الخميس، تموز/يوليو 18، 2024

كلمة الحزب الشيوعي اللبناني في إطلاق المهام السنوية للحزب الشيوعي الألماني

  ادارة الموقع
عربي دولي
شارك الحزب الشيوعي اللبناني في لقاء خاص مع كوادر مركز الأبحاث العالمي لجمهورية ألمانية الديمقراطية وشبيبة الحزب الشيوعي الألماني ممثلاً بعضو اللجنة المركزية في الحزب الرفيق سلام أبو مجاهد، حيث حضر اللقاء حوالي 40 كادراً من مناضلي الشبيبة الشيوعية. كما كانت للحزب كلمة في فعالية إطلاق المهام السنوية للحزب الشيوعي الألماني، بحضور الأمين العام للحزب الرفيق باتريك كوبيليه، وألقى فيها الرفيق أبو مجاهد الكلمة التالية:

الرفيقات والرفاق الأعزاء

الرفيق الأمين العام باتريك كوبيليه

الحضور الكريم.

اسمحوا لي باسم الحزب الشيوعي اللبناني، قيادة وكوادر وأعضاء، أن أتقدم منكم بأصدق التحيات الرفاقية، لأعضاء الحزب الشيوعي الألماني، لشبيبته وعمّاله ونسائه ومثقفيه الثوريين، المناضلين تحت راية أرنست تيلمان وروزا لوكسمبورغ وكارل ليبنكشت، لكم من حزبنا الذي سيحتفل العام المقبل بالمئوية الأولى لتأسيسه كل التضامن. 

هو الحزب الذي تأسس عام 1924 وانطلق باندماج الحزب الشعب اللبناني مع منظمة سبارتاكوس الأرمنية العربية بقيادة أرتين مادويان، رفيق روزا لوكسمبورغ، والذي اقتبس اسم منظمته من ثورة سبارتاكوس الإلمانية عام 1919،  التي قادتها القائدة الأممية والعمالية العالمية، المناضلة روزا لوكسمبورغ والتي استشهدت خلالها اغتيالاً على أيد العصابات الفاشية والنازية.

 لكم من حزبنا التحيات الرفاقية متطلعين الى تمتين العلاقات بين حزبينا، فأنتم مناضلون تتابعون مسيرة الحركة الثورية العالمية بهدى أفكار كارل ماركس وانغلز، مستفيدون من أخطاء التجربة الإشتراكية المحققة، متمسكون بالقيم الإنسانية، وبالإشتراكية العلمية كمنهجاً علمياً لإكتشاف الواقع وتطوره، متمسكون بالمبادىء اللينينية في تنظيم صفوف الحركة العمالية الثورية من أجل تحقيق أهدافها في بناء الإشتراكية، من أجل العدالة الإجتماعية، من أجل تحقيق المساواة ووقف إستغلال الإنسان للإنسان، وتأمين البنى والتقديمات الإجتماعية والصحية والعلمية والتربوية التي ترتقي لعصر الحداثة والتقدم، لعصر أكثر إنسانيةً، لعصر يكون فيه الإنسان الذي يحيى بقوة عمله لا باستغلالها، لعصر يؤمن بالإنسان كمصدر للتقدم والتطور، لا مادة للتجارب في مختبرات العلوم الغير إنسانية، مثل تلك التي كشفتها جائحة كورونا وفضحت تقصير أكثر الدول الرأسمالية تطوراً.

الرفيقات والرفاق.

يعاني وطننا لبنان بحجمه الصغير، أزمة نظام عميقة الجذور، تمتد منذ استقلاله عام 1943 الى اليوم، وموقعه الجغرافي وضعه على رأس أولويات المشروع الإمبريالي وأداته الصهيونية منذ نشأة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين وحتى يومنا هذا، فكانت الإعتداءات المتكررة ضد شعبنا وقرانا، وكان الغزو الصهيوني الأول عام 1978، والغزو الثاني الذي وصل إلى بيروت عام 1982، والذي كان للحزب الشيوعي اللبناني دوراً قيادياً وطليعياً في إطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضده، فارضاً عليه الانسحاب من ثمانين  بالمئة من الأراضي التي احتلها، إلا أن حالة الإنقسام الداخلي التاريخية  ودخول اللبنانيين في عدة حروب أهلية مدمرة على الخيارات السياسية وموقع لبنان فيها، انتهت عام 1989 باتفاق الطائف، الذي وزّع السلطات بين أمراء الحرب برعاية أميركية سعودية سورية، وبدلاً من الإستفادة من وقف الحرب الأهلية والشروع في تطبيق بنوده الإصلاحية، دخل أمراء الطوائف والميليشيات المسلحة ومن دون قواهم العسكرية إلى مؤسسات الدولة وأمعنوا في تقسيمها مغانماً بين الطوائف المتخاصمة، فاتفقوا فيما بينهم على تقاسم الثروات ونهب الشعب اللبناني ومدخراته، واختلفوا على المواقع والحصص فيما بينهم، فدفع الشعب اللبناني في كِلا الحالتين  الثمن غالياً.

