كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب في اعتصام صيدلية بسترس حول موقف الحزب من المفاوضات مع العدو الصهيوني
نعتصم اليوم في مستديرة صيدلية بسترس لما تحمله هذه الساحة من رمزية خاصة في التاريخ النضالي لشعبنا وحزبنا ومقاومته الوطنية اللبنانية ضد العدوان والاحتلال الصهيوني.
على مجدها وقع الاختيار لنعلن منها موقفنا مع بدء مفاوضات لبنان مع العدو الصهيوني مستحضرين سلاح الفكر والثقافة والابداع مع مقولة شهيدنا الكبير مهدي عامل " لست مهزوما ما دمت تقاوم". مقاومة وطنية وشعبية بمختلف الأشكال والأساليب المناسبة عهدا ووفاء للشهداء الذين سقطوا على درب التحرر الوطني والاجتماعي لشعبنا وشعوبنا العربية كافة من كل القوى والأحزاب والتيارات.
بعضهم سيقول لنا : ان الظروف تغيّرت، موازين القوى أيضا تغيّرت، الا ترون؟. هذا صحيح ولأننا نرى المتغيرات نرد ونقول. هناك مشروع ثابت لم يتغيّر. زاحف بوحشيته ، بعنصريته وفاشيته زيادة في جرائمه وفي حروبه المستمرة. عدو صهيوني مدعوم اميركيا وله مرتكزاته وقواه وأنظمته الداخلية في دول المنطقة . عدو لا يرحم ولا يحترم الاتفاقات ولا القرارات الدولية.
بالنسبة له ، هي منصة سياسية لمواصلة عدوانه وتحقيق أهدافه . لا حدود لأطماعه التوسعية من فلسطين الى لبنان الى سوريا والعراق واليمن ...وصولا الى الإقليم لفرض مشروع الشرق الأوسط الجديد والحاق لبنان في اطار أتفاقات التطبيع الابراهيمية التي تشرف على تنفيذها الولايات المتحدة الأميركية.
الرفيقات والرفاق والاخوة الحضور
عام مضى على اتفاق وقف الاعمال العدائية في السابع والعشرين من تشرين الثاني 2024 . لم يلتزم فيها العدو يوما بتنفيذ بنوده، بل واصل اعتداءاته جنوبا وشمالا لنهر الليطاني : قتلا لأكثر من 400 مدني، وايقاعا لمئات الجرحى، وتدميرا لآلاف المنازل ، ومنعا للعودة والأعمار لأهلنا النازحين في الجنوب . توسع في احتلاله وتمدد طولا وعرضا - دمّر الجهة الشرقية للقرى والبلدات المطلّة على فلسطين المحتلة مانعا أصحاب المنازل ومالكي الأراضي من التوجه اليها . اقام منطقة عازلة على امتداد الحدود الجنوبية من الناقورة حتى بلدة الخيام ( 46 قرية وبلدة) - تتنقل قوات احتلاله ليلا ونهارا داخل القرى الحدودية وتقوم باغتيال المدنيين وترويع العائلات الصامدة في قرى الشريط الحدودي - مسيّراته الجوية تراقب وتهدد وتغتال في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت - اقام جدارا عازلا على ارضنا من اطراف عيترون ويارون وخلف الخط الأزرق - ينشر الخرائط ويوجه الانذارات ويدعو الأهالي للخروج من منازلها لتدميرها - دمّر آليات الاعمار في المصيلح لمنع العودة والاعمار وهدّد الأهالي من التعاون مع "منسق تجمع ابناء البلدات الجنوبية الحدودية". يؤسس منذ الآن لاستغلال مرحلة ما بعد انسحاب قوات اليونفل في نهاية العام القادم لاحتلال دائم وتهجير الأهالي الصامدين وتدمير الممتلكات.
رصاصة واحدة طوال عام كامل لم تطلق بوجهه. لبنان بلد مردوع . حتى حق الدفاع عن النفس ممنوع . مسار سياسي انتهى الى خسائر لا تعد وتحصى ، كانت نتيجته الطبيعية الذهاب الى المفاوضات تحت ضرباته في جباع ومحرونة وبرعشيت والمجادل ونحن نفاوضه على الطاولة . كيف يمكن ان تكون نتائج هذه المفاوضات لمصلحة لبنان اذا كانت هذه البداية . ترى كيف ستكون النهاية؟ . لبنان اليوم يدخل مرحلة شديدة الخطورة مع بدء هذه المفاوضات التي يحاول فيها الاسرائيلي استثمار اعتداءاته العسكرية بهدف توقيع اتفاقات سياسية واقتصادية وأمنية. مفاوضات على نار حروبه المتصاعدة لفرض شروطه التالية :1 – دخول الجيش اللبناني الى منازل الجنوبيين وتفتيشها لتحويله الى شرطي لحمايته
2- إقرار جدول زمني محدد لسحب سلاح حزب الله من شمال الليطاني
3 – موافقة حزب الله واجماع سياسي لبناني على ذلك.
