الثلاثاء، نيسان/أبريل 16، 2024

ياعمال لبنان .. اتّحدوا !

  ادارة الموقع
وثائق الحزب
 مقالة للمفكر الشهيد حسين مروة في جريدة "النداء"، زاوية "لكل يوم" تاريخها ‏أول أيار(مايو) ، عام 1964 .. وكان لبنانُ ، يومها ، على أبوابِ انتخاباتٍ نيابية كحالِنا اليوم ‏بالذات .. فلتكنْ هذه المقالة موجّهةً إلى عمالِ العالم وعمال بلادنا وكادحيها وإلى عموم الشعب اللبناني في ‏المناسبتيْن معاً : عيد العمال ، تليه فترة الانتخابات في منتصف شهر أيار ‏

ياعمالَ لبنان ! ‏
تحيةً لكم ، في عيد أول أيار المجيد .. ‏
تحيةً إلى مجد العيد أولاً ، وتحيةَ تهنئةٍ بالعيدِ ثانياً .. ‏


ويطيبُ لي ــ بعدُ ــ أن تكونَ تحيتي هذه ، بواسطتكم ، إلى مجدِ الشهداءِ الأوّلين الذين منحوا ‏هذا العيدَ العظيم كرامتَه وشرفَه ومغزاه ، وإلى عمالِ العالمِ أجمع ، الذين يشاركونكم وتشاركونهم ‏المهمةَ التاريخيةَ العظمى التي صار أولُ أيار رمزاً لها ، وحافزاً من حوافزِ الحياةِ والقوةِ والنواةِ ‏الثوريةِ الكامنةِ في ساعدِ كلِّ عاملٍ وكادحٍ يصنعُ خبزَ الحياةِ وخبزَ المعرفةِ وخبزالحضارةِ والسلامِ ‏للإنسان .. ‏


ياعمالَ لبنان الأعزاء ! ‏


ثقتنُنا بكم هي ثقةُ كلِّ إنسان يُدركُ قضيةَ التاريخ ، قضيةَ الإنسانِ والشعوب ، ويُدركُ أنّ ‏العمالَ ـ أينما كانوا ـ هم قلبُ هذه القضية ، وهم "الديناميكية " المحرِّكة لها، وهم سرُّ الحركةِ في ‏دمها وشرايينِها وفي الخلايا الحيّةِ من كيانها الحي .. ‏
ثقتُنا بكم ، كعمال ، ليستْ ثقةً تنبعُ من عاطفةٍ أو خيالٍ أو رؤيةٍ مثاليةٍ ذاتية ، وإنما هي ‏ثقةٌ ينبوعها العلمُ والقوانينُ القائمةُ بذاتها في حركةِ التاريخِ البشريِّ الاجتماعي .. هي ثقةٌ بالعمالِ ‏لا يُصيبُها ضعف ، ولا استرخاء ، ولا "قرف" ، ولا سأم ! ‏
ولكنّ الثقةَ وحدَها ، هكذا ، ليستْ تكفينا ، ولا تكفيكم أنتم سرّ الوقوعِ في حبائلِ أعداءِ ‏شعبكم ، أعداءِ قضيتكم : قضيةِ الخبزِ والعلمِ والعافية ، قضية السلمِ والحريةِ والتطور إلى أمام ، ‏قضية الكرامة البشرية التي يحتقرُها أولئك الأعداء حين يحتقرون كرامتَكم ومطالبَكم ومطامحَكم. ‏


لا تكفينا ولا تكفيكم هذه الثقةُ يا عمالَ لبنان .. بل ، تحتاجون ونحتاجُ معها الوعيَ للمهمة ‏العظيمة التي يضعُها التاريخُ على أكتافكم من أجلِ إنسانيتِكم أولاً ، ومن أجل حياتِكم وحياةِ شعبكم ‏ثانياً ..‏
هذا أول أيار ، عيدُكم وعيدنا وعيد الإنسانية كلِّها .. فهل يكفي لتكريمه أن نفرحَ به ساعات ، وأن نتعطّلَ له عن العملِ ساعات وأن نتبادلَ فيه التهاني والتحيات ؟
إنه يأتي هذه المرة ، وفي لبنان وطنِكم الحبيب الجميل أشياءُ عجيبة تمزجُ حبَنا العميقَ له ‏بأنواعِ العذاباتِ والمرارات وتشوّه جمالَه بآلافِ اللطخاتِ السود ..‏

‏ يأتي عيدُ أول أيار ، هذه المرة ، ولبنانُ في معركةِ انتخابٍ انتُهكتْ بها ضمائرُالمواطنين ‏وكراماتُهم ، ولم يذكرْ أحدٌ قضيتَكم ، مطالبَكم ومطامحَكم وحاجاتِكم ، سوى بضعةِ نفَرٍ منَ الخائفين ‏فيها باسمكم واسم فئاتِ الكادحينَ من شعبِكم .. فالمعركةُ الانتخابيةُ اليوم ليستْ سوى سوقِ نخاسةٍ ‏يُباعُ الإنسانُ فيها ويُشرى في زمنٍ بَطُلت فيه تجارةُ الإنسانِ بالإنسان .. ‏


يا عمالَ لبنان .. اتّحدوا !.. ‏


اتّحدوا.. مِن أجلكم ومِن أجلنا نحن المواطنين الكادحين معكم بالسواعدِ والأدمغةِ والأقلام .. ‏
إنَّ الذين يَشقّون صفوفَكم ويمزِّقونها ، يَهدرون عرَقَكم المقدَّس .. إنّ هؤلاء ، يفعلون ذلك ‏لينعموا هم بشقائكم وشقائنا جميعاً ، ليبقوْا طويلاً ينعمون وتشقون ونشقى .. ‏
والتحية الأخيرة لكم :


يا عمالَ لبنان .. اتَّحدوا ! .. ‏