أسامة سعد في تحرير ذكرى تحرير "صيدا": النظام اللبناني أدار ظهره لإنجازات التحرير، ولم يبادر إلى تدعيم بناء الدولة...
" أيها الإخوة، يا أبناء صيدا والجنوب وكل لبنان،
لمناسبة الذكرى السادسة والثلاثين لتحرير مدينة صيدا ومنطقتها من الاحتلال الإسرائيلي،وفي لحظات السقوط السياسي المدوي للمنظومة الحاكمة وتماديها في خياراتها القاتلة للشعب والوطن، وقي ظل تعمّق تبعيتها للخارج وعجزها عن الوصول إلى حل وطني، نستذكر مناسبة التحرير لكي نأخذ منها الدروس والعبر التي تساعدنا على مجابهةالأزمات والانهيارات والمخاطر المصيرية التي يواجهها وطننا.
كما ان تفشي وباء كورونا لا يحول دون إحيائنا هذه الذكرى المجيدة بمختلف الأشكال التي لا تتعارض مع الاحتياطات الصحية الضرورية.
أيها الإخوة،
في ذكرى تحرير صيدا نوجّه ألف تحية لىشعبنا الصامد الأبي، وإلى أبطال جبهة المقاومة الوطنية والمقاومة الإسلامية الذين صنعوا النصر والتحرير.
ألف تحية إلى شهداء المقاومة وجرحاها وأسراها لبنانيين وفلسطينيين ... وإلى مئات الضحايا الذين سقطوا بفعل القصف البربري الذي اتبعه الغزاة الصهاينة.
صيدا التي قدمت مئات الشهداء والجرحى والأسرى في مواجهة الغزو الصهيوني سنة 1982 ... وتعرّض سكانها للبطش الوحشي من قبل جيش الاحتلال وعملائه .. . كما تعرّضت معالمها ومؤسساتها وبيوتها للتدمير الهمجي ... صيدا ما لبثت أن نهضت من تحت الركام ... وخاض المقاومون في ساحاتها وشوارعها العدد الكبير من العمليات النوعية ... كما خاض أبناؤها وقواها الوطنية وفعالياتها أشرس معارك الصمود في وجه المحتل .. ونجحوا في إحباط كل محاولاته لاختراق النسيج الاجتماعي للمدينة ... وصيدا نجحت أيضاً، بقيادة رمز المقاومة الوطنية مصطفى معروف سعد، في منع الفتنة والفرز الطائفي رغم دسائس الاحتلال،.ومنها محاولة الاغتيال الآثمة التي استهدفت فقيدنا الكبير.
أيهاالإخوة، يا أحرار لبنان،
من كل مناطق لبنان انطلق المقاومون البواسل ... وسطّروا ملاحم البطولة في مسيرة التحرير... من تحرير بيروت والجبل والبقاع الغربي ... إلى تحرير صيدا وسائر الجنوب ... وصولاً إلى تحرير الشريط الحدودي عام 2000 من دون قيد أو شرط... وإلى إنجاز النصر وتحقيق توازن جديد رادع مع العدو في المواجهة المجيدة لعدوانه في تموز 2006 .
انطلقت المقاومة لصد العدوان وتحرير الأرض واستعادة الكرامة الوطنية .. بينما الدولة وأجهزتها غائبة، بل إن بعضها كان للأسف متخاذلاً أومتواطئا مع الاحتلال ... وابتدع النظام مقولة "قوة لبنان في ضعفه"، وراهن على حماية علاقاته وصداقاته الدولية.
إلا أن الوقائع البغيضة للاحتلال لم ينفع في مواجهتها القرار الدولي ٤٢