4 – بقاء احتلاله فهو يريد التوسع لخلق منطقة آمنة في الجنوب على غرار ما حصل ويحصل في غزة وسوريا والضفة وغور الأردن. تنازلات أولى كامنة في عمق الفكر الديني الصهيوني . يتصرف تصرف المنتصر ونحن المهزومون وعلينا الخضوع لشروطه والموقف الأميركي طبعا مؤيدا له . اقبلوا بالشروط الإسرائيلية والا ...
هكذا يدخل لبنان الى المفاوضات السياسية والاقتصادية والأمنية ويرسل سياسيا معروف بهويته السياسية رئيسا لوفد لبنان في محاولة لتجنب عدوان إسرائيلي. فأي ثمن سندفعه ؟ والتجارب واضحة في مفاوضات الترسيم البحري وتجربة كاريش واتفاق 27 تشرين الثاني 2024 ؟عليه نعتصم اليوم لنعلن موقفنا
" مصلحة لبنان تكمن في مفاوضات أمنية غير مباشرة حصرا بهدف" وقف العدوان - انسحاب قوات الاحتلال تنفيذا لأتفاقية الهدنة عام 1949 – اطلاق الأسرى – عودة الأهالي والاعمار.
نعتصم اليوم لنقول للمسؤولين الى اين تأخذون البلد.؟ تكتفون بطرح حصرية السلاح بيد الدولة وتتجاهلون تلازم هذه الحصرية مع مقاومة الدولة للاحتلال وهي التي لم تسلح جيشها يوما لكي يقاوم ويدافع عن سيادة لبنان . ونقول أيضا ومن موقع الحزب المقاوم. حزب المقاومة الوطنية اللبنانية الحريص كل الحرص على خيار المقاومة وعلى تضحيات الشهداء كل الشهداء المقاومين: خيار المقاومة اليوم بحاجة الى استراتيجية جديدة فقول الشيء ونقيضه ، وانكار حقيقة الواقع الذي نحن فيه سيضاعف الخسائر. اما الاعتراف بالواقع فهو نقطة الانطلاق للتقييم وتصويب المسيرة بالاتجاه الصحيح . فشعبنا رافض للخضوع والاستسلام ولا شيء يخرجه من حالة الإحباط الذي هو فيه سوى مصارحته.
نحن مطالبون بتحويل الأزمة الى فرصة لأحداث عملية انعطاف وتغيير وطني ديمقراطي تتناسب والتحديات الوجودية غير المسبوقة، وتكون مدخلا لوضع لبنان على سكّة الخروج من دوامة الازمات . مطالبون البدء بحوار وطني يشارك فيه الجميع للوصول إلى تفاهمات وحلول داخلية ، مشددين على أهمية الحفاظ على السلم الأهلي، والوحدة الوطنية ووقف الخطاب الطائفي الانقسامي، مطالبون بتفاهم لبناني - لبناني ليس فقط حول حصرية إمتلاك الدولة للسلاح ، بل أيضا حول حق الشعب اللبناني في المقاومة الوطنية الذي سيبقى مقدسا طالما بقي الأحتلال . ان واجب الدفاع عن الأرض والشعب في مواجهة العدوان والاحتلال يتطلّب مقاومة وطنية لا تقتصر على طائفة او منطقة معينة، بل تكون عابرةً للمناطق والطوائف والمذاهب وموحّدة للأهداف والجهود والطاقات .مطالبون بفتح ملفات الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والشروع في تطبيق اتفاق الطائف بدءا من تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية الى تطبيق المادة 22 وإقرار القوانين الانتخابية النيابية والبلدية على أساس النسبية خارج القيد الطائفي والدائرة الواحدة أو الكبرى وتغيير السياسات الاقتصادية – الاجتماعية باتجاه بناء اقتصاد منتج وتصحيح الرواتب والأجور وتطوير الخدمات العامة الأساسية في الصحة والتعليم والنقل العام والسكن
مثل هذه التفاهم يوفّر للبنان ضمانة كبرى في تحصين مناعته الداخلية من جهة، وفي تعزيز قدراته التفاوضية في مواجهة املاءات الخارج من جهة ثانية. فكفى استدراجاً ل"الحمايات الخارجية" وخضوعا لإملاءاتها ومشاريعها التي أضعفت البلد وأبقته أسير الانقسامات والصراعات الطائفية التي أفشلت كل محاولات اخراجه من أزماته المتلاحقة. ونحن اذ نحمل المسؤولية لما نحن فيه من انهيار واحتلال للقوى السياسية الطائفية التي تحكمت بمسار لبنان وأوصلته الى حالة الضعف والانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفي مقدمها تلك التي مارست تاريخيا سياسة قوة لبنان في ضعفه أو تلك التي أخضعت المقاومة لسقف الميثاقية والمحاصصة والحفاظ على النظام السياسي الطائفي ندعو الشعب اللبناني وقواه الوطنية والتقدمية والديمقراطية المقاومة، للعمل معا لبناء البديل السياسي والأنضواء في اطار أوسع جبهة سياسية وطنية تحمل مشروعا للتحرر الوطني والاجتماعي.
عاش لبنان والمجد والخلود للشهداء الابرار
................................................................................................................