الثلاثاء، نيسان/أبريل 23، 2024

عايدة صبرا تدحض مقولة "الجمهور عايز كده"

متفرقات
لم تعجب "الست نجاح" كندا بنظامها، فقررت العودة إلى رحاب الوطن، حيث لا يوجد "بعزقة بالكهربا المشعشعة"، أو "تحاصر الأشجار البيوت"، ولا مطربات طبيبعيات لا يرافقهن "الباديغارد"، و"ما طارشين وجهن بالبويا، ومنفخينه بالبوتكس". ومن منا لا يعرف "الست نجاح" التي تربعت في قلوب اللبنانيين بعفويتها و"هضامتها"،.. لتنضم بعرض مسلسل "حلونجي يا إسماعيل" سنة 1995، إلى المسلسلات الأكثر شعبية.

لم ينسَ الجمهور "نجاح" الشخصية التي جسدتها المبدعة المخرجة والكاتبة المسرحية عايدة صبرا منذ 21 عاماً، وسارع لاستقبالها على صفحات التواصل الاجتماعي ومتابعتها بلهفة واستمتاع، وحتى الجيل الجديد جذبته بحرفيتها ونقدها اللاذع للواقع اللبناني المرير.


عايدة صبرا شغلت مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام بفيديوهات ناقدة نُشرت مؤخراً، والتي بات لها موعداً ثابتاً اسبوعياً، جرّاء الإقبال الشديد عليها.

"النداء" حاورت الفنانة عايدة صبرا، وعن توجهها إلى مواقع التواصل الاجتماعي وخوض تجربة الفيديوهات على الويب ذكرت أن الفكرة جاءت من خلال تعاملها على "الفيسبوك"، إضافة إلى "الأحداث التي عشناها خلال السنتين الماضيتين؛ من الحراك ضد أزمة النفايات وغيرها، يجعلك تتأثرين. وعندما نقارن وضعنا ببلاد الخارج، نعلم أنه يحق لنا العيش بهدوء وأمان وأن ننعم بنظام وقانون موحد، وليس بقانون حصري يسري على ناس دون آخرين".

اجتمعت هذه الأزمات كغصة في قلب صبرا، وقررت الإضاءة عليها بأسلوبها الساخر، وعند وصولها إلى مونتريال ـ كندا خلال زيارة لأبنها، نفذت مخططها بالولوج إلى موقع اليوتيوب، "لأني أعتقد أنه سيكون لاحقاً الاتجاه الأساسي، فالناس ابتعدت عن مشاهدة التلفاز، خاصة جيل الشباب، مثل أولادي، وأصبحت السوشيل ميديا في الجيب، ويمكن استخدامها من قبل الجميع وبأي وقت، لذا كانت التجربة ونجحت كثيراً".

وعن مصدر دعم فيديوهات "مغامرات الست نجاح" إنتاج Web en direct، تردد عايدة "الله داعمني" وتقدير الناس. و"صادفت في كندا علي ماجد، أحد طلابي سابقاً وهو مخرجاً محترفاً ويملك كافة التقنيات، والآن أقوم بالتصوير في لبنان ونرسل له المواد".

 

 "نجاح" مستمرة
إصرار عايدة على الاحتفاظ بالاسم من "مرت عمي نجاح" إلى "الست نجاح" يعود إلى مواصفات الشخصية، والاسم اطلقه الفنان أحمد قعبور عندما كتب سيناريو "حلونجي يا إسماعيل"، وطبعاً يجب البقاء عليه.
وعن عدم تكرار تجربة "حلونجي يا إسماعيل" رغم نجاحها وإعادة تجسيدها بعد 21 عاماً، أشارت صبرا أن قناة الجديد تطرح هذه الفكرة. وبالنسبة إلى متابعة عرضه على شاشة "المستقبل"، فالقرار يعود إلى نية القيمين بالمتابعة أو عكسها. "قدمنا المسلسل في موسمين، وفي المرة الثالثة كتب بأسلوب لم يعجبني صراحة، ولم يكن بقيمة الأول والثاني، فرفضت تقديمه، لأن الأفكار المطروحة لم تكن مهمة كثيراً، مثلما طرحت سابقاً، وتحديداً في الموسم الأول والذي كتبه أحمد قعبور، وساهم أيضاً أحمد علي الزين ونعمة نعمة ببعض حلقاته. وقعبور يعرف وجع الناس، كونه إبن "طريق الجديدة"، وعايش كل ما يتعلق بها، لذلك نجح المسلسل وبصم في أذهان الناس، وطبعاً إضافة إلى شخصيتنا العفوية وصدقنا أنا وعباس شاهين".

