عن الضرورة... المدرسة الحزبية مثالاً
وما زال صوت مؤرخ السنديانة الحمراء الرفيق محمد دكروب يصدح في قاعة الاجتماعات وفي كل فرصة أتيحت له "التثقيف، ثم التثقيف، والتثقيف يا رفاقي"... هذه المرة كان صدى الوصية مختلفاً، كأنه يردد تصفيقاً لإنجاز أول خطوة في هذا المجال.
الجديد كان بربط هذا القرار بالخطوات العملية لذلك، ونحن حزب يملك من الكوادر والطاقات ما يكفي، إذاً اجتمعت قوة الإرادة لتنقل مطلب الشيوعيين جميعاً من حبر الوثائق إلى الفعل،..
برأيي المتواضع تنفيذ هذا القرار هو من أهم الانجازات التي ممكن أن تحصل بين مؤتمرين.
لقد كان الشيوعيون دوماً يمتلكون بعد النظر واستشراف المستقبل هذا على لسان العامة (من غير الشيوعيين).
بينما الموضوع ليس ضرباً بالرمل أو علماً بالغيب، الأساس هو امتلاك المنهجية وأدوات التحليل، تلك الأدوات العلمية التي تجعلنا نستشرف الأحداث استناداً إلى دراسة الواقع وتحليله.
أتت المدرسة الحزبية المركزية بمحاور مقرراتها لتؤكد أن أفكار الاشتراكيين الأوائل ما زالت صالحة إلى يومنا هذا تلك الأفكار التي وضعت الأسس دون تقديس النصوص، ولتؤكد أيضاً أن التغيير ممكن وضرورة وأن لمهدي عامل راهنية الفكر، إمتلاك الأدوات العملية والعلمية للتحليل والعمل على إعداد الكادر المثقف الذي سينقل شعلة الفكر بدوره إلى الجيل الحزبي الجديد وحده الكفيل بضخ الحياة واستمرارها في جذور السنديانة الحمراء.
كان عملاً مضنياً ساهم فيه بشكل أساسي أعضاء لجنة التثقيف المركزي كما الطلاب المنتسبين، كان النهم مشتركاً بين الطرفين لنقل المعرفة ولتلقيها على مدى تسعة أشهر بمقررات أربعة (المادية التاريخية، الاقتصاد السياسي، نماذج الاشتراكية، الاقتصاد السياسي اللبناني)...
عن تطور المفهوم المادي للتاريخ والبيان الشيوعي و الإشتراكية الطوباوية والإشتراكية العلمية، عن الطبقات والصراع الطبقي والقوى المنتجة وعلاقات الإنتاج عن الدولة والثورة، عن الإقتصاد السياسي ونظرية الأزمة والإمبريالية، عن نماذج الإشتراكية ومفاهيم الإشتراكية والشيوعية عند ماركس، أنجلز ولينين، عن شيوعية الحرب والنيب ونقاشات التصنيع والتخطيط المركزي وإشتراكية السوق وتجارب الإشتراكية المحققة، عن الإقتصاد السياسي اللبناني والسياسة اللبنانية وممارسات الصراع الطبقي ونمط الانتاج الكولونيالي وحركة التحرر الوطني والدولة الطائفية وفقاً لمهدي عامل، عن الخصائص الأساسية للبنية الإقتصادية الإجتماعية وأزمة الرأسمالية اللبنانية، وبرنامج بديل للحزب الشيوعي اللبناني).
تابع الطلاب المحاضرات، وفي الثلاثين من تموز ٢٠١٧ كان اختبار التقييم للمقرر الرابع والأخير، لم تكن الخاتمة بل هي البداية، بداية الطريق الصحيح نحو إعادة بناء حزبنا، البداية لتجربة سوف تتطور من دورة إلى أخرى، هي كرة الثلج التي ستكبر لتعلن أننا أبناء المستقبل وأمجاد التاريخ لنا لنعتبر منها، لا لنسقط أسرى لها...
حملت الدورة الأولى إسم الرفيقين "كمال البقاعي ورضوان حمزة" ونجاح هذا العمل هو أقدر تكريم وإيفاء بالعهد.
*المصدر: النداء 319