"الشيوعي" يحتفل بانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في شويا
نظمت هيئة مرجعيون – حاصبيا في الحزب الشيوعي اللبناني مهرجاناً سياسياً فنياً حاشداً في نادي شويا مساء اليوم، احتفالاً بالذكرى الـ 37 لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية،
وتخلل الحفل تحية فنية من د. وسام حمادة وقصيدة شعرية قدّمها الأستاذ غسان بركات.
خليل
وللمناسبة ألقى كلمة الحزب عضو المكتب السياسي ومسؤول العلاقات ومسؤول العلاقات الخارجية الرفيق د. حسن خليل استهلها بتوجيه التحية للحضور وقال "في واحدة من ليالي أيلول، اتّخذوا قرارهم ومضوا غير قلقين عمّا سوف يليه؛ فالموت برأيهم وجه آخر للحياة، فلتكن إذن حياة بكرامة... أطلقوا رصاصهم "قليلاً ثقيلاً ولكن يصيب"... أصاب التاريخ فسال دمه مدوّناً بداية عصر جديد، أصاب الجغرافيا راسماً خريطة الوطن واحداً موحداً، مستقلاً ومقاوماً، وأصاب رؤوس الأعداء، المحتلين لبيروت، صارخاً بهم: لن تمرّوا...
لنْ تمرُّوا، فثمة من اتخذ المُبادرة وحوّلوا الهزيمة انتصاراً، اتخذوها ليعيدوا كتابة التاريخ المزيف بأحرف من نور ونار، وبمَدَادِ من سبَقهم، وبدموع أجمل الامهات التي ما برحت تنتظره ليعود، كتبوه بزهور الحقول التي تزداد ألوانها احمراراً وجمالاً، كتبوه بالقول والفعل والدماء والدموع... كتبوه بالمقاومة.
عيونهم شاخصة نحو الشمس، ونحو الأفق القريب جداً منّا، حيث تتداخل حدود الوطن مع الأسيرة "فلسطين"، حيث يلتقي التاريخ بالجغرافيا، حيث صلاح الدين لا يزال محاصراً في حطّين، وعزّ الدين نزيل السجون، والشهداء ينتظرون إذن الدخول إلى الجنة، والجرحى يلملمون أشلاءهم ليعيدوا تركيبها من جديد".
وأكّد خليل على "أن التسول على أبواب الدول لا ينتج تحريراً، والتآمر لا يصنع المواقف، والنفخ في بوق المذهبية لا يجعلُنا مواطنين أو يبني وطناً، ولا يَحمي المقاومة ويصون مشروعيتها؛ فهذا الخيار لا يحميه ولا يحفظ تضحياتِ مناضليه، إلّا مشروعٌ وطنيٌ قائمٌ على تلازم القضايا، يوحد منطق المقاومة من فلسطين، حيث أنظمة الذل تجهد لتصفية ما تبقى منها بصفقة عار، إلى لبنان، ويجعل من مهمة التغيير الديمقراطي واجباً وفي يد الشعوب وقواها الحيّة حصراً، لأن تلازم مشروعيّ التغيير والتحرير هو أمر ضروري، إنْ أردنا العيش في بلد، يصون دماء الشهداء، ولا يجعلهم رصيداً إضافياً في التوظيف السياسيّ وبأبخس الأثمان.
نعم، أيها الرفاق والأصدقاء: هكذا تبدأ القضية، وهكذا يُكتب التاريخ، وهكذا كان ذلك القرار التاريخي، الواعي والمسؤول، بإطلاق جمول، الذي أعلنه الشهيد الكبير جورج حاوي والرفيق محسن ابراهيم والرفيق حسين حمدان، باسم أحزابهم، ومن منزل الشهيد الكبير المعلم كمال جنبلاط، والذي كان امتداداً لتاريخ من الكفاح المسلح انطلق من هنا، من عسّاف الصباغ، الشهيد الشيوعي الأول على طريق فلسطين، مروراً بالأنصار والحرس الشعبي ووصولاً إلى المقاومة الإسلامية، كرد وحيد على تلك الغطرسة الصهيونية المتمادية، وعلى التخاذل العربي المهين والمدان، وعليه نؤكد مجدداً، بأن ما يجري اليوم مفتوح على احتمالات خطيرة، ما يستوجب منّا التأكيد أمامكم بأننا كحزب، لسنا خارج تلك المواجهة بل نحن جزء منها، وعليه أيضاً، ترانا ندعم الردّ على الاعتداءات الصهيونية التي حصلت والتي يمكن أن تحصل ونؤيده، مع العمل على المشاركة العملية في هذا المجال، والمبادرة إلى تعزيز التقاطعات وتطويرها مع كل القوى المقاوِمة في لبنان وفلسطين والبناء عليها بشكل واضح".
