الأربعاء، نيسان/أبريل 24، 2024

كلمة الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب في مهرجان حزب الطليعة

  ادارة الموقع
أخبار الحزب
كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب  في مهرجان حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي وجبهة التحرير العربية بيروت، الكومودور  في 9 نيسان 2023

الرفيقات والرفاق، الأخوات والأخوة، الحضور الكريم

بداية اسمحوا لنا أيتها الرفيقات والرفاق  في حزب طليعة لبنان العربي الاشتركي وفي جبهة التحرير العربية ان ننقل اليكم تحيات رفاقكم في حزبنا الشيوعي اللبناني بمناسبة احياء الذكرى السادسة والسبعين لتأسيس حزبكم الأم ، حزب البعث العربي الاشتراكي.

وتأتي المناسبة اليوم في أوانها لتجعل من هذا المهرجان مهرجانا للانتصار لفلسطين وقضيتها العادلة. حيث  تشتد الاعتداءات الوحشية الصهيونية المدانة على شعبها، وآخرها الاعتداءات العنصرية على المصلّين في المسجد الأقصى ، وكذلك الاعتداءات على لبنان وسوريا وكل دول منطقتنا من قبل كيان محتلّ ومصطنع يهدف الى تكريس يهودية دولته العنصرية على يد حكومة نتنياهو المتطرفة. ولطالما إعتبرنا هذا الكيان قاعدة متقدمة للإمبريالية في المنطقة، والنضال ضدّ هذا الكيان نضال ضدّها وضد انظمة الخيانة والتطبيع وسلطاتها التابعة لها والمتآمرة على قضيته والتي تتحمل مسؤولية أساسية في ما وصلت اليه القضية الفلسطينية وما تعرّض ويتعرض  له الشعب الفلسطيني من جرائم يندى لها الجبين.

الف تحية إجلال واكبار لمقاومة الشعب الفلسطيني بكل فصائله ومجموعاته ضد الاحتلال الصهيوني، وفي كافة مدن ونواحي فلسطين، في القدس والضفة الغربية وغزة وأراضي 48 والتي تؤكد جميعها على وحدة النضال الوطني الفلسطيني وتكامل كل أشكال النضال المسلّح والشعبي والسياسي، من أجل القضية التي تجمع حولها شعوبنا العربية وكافة الشعوب الحرّة التوّاقة للتغيير، ، فلكي تحيا فلسطين ترخص كل الدماء والتضحيات ما يستوجب تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية على أساس خيار المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني من اجل التحرير وإقامة الدولة الوطنية الديمقراطية على كامل ترابها، وعاصمتها القدس وعودة جميع اللاجئين إلى الأراضي التي هجروا منها.
وتبقى فلسطين خطنا الأحمر. رسمناه في حزبنا فعل شراكة في وحدة الدم ووحدة النضال والقضية منذ اربعينيات القرن الماضي عندما كان رفاقنا يتصدون لعصابات الهاغانا ابان الهجرة الصهيونية لأرض فلسطين، رسمناه مع الشهيد عساف الصباغ ابن بلدة إبل السقي، رسمناه في قوات الأنصار والحرس الشعبي وفي جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية "جمول". التي استطاعت أن تحرّر الجزء الأكبر من الأراضي اللبنانية، ومعا قاومنا الاعتداءات والعدوان والاجتياح الصهيوني للأراضي اللبنانية. ومن كان مع فلسطين، كنا معه ونبقى، ومن هو ضدها كنا ضده ونبقى. 

ايتها الرفيقات والرفاق 

لبنان اليوم مهدد بوجوده وكيانه والمنظومة الحاكمة تربط تجديد سلطتها ببقاء كيانه ونظامها الطائفي، فهي عاجزة من الداخل عن إعادة انتاج سلطتها والتسوية الخارجية مؤجلة ،  وبانتظار ذلك تلجأ أطرافها كل على طريقته بترسيخ دعائم مزرعته ودويلته الطائفية انسجاما مع ما يطرحه من مشاريع الفدرالية  أو اللامركزية المالية والإدارية الموسّعة أوالمثالثة أو التعديل الرجعي لإتفاق الطائف، وغيرها... 

