الأربعاء، نيسان/أبريل 30، 2025

في قرار الجنائية الدولية: المستوطنات هي "الفيل في الغرفة"

فلسطين

بينما تتموضع الجرائم الصهيونية في قطاع غزة سواء في عدوان 2014 أو ضد المتظاهرين الفلسطينيين العزل في مسيرات العودة، في قلب التدقيق الذي يجب أن تقوم به المحكمة الجنائية الدولية، إلا أنه يبدو أم مخاوف الكيان الصهيوني تتركز على مكان آخر غير قطاع غزة، أي المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية و القدس ، حيث أن القانون الدولي يمنع بصرامة نقل السكان وبناء المستوطنات في أرض محتلة ستكون مستوطنات الصهاينة أكثر عرضة للتدقيق أكثر من أي وقت مضى، خصوصا إذا قرر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في جرائم الحرب.

خشية الصهاينة تنبع من مزاعمهم ذاتها، بأنهم يواجهون كيانا مسلحا في غزة، ومهما كان تهافت هذا الادعاء وسخافته، إلا أن من الممكن أن يمر لدى هيئات دولية طالما انحازت للمحتل، ولكن موضوع المستوطنات أمر آخر تماما، فهو في قلب القانون الدولي، ولا يملك الكيان أي ذريعة حتى لو متهافتة في هذا المجال.

ورغم أن مثل هذا التحقيق يبدو أملا بعيدا للفلسطينيين حتى الآن، إلا أن قرار المحكمة منذ يومين زود الفلسطينيين بجرعة تفاؤل حيث مهد الطريق لخطوات جدية.

كانت االمدعية العامة فاتو بن سودا، قد قالت في كانون أول/ديسمبر 2019 أنها تعتقد أن هناك "أساسًا معقولاً" لفتح تحقيق في جرائم الحرب في الأعمال العسكرية والنشاط الاستيطاني "الإسرائيلي"، غير أنها طلبت أولاً من المحكمة تحديد ما إذا كانت تتمتع بالولاية القضائية الإقليمية.

و بعد أكثر من عام على هذا التصريح تنفس الفلسطينيون الصعداء، حيث أن مطالبتهم الأساسية تحققت بأن تشمل ولاية المحكمة المناطق الثلاث الضفة وغزة والقدس، أي بمعنى سياسي جميع أراضي 1967.

وهذا يعني اعترافا ضمنيا بأن هذه الأراضي مجتمعة تشكل أراضي الدولة الفلسطينية المستقبلية بناء على حدود ما قبل الرابع من حزيران، وإن كان هذا يحتاج لجهود سياسية إضافية طبعا.

على الرغم من أن الفلسطينيين لا يتمتعون بالاستقلال ، فقد تم قبول دولة فلسطين كدولة مراقبة غير عضو من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012. وقد استخدم الفلسطينيون هذا الوضع المحسن للانضمام إلى عشرات المنظمات الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية.

ورغم أن "إسرائيل" ليست عضوا في المحكمة الجنائية ولا في ميثاق روما، ولا تعترف بسلطتها، مدعية أن لديها قانونها الخاص، إلا أن الرد الفلسطيني يتركز على أن دولة الاحتلال غير قادرة على التحقيق مع نفسها وان تنكون موضوعية طبعا تجاه جنودها وقادتها العسكريين، بواقع تحيز النظام القضائي في الكيان لمصلحة اليهود وضد الفلسطينيين عموما.

ورغم أن الخطوات ما زالت بعيدة، إلا أن الكيان يخشى فعلا ما قد يجلبه قرار المحكمة الدولية، فهم، أي المسؤولين الصهاينة كانوا يسهرون من فكرة أن المحكمة الجنائية ستبسط سيطرتها على الأراضي الفلسطينية، وعندما حدث هذا، لاشك أنهم أصيبوا بإحراج شديد، حيث فتح الباب لسيناريو مقلق قد يخاطر فيه المسؤولون الصهاينة السابقون والحاليون بالاعتقال إذا سافروا إلى الخارج.

وكما ذكرت صحيفة هآرتس يوم الأحد، أن الكيان يستعد لإطلاع مئات المسؤولين الأمنيين الحاليين والسابقين، على المخاطر التي قد يتعرضون لها واحتمال الاعتقال عند السفر للخارج.

وكما ذكرنا أعلاه، رغم سهولة إثبات جرائم الحرب في غزة، حي ثقتل جيش الاحتلال أكثر من 2200 فلسطيني معظمهم من المدنيين، حسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن 73 شخصا قتلوا على الجانب الصهيوني بينهم ستة مدنيين فقط حسب الأرقام "الإسرائيلية".

يتذرع الكيان الصهيوني إنه تحرك دفاعا عن النفس ضد إطلاق الصواريخ و تتهم حماس التي أطلقت صواريخ من مناطق سكنية باستخدام المدنيين كدروع بشرية.

ويزعم الكيان أيضا أنه فتح بعد الحرب بموجب نفوذه القضائي الخاص عشرات التحقيقات في سلوك جنوده، وعلى الرغم من أنه لم يكن هناك سوى عدد قليل من الإدانات بتهم بسيطة، إلا أن ذلك قد يكون كافياً بالنسبة للمدعية العامة الدولية، التي أسقطت قضية مماثلة ضد القوات البريطانية في العراق العام الماضي لأن سلطات المملكة المتحدة حققت.

وهذا بالضبط ما يجب أن يستأنف عليه الجانب الفلسطيني ويرفضه، لأن ما حدث مع الجنود البريطانيين لايجوز أن يعتبر سابقة قضائية.

المستوطنات: الفيل في الغرفة

الدفاع عن المستوطنات هو الأمر الأسوأ الذي سيجد الكيان نفسه في مواجهته، حيث أنها عموما في النظام الدولي العام، ولدى أغلبية دول العالم غير قانونية وتعتبر انتهاكا خطيرا للمعاهدات والقوانين، استنادًا إلى اتفاقية جنيف الذي قضت بمنع القوة المحتلة من نقل سكانها إلى الأراضي التي تم الاستيلاء عليها في الحرب. وتعتبر مليات نقل السكان كجريمة حرب في المعاهدة التأسيسية للمحكمة الجنائية الدولية ، نظام روما الأساسي أي أن المستوطنات في صلب اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. ولذلك فقد وصفها يوفال شاني، الخبير في القانون الدولي في "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" بأنها "هذا هو الفيل الموجود في الغرفة" حيب ما نقلت عنه الأسوشيتد بريس.

وقال شاني إن حكم المحكمة يعني أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية يمكن أن تخضع لتدقيق يصعب الدفاع عنه". وقال: "إن هذا يعرّض النخبة السياسية الإسرائيلية بأكملها التي كانت جزءًا من سياسة الاستيطان إلى الإجراءات الجنائية أمام المحكمة". "هذه نكسة كبيرة."

*المصدر: بوابة الهدف