هل تصدقون؟ أن الشعب اللبناني اليوم وفي العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين، يعيش دون كهرباء ودون مياه، وثروته المائية ملوثة، وقطاعاته الحيوية الصحية والتربوية والبيئية متهاوية إلى القعر، فيما نظامه المصرفي والنقد الوطني على شفير إعلان إفلاسه التام.

هل تعلمون؟ وتصدقون؟ أنه بالرغم من كل تلك المآسي التي يعيشها اللبنانيون يعاني وطننا اليوم من حصار اقتصادي ومالي ونفطي مثلث الأبعاد، يبدأ من الولايات المتحدة الأميركية ويمرّ بالتهديدات الصهيونية المستمرة له، ليصل إلى أنظمة عربية تركض وراء التطبيع مع العدو للإنتقام من مقاومة الشعب الفلسطيني على أرضه المغتصبة وصمود مقاومة الشعب اللبناني ورفضها الخضوع والخنوع لما سمي باتتفاقية ابراهام، ويعمق أزمته الإقتصادية فوق كل ذلك وجود أكثر من مليوني لاجيء من الأشقاء السوريين في بلد تعداد سكانه لا يتجاوز الأربعة ملايين نسمة، تعمل حكومات الإتحاد الأوروبي بما فيهم الحكومة الألمانية على منع عودتهم إلى مدنهم وقراهم الآمنة تلبية لرغبة الولايات المتحدة التي تفرض رؤيتها وقواعدها وعقوباتها وتحدّد مصير شعوب العالم وفق مصالحها، وتتنقل بحروبها الصغيرة والكبيرة والناعمة من منطقة إلى أخرى بالرغم من هزائمها المتلاحقة، فها هي اليوم تقاتل بالشعب الأوكراني، وتزجّ بالغرب الأوروبي بحرب ضد روسيا، يدفع ثمنها وحده الشعب الأوكراني وشعوب الإتحاد الأوروبي الثمن غالياً، يدفع ثمنها من أمنه، ومن إقتصاده، ومعيشته، ومن رفاهيته، في حرب لن يكون فيها الأميركي والحلف الأطلسي إلاّ مهزوماً. 

نعم، لكل هذه الأسباب انتفض شعبنا اللبناني في 17 تشرين من عام 2019، لإسقاط تحالف الطغمة المالية والطبقة السياسية الفاسدة، نزل أكثر من مليون لبناني إلى الشارع ينادون برحيل تلك الطبقة السياسية الفاسدة، ولإسقاط النظام الطائفي ورموزه، وهو مستمّر بنضاله بالرغم من الظروف القاسية وتعقيدات العوامل الداخلية والخارجية الطاغية دوماً على الملفات الداخلية في لبنان، ومن تداعياتها اليوم، حالة الفراغ الدستورية الشاملة، فالمجلس النيابي اللبناني الذي انتخب قبل سنة من اليوم، اصبح هيئة ناخبة لا يحق له التشريع نظراً لفراغ سدة رئاسة الجمهورية، والحكومة اللبنانية هي بحكم المستقيلة بعد الإنتخابات النيابية. والحلّ الداخلي ينتظر وللأسف تسوياته الخارجية. 

في المقابل يناضل حزبنا على مختلف الصعد الإجتماعية والسياسية والمطلبية، ساعياً إلى توحيد قوى اليسار اللبناني والقوى الوطنية والديمقراطية لتعديل موازين القوى الداخلية لمصلحة الشعب اللبناني وفئاته الكادحة التي انتفضت في 17 تشرين، كما يناضل حزبنا لتقوية أواصر التعاون مع اليسار العربي والحركة الشيوعية العالمية للبدء بتشكيل موازين قوى جديدة تكون في مصلحة الطبقات الكادحة والشعوب المضطهدة من أجل التغيير في أوطاننا.

إنه زماننا، إنه وقتنا ووقتكم أيها الرفاق، لنعمل على وحدة الحركة العمالية العالمية، ووحدة الحركة الشيوعية العالمية، وإعادة الوهج الثوري لحركة التحرر الوطنية العالمية نحوبناء أممية جديدة.

لنخرج من أزماتنا ومن هزائمنا..... وإلى الأمام..