لم يسبق لشعب في التاريخ أن عاش ما يعيشه شعبنا. نحن نتعرض لحرب إبادة بآلة قتل اسمها نظام سياسي طائفي تبعي، على رأسه زمرة سياسية مجرمة مكونة من تحالف سلطوي– مالي متفنن في استخدام كل وسائل النهب والافقار والتهجير والقتل. هو اليوم مسؤول عن اليأس والإحباط. هو وراء هذا الانهيار الفظيع لمعظم وظائف الدولة ومؤسساتها. هو وراء تفكك نظم الخدمات العامة للدولة، من كهرباء ومياه ونقل وصحة وتعليم وسكن. اطرافه جميعاً شركاء كانوا وما زالوا في نظام المحاصصة الطائفية متمسكون، وهم مسؤولون عن هذه الجرائم من صغيرهم الى كبيرهم، متوافقون جميعا على التهرب من تحمل المسؤولية، وتحميل تبعات فشل سياساتهم لهذا الشعب، للعمال والأجراء والموظفين، مدنيين وعسكريين وأساتذة ومعلمين ومتقاعدين ومتعاقدين، ومعهم الطبقة الوسطى وكل من يأكل من عرق جبينه.

خلافاتهم معروفة وتكمن في تفاصيل صيغة التسوية الطائفية الجديدة وكيفية توزيع الحصص فيما بينهم. خطاب شد العصب الطائفي يجمعهم . حتى على التوقيت الصيفي يفتعلون الانقسامات المذهبية . تصوير الصراع صراعا طائفيا ، يجمعهم. افقار اللبنانيين وتجويعهم وتجييش مشاعر الخوف من الآخر، يجمعهم.  ابقاء لبنان أسير دوامة الازمات التي لا تلبث ان تعود وتنفجر من جديد، يجمعهم.

يمعنون في ارتهانهم  لأوصيائهم في الخارج لم يتركوا دولة تعتب عليهم . زاروا عواصمهم وسفاراتهم طلبا لتسوية طائفية، فأدخلوهم في مزاد علني وبدأووا يتبارون في ما بينهم على تقديم الضمانات والتنازلات مما لا يملكون لأعطائها لمن لا يستحقون طلبا لتفصيل رئاسة وحكومة لأوصيائهم في الخارج على حساب لبنان واللبنانيين حفاظا على مصالحهم الطبقية وسلطتهم السياسية.   

يستخدمون نظام الزبائنية والمحاصصة  لتعميم ثقافة الفساد في المجتمع . يقومون بشراء الذمم وتوزيع المنافع الصغيرة العينية وغير العينية. ينظمون أعمال التسول والمساعدات المموّلة من منظمات دولية أو سفارات، هم هم من فرخوا عشرات النقابات الوهمية لضرب الاتحاد العمالي العام ، وهم ايضا من فرخوا  الجمعيات المرتبطة  بالسفارات الممولة لها ولهم.

على فسادهم مستمرون بإقرار براءة الذمة لهم عبر مشروع قانون الكابيتول كنترول وبعدم اقرار قانون استقلاليّة القضاء وعدم رفع الحصانة عن كلّ من تعاطى الشأن العام، فعطلوا التحقيقات القضائية في المال العام المنهوب وجريمة انفجار المرفأ  ولم يدققوا  في الحسابات المصرفية وإلزام أصحابها بإعادة فائض الفوائد التي حصلوا عليها، لوضع لبنان أمام مرحلة انتقالية إنقاذيه. 

إن مشروعنا البديل في مواجهة طروحاتهم التقسيمية والرجعيّة والمذهبية هو المشروع الذي أعلنته انتفاضة 17 تشرين الوطنية والشعبية: دولة علمانية، دولة مواطنة مدنية ولاطائفية، دولة ديمقراطية وعدالة اجتماعية، دولة قادرة على تحرير ارضها المحتلة من العدو الصهيوني وعلى حماية ثروتها النفطية والغازية، دولة لا تطلق سراح العملاء ولا تفرط بحقوق لبنان ولا تتنازل عن الخط 29 ولا تطبع مع الكيان الصهيوني ولا تعترف به في معاهدة دولية، وتقول انتصرنا.