وأردف "أيها الرفيقات أيها الرفاق: يكثر البحث والكلام في هذه الأيام عن الاستراتيجية الدفاعية، وهذا جيد! نحن، في الأساس مع استراتيجية مواجهة. لكن السؤال الأهم: من سيناقش هذه الاستراتيجية؟ هل هي تلك المنظومة الحاكمة، والتي لا تتفق إلّا على مصالحها وعلى حرمان اللبنانيين من حقوقهم وتجويعهم وتهجيرهم، وهي المسؤولة عمّا آلت إليه الأمور من انهيار اقتصادي ومديونية عالية بفضل سياساتهم!، والذي يلتبس في أحيان كثيرة، عند بعضها، من هو العدو ومن هو الصديق؟
نعم فلتُبحث تلك الاستراتيجية، لكن مع المعنيين بها بشكل مباشر؛ بداية معكم، أنتم أهلنا في القرى الأمامية، الذين تحملتم وتتحملون اليوم شرف المواجهة وعبء الاحتلال، وتدفعون ضريبة الدم عن كل لبنان، من خلال تأمين مقومات الصمود والتمسك بالأرض وتوفير كل المستلزمات والخدمات، وبعدها مع القوى المقاوِمة نفسها، والتي لبّت نداء المقاومة من كل المناطق، عابرة حدود المذاهب والمناطق لتزرع أجساد مناضليها في هذه الأرض الطيبة، والتي تحكي كل شجرة فيها وكل صخرة حكاية مناضل من مناضلي جمّول الذين عبروا تلالها ووديانها، ولا يزال عبق دمائهم يفوح في الأرجاء، وبعض شهدائهم في الأسر، وسنعمل على إطلاق سراحهم، فيما لا تزال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر تحت الاحتلال"
كما شدّد على "إن مسألة التغيير في هذا البلد أصبحت مهمة ملحة ومطلوبة، إلّا أنه يلزمها موازين قوى لفرضها: قوى سياسية ونقابية واجتماعية مرتبطة بحالة جماهيرية، وهذا الأمر غير متوافر بشكل واسع حالياً، لكن تبقى المبادرة نحوه ضرورية للمواجهة، من خلال برنامج سياسي واضح الأهداف، وقضايا ومهام مع ضرورة ربط القضية الاقتصادية - الاجتماعية بالموقف السياسي، وعليه، يمكن بناء تحالفات متحركة وليس جبهات سياسية. لذلك، فإن الدعوة لقيام "تجمع وطني للإنقاذ"، يجمع كل المتضررين تحت سقف برنامج موحّد، سياسي واقتصادي واجتماعي، أصبحت ضرورة ملحة، مع إيلاء مسألة تفعيل واستكمال تشكيل لجان تنسيق مناطقية، بلدية، قطاعية وشعبية من خلال بعض المسارات التي كانت قد بدأت، بهدف بلورة خطة تحرك متصاعدة وبشكل تدريجي".
وختاماً، وجّه تحية "لبريق العيون الساهرةِ الذي يُنير الطريق من مارون الراس وبنت جبيل والعرقوب وجبل الشيخ إلى حيفا والقدس وغزة والكرمل، لتكتمل الصورة على مسير واحد ومصير مشترك، يعيد رسم الخريطة على مقياس دماء الشهداء، وأنين الجرحى، وعذابات الأسرى، ودموع الأمهات، فتهتف بيروت للقدس إنَّا قادمون فَتُردُّ التحية بأجمل منها، فتعود القضية إلى أصلها، وتصبح المقاومة ممارسةً والتحرير واجباً والعودة إلى فلسطين مسألة وقت.
في ذكرى انطلاقة جمول، التحية كل التحية للمقاومين، الشهداء منهم والأحياء، ومن كل القوى والفصائل والجيش اللبناني ولأهلنا الصامدين، لذلك فإننا نؤكد من هنا، بأن فلسطين ستبقى القضية وإليها سنعود لنحدد بوصلة الصراع واتجاهاته؛ فلطالما شكّل شعار الوحدة العربية طريقاً لتحرير فلسطين، إلّا أن ذلك الشعار لم يحقق، لا الوحدة ولا التحرير، فلنغير المعادلة عكسياً باتجاه، أن تشكل فلسطين طريق الوحدة العربية، وعلى قاعدة المقاومة لاستعادتها، ولمواجهة تلك الهجمة الإمبريالية الغربية في منطقتنا. وفق هذه الرؤية، ترانا نؤكد، أن الأمور ستستقيم وتستوي وستصبح طريق النضال واضحة وضوح الشمس، لا لبس فيها ولا التباس...".
7أيلول 2019