي الطائفي التابع برأسماليته للامبريالية.

 فطائفية هذا النظام هي المبرر الأكبر للكيان الصهيوني على إقامة دولته العنصرية على أساس ديني، وبفعل طائفية هذا النظام القائمة على المحاصصة والزبائنية جرى ويجري تقسيم اللبنانيين والتحكم بهم واستغلالهم وافقارهم وابقائهم أسرى القلق والخوف الدائمين من الحروب المذهبية، وبحكم التبعية الرأسمالية لهذا النظام للأمبريالية، وارتهان أطراف منظومته السياسية - المالية لأوصيائها في الخارج،  أصبح لبنان مهددا بوجوده ومصيره ومكشوفا امام هؤلاء الأوصياء للتدخل لأنقاذ نظامهم وسلطة وكلائهم رعاة مصالحهم عبر ما يطرح من مشاريع الفدرلة الطائفية والمثالثة واللامركزية المالية والإدارية المقنعة لهذه الفدرلة .

 كل هذه الصيغ والتسويات الطائفية التي تسعى اليها اطراف هذه المنظومة تحت ستار تصوير الازمة ازمة انتخاب رئيس وتشكيل حكومة مرفوضة لأنها لن تؤدي الا الى ما أدت اليه ما سبقها من تسويات فاشلة أبقت  لبنان أسير دوامة الأزمات التي لا تلبث أن تعود وتنفجر من جديد. فالازمة هي ازمة نظامهم السياسي الطائفي ونمط اقتصاده الريعي التابع  وان الحل والإنقاذ لا يكونان على يد من أوصلوا البلد الى الخراب . 

فكلما استمروا بالبقاء في الحكم كلما أمعنوا في ارتكاباتهم ، فبعد التفريط بسيادة لبنان وحدوده وثروته النفطية والغازية وما حصل من تطبيع مع الكيان الصهيوني في اتفاقية ترسيم الحدود التي أصبحت معاهدة دولية بين دولة لبنان ودولة إسرائيل، جاء القرار القضائي الفرنسي  بإصدار مذكرة توقيف دولية بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ، ليظهر مدى تواطؤ وعجز القضاء اللبناني عن القيام بواجبه بالتحقيق الشفاف والمطلوب بسبب التدخل السياسي لشركائه في هذه المنظومة السلطوية – المالية لحمايته وحماية أنفسهم من العقاب، فالمحاسبة القضائية تكمن في المحاسبة السياسية  وان الحل،  هو حل سياسي واقتصادي - اجتماعي، يتجسد في تغيير نظام المحاصصة الطائفية وفي سيطرة الرأسمال الريعي على الاقتصاد واقامة الدولة الوطنية الديمقراطية دولة العدالة الأجتماعية، الدولة القادرة على تحرير ما تبقى من أرضها المحتلة . دولة القضاء المستقل القادر على التحقيق في ملف انفجار المرفأ والتحقيق الجنائي المالي، دولة صحة التمثيل بقانون إنتخابي خارج القيد الطائفي وتطبيق النسبية في الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسّعة؛ بقانون نسبي للحكم البلدي الذي ندعو لمتابعة التحضير لمعركته كمحطة من محطات المواجهة ؛ بقانون مدني موحّد للأحوال الشخصية والغاء كافة اشكال التمييز ضد المرأة ، وتكريس قوانين وطنية للأحزاب والنقابات والجمعيات ولمفهوم الإقامة والجنسية؛ وتشريعات تكفل حماية الحريات العامة وتطويرها. 

دولة بامكانها استرجاع الودائع المنهوبة والقوة الشرائية للرواتب والأجور، والمعاش التقاعدي، وتعويضات الصناديق الضامنة، وفرض نظام ضريبي تصاعدي على الأرباح وعلى من استفاد من الفوائد المرتفعة، دولة توفر التغطية الصحية الشاملة ، والتعليم النوعي الرسمي ، ومنع خصخصة مؤسسات الدولة من كهرباء  ومياه  ومرافق عامة من المرفأ الى المطار ، دولة تمنع بيع الذهب وتوفر النقل المشترك والسكن الشعبي . 

هذا هو مشروعنا البديل لكل المشاريع الطائفية التي تطرحها أطراف السلطة السياسية الحاكمة وهو الممر الالزامي لأنقاذ لبنان واخراجه من دوامة الحروب والأزمات ، وتحقيق المطالب والحقوق يتطلب العمل على تغيير موازين القوى وتصعيد المواجهة وتنظيم الصفوف ومتابعة الحوار لاطلاق جبهة سياسية وطنية ديمقراطية وفق برنامج مشترك يترافق مع تصعيد المواجهة في الشارع وفي كل القطاعات والمناطق بما يؤدي لقيامة دولة وطنية ديمقراطية، دولة عدالة اجتماعية على انقاض الدولة الطائفية الفاشلة . باق معنا أيها الرفيق الحبيب في الكلمة والصوت والصورة، في البيان والمنشور وصرخات الكادحين حتى ينبلج  فجر جديد، على وطن حر وشعب سعيد.