كلما بقيت هذه السلطة في الحكم كلما ازدادت الكوارث وتسارعت وتائر الانهيار، وعمت  الفوضى وتوسع الفراغ ، مع دعوة  رفع العتب لوزير الداخلية لإجراء الانتخابات البلدية قبل شهر من موعدها، وهي مشوبة بعدم الجدية باعترافه المعلن بعدم توفير الاعتمادات المالية لها حتى الآن، وعليه، وانطلاقا من روح انتفاضة 17 تشرين، واستكمالا للمواجهة ضد تحالف أحزاب السلطة الطائفية والمذهبية وقوى رأس المال المالي والريعي ، فنحن ندعو  إلى  التحضير لهذه الانتخابات وكأنها حاصلة في مواعيدها المعلنة و مع أوسع تحالف لقوى التغيير الوطني والديمقراطي والعلماني واللاطائفي، باعتبار هذه الانتخابات محطة سياسية لأدانة المنظومة على جرائمها في الانهيار الشامل الذي تسببت به، بما في ذلك تعطيل آخر الهيئات الشعبية المنتخبة.

 مواجهتنا مواجهة شاملة بالقضية الوطنية والوقوف ضد الخطر الصهيوني وكل أنواع التدخلات والوصايات والضغوط الخارجية وضد استخدام الدين وسيلة سياسية سلطوية لحماية المرتكبين .

مواجهتنا مواجهة شاملة بالقضية الاقتصادية والاجتماعية أيضا وها هو القطاع العام ينتفض منذ  ثلاثة أشهر، وموظفوه ومعلموه ومتقاعدوه ومتعاقدوه  بحاجة الى تغطية سياسية تحميهم وتشد أزرهم بمواجهة تهديدات السلطة التي لا تفاوض شعبها  بينما تقدم التنازلات للخارج.

بالمال العام المنهوب والمهرب للخارج، بجريمة انفجار المرفأ، بالرواتب والأجور، بالمعاش التقاعدي، بالودائع الصغيرة، بتعويضات الصناديق الضامنة، بنظام ضريبي تصاعدي، واجهنا ونواجه. من يريد تغطية صحية شاملة، تعليما نوعيا مجانيا، جامعة وطنية، كهرباء، مياها، نقلا مشتركا وسكنا، عليه ان يواجه. من يريد ان يعمل، وينال حقوقه، ولا يقبل لا منة ولا حسنة من أحد: لا خيار له الا ان يواجه، 

ومن مهرجانكم هذا، نجدّد النداء إلى كل القوى الوطنية العلمانية والتقدمية المعارضة، وإلى كل الأطر النقابية والاجتماعية والشبابية والنسائية والمدنية التي تريد الانتقال من هذا النظام الطائفي البائس إلى آفاق دولة ديمقراطية علمانية تؤمن العدالة الاجتماعية لمواطنيها: فلتتحد كل السواعد، ولتعمل معا على امتداد مساحة الوطن، في كل المناطق والقطاعات، من أجل قيامة هذا البديل الوطني وفق برنامج مشترك، انتصارا لروح انتفاضة 17 تشرين الوطنية والشعبية وتحقيقا لأهدافها في التغيير وتوفير الحياة الحرة الكريمة.

فإلى الأمام، يداً بيد، لبناء جبهة وطنية قادرة على خوض الصراع المفتوح ضد هذه السلطة ونظامها، ولمنعها من اجراء أي تسوية طائفية جديدة بين اطرافها، جبهة تفرض نفسها طرفا أساسيا في تصويب بوصلة الصراع باتجاه الإنقاذ والتغيير الحقيقي، فبالتغيير نتحرر، ونحفظ انجاز التحرير . والمجد والخلود لتضحيات الشهداء الأبرار.