 

كذبة "الجمهور عايز كده"
"مغامرات الست نجاح" أثبتت عكس ما يشاع من سياسة المحطات التجارية، لتظهر أن "الجمهور مش عايز كده"، الفيديوهات ما زالت متداولة، وأول فيديو "الشجر" فاق عدد مشاهديه المليون و30 ألف مشاهد، وفيديو الحديقة قارب المليون، وفيديو الفنانة الكندية "انجيليك دورويسو" التي نالت جائزة كبيرة في بلدها وهي "غرامبي" ولديها جولات في أوروبا قارب النصف مليون، و"كان المخرج أعد لها فيديو مصور سابقاً، جاءت إلى الحديقة العامة لنصور معاً ببساطة متناهية"، وأظهرت عايدة خلاله الفرق بينها وبين الفنانات اللبنانيات (صاحبات البوتوكس والعجرفة)، وبعد الاتفاق على الفكرة تفاجأت أثناء التصوير ببساطة "انجيليك"، فارتجلت مستغربة "جاي بالشحاطة"!

وحالياً، أدخلت الترجمة على الفيديوهات، بسبب إقبال الأجانب عليه، ومنهم من طلب الترجمة عندما عرف موضوع الحلقات وأحبوا العفوية وتعابير الوجه، وبدأت نسبة مشاهدة الفيديوهات بالارتفاع 18 % في لبنان، 10 % في كندا، 4,25 % في سوريا 2% بالإمارات، والآن أصبح يشاهد في انتاريو، تورنتو، استراليا وألمانيا (أجريت مقابلة مع تلفزيون استرالي).

 

كلنا يعني كلنا
نقد الست نجاح موجهاً إلى الجميع وتحمّل الحق على الشعب اللبناني قبل السياسيين، فهو الذي يضعهم على الكراسي. "أنا طبعاً ألوم الناس، هم المسؤولون عن الفوضى؛ بخرق الأنظمة، ودفع الرشاوي لإنجاز المعاملات، وعندما نتفق جميعنا على عدم دفع رشوة "بتصور بيمشي الحال". أنا مسؤولة أيضاً، عندما أرمي النفايات من نافذة السيارة، أو أقطع شجرة لبناء حيط، مثلاً قطع الشجرة في كندا بحاجة إلى إذن من البلدية، التي تقيّم الحالة، ولا تسمح بقطع الشجرة، إلاّ بحال بقاءها يشكل خطراً على الناس. عكسنا تقطع بستان وغابات لتشيّد قصراً..."

وتستغرب صبرا تكرار انتخاب هذا الطاقم، "مزعوج من حياتك، ليه بتخليهم يذلوك؟" وبتكرر انتخابهم، وتبصم لهن، وبتتظاهر كرمالهم، "كل شي بيمرق، أنت إذا فقدت وظيفة بيدبر لك الزعيم تبعك شغل؟ الوسايط شغالة وما بيدبروا إلاّ إلى أقرب الأقربين، لكن الناس ما تنق إذا مضايقة من عيشتها وتعاني الأمرين".


