الإثنين، كانون(۱)/ديسمبر 23، 2024

بيان ائتلاف استقلال القضاء: وحدها العدالة تبدّد مشاهد الحرب الأهليّة

لبنان
  ليس البيان الأوّل الذي نكتبه عن قضية تفجير المرفأ ولا عن حملات التحقير والتهديد والتخويف ضدّ المحقّق العدلي في هذه القضية القاضي طارق بيطار. ما يحدُونا إلى كتابة هذا البيان الجديد هو ارتفاع منسوب الحملات السياسية التي تُشنّ ضدّ القاضي بيطار والتي وصلتْ إلى حدّ إعلان قوى سياسية وازنة بشكل صريح عدم استعدادها للتّعايش مع مشكلةٍ اسمها "طارق بيطار".

وفي حين حمّلت هذه القوى السلطات الرسمية مسؤولية تخليصها من هذه "المشكلة" وفق ما يتحصّل من خطاب أمين عام حزب الله حسن نصر الله، فمن البيّن أنّها وضعت خطّة عمل تصاعدية للضغط على القاضي حتّى عزله. أخطر هذه الخطط على الإطلاق هي الإيحاء بأنّ استمرار القاضي بيطار في منصبه إنّما يشكّل بحدّ ذاته فتنة قادرة على إشعال حرب أهلية. وقد جاءت إراقة الدماء يوم الخميس الواقع في 14 تشرين الأوّل وما أعقبها من اقتتال ليزيدا من هذه المخاوف. انطلاقاً من ذلك، يهمّ الائتلاف التأكيد على المسلّمات الآتية:

أولاً: نعبّر عن حزننا الشديد لإراقة دماء مواطنين عدّة في 14 تشرين الأوّل ونعدّ أيّ تسبّب في إراقة هذا الدم خيانة وطنية وجريمة بحقّنا جميعاً. كما ندعو إلى فتح تحقيق قضائي فوري ومستقل لمعرفة ملابسات القتل تمهيداً لتحميل المرتكبين المسؤوليات التي يستحقونها،

ثانيا: نندّد بشكل قاطع ومن دون أيّ تحفّظ بالعنف المُستخدم بأشكاله المختلفة ضدّ المحقق العدلي والتحقيق معتبرين إيّاه انتهاكاً علنياً غير مسبوق لاستقلال القضاء. كما نندّد بشكل خاص بإثارة العصبيّات وزجّ الشارع في قضية قضائية مع ما قد يستتبع ذلك من مسّ بالسلم الأهلي أو أيضا تطييف الضحايا، بهدف تحقيق مكاسب سياسية. فهواجس التسييس تُحلّ بمزيد من المراهنة على العدالة وليس بجرعات زائدة قد تكون قاتلة من التسييس والعصبية. كما نحذّر في السياق نفسه الحكومة من أيّ إجراء من شأنه كفّ يد المحقق العدلي أو التأثير على التحقيق بسبب تعارض أيّ إجراء من هذا النوع مع مبدأ فصل السلطات،

ثالثاً: ندعو كل الأحزاب المناوئة للتحقيق العدلي إلى تغليب المصلحة العامة على هواجسها ومصالحها الفئوية واعتماد القنوات القانونية كطريقة حصرية لمعالجة اعتراضاتها من دون تجاوز أو تعسّف. فنحن لسنا في معرض مساومة سياسية تحكمها موازين القوى إنما في معرض قضية قضائية تحكمها مبادئ استقلال القضاء والأصول القانونية والتوازنات الضرورية بين حقوق الضحايا في العدالة وحق المجتمع في الحقيقة من جهة وحق المشتبه بهم في الدفاع من جهة ثانية.

رابعاً: نحيّي مجدداً ذوي ضحايا تفجير المرفأ الصامدين الذين نجحوا في بناء هوية وطنية جامعة، ستكون ضمانة لنا جميعاً في الوصول إلى العدالة.

 

بيروت، في 16 تشرين الأول 2021