الأزمة والحراك
حل أزماتنا بحاجة إلى بال طويل، ويجب عدم تكبير الحجر، والبدء بتظاهرات كبيرة مباشرة، بل البدء خطوة بخطوة، مثلاً عندما ننضبط بسلوكنا اليومي "بكم شغلة ونجر بعضنا لننضبط فيها"، يصبح لدينا حس مسؤولية للجماعة، وليس دائماً للفرد، نحن أنانيين كثيراً بالأسلوب التي نتعاطى به مع أنفسنا وبلدنا (المهم نكون حاميين حالنا ونكب الكل بالزبالة من أي نوع). وبشرط الكل يتوحد على هالشي وهيك بتجبري المسؤول يخضع لك".

عندما تفاقمت أزمة النفايات، ونزلنا إلى الشارع، كان يجب التركيز على أزمة النفايات وعدم تشعيب القضايا وتفريعها، وهذا الذي قد يكون أوصل الحراك إلى الفشل. الحراك نجح في بعض النواحي، ولكنه أخفق في أخرى، "وقت تنطي وتدعسي دعسة أكبر من دعستك وغير محضرة، هيدا ما بيظبط"، وخصوصاً أن تركيبة بلدنا، من الصعب إجراء التغيير فيه. وأعتقد ان القضايا المطلبية هي الأساس بالوقت الحالي، قبل القضايا السياسية، مع أنها مترابطة، وقد يكون رأيي خاطئاً، لأن يوجد بعض الناس لديها حساسيات عندم يستخدم الحراك اسم فلان...، ونحن بالغنى عن هذا حالياً. وإذا تم الإضاءة بقوة وجدية على القضايا المطلبية التي تعني الناس، تدفع الجميع للنزول إلى الشارع، ولكن عندما توجهين الإضاءة على الأحزاب، جمهور الأحزاب لن يقبل بهذا، و"صارت وأكلنا قتلة".


واقع الدراما والمسرح
واقع الدراما اللبنانية غير محتمل، إذ "هبط" مستواها جداً، وهي بحاجة إلى الكثير من العمل وخاصة من ناحية المضمون والنص، وتفتقر إلى الجدية والمهنية. "فمن المعيب نسخ المسلسلات المكسيكية، وكأنه ليس لدينا مشاكل وقضايا تعنينا".
وتساءلت صبرا لماذا الغربة عن بيئتنا، ومجتمعنا، والإقبال على مواضيع لا تشبهنا أبداً؟، "شي بيضحك، عيب. ويقولون لك: "لا"، عم ينشاف بقوة، غير صحيح".
حتى أننا لم نستفد من الأعمال المشتركة، صح أنها حققت انتشاراً، وهذا شيء جيد جداً، ولكن لم يكن هناك منطقاً في القصص، أسسوا جمعية أمم متحدة بالعيلة؛ الأم لبنانية، الأبن مصري، والإبن الثاني خليجي... أمر مضحك، أنه اعملوا عمل مشترك، بس كونوا جديين بتركيب الممثلين، شو هالهبل"؟


وعن خشبتها التي تجيد اللعب عليها، واختزنت في جعبتها أكثر من 25 عملاً مسرحياً، تؤكد عايدة أن المسرح بألف خير، بالرغم من عدم إعداد مسرحيات كثيرة بسبب عدة عوامل وغياب الدعم، ولكنه أفضل حالاً، حتى في ظل تزايد مسرح الـ "شونسونييه" ولكن هذا أمراً طبيعياً متواجد في كل بلد. كما أن نسبة الإقبال تتقدم، وبالنهاية العمل الجميل يفرض نفسه، فيجذب الناس، عدا عن العلاقات الشخصية والقدرة على تسويق عملك.


أما جديد أعمال عايدة، فهي تتابع تصوير فيديوهات "مغامرات الست نجاح" والتي تعرض حلقة جديدة كل سبت لتلقي الضوء على واقع اللبناني في البلد (من أزمة السير، معاناة اللبناني بملاحقة معاملاته في الدوائر الرسمية،..)، وتشارك أيضاً في تصوير فيلم سينمائي قصير.

*المصدر: مجلة النداء 301

# موسومة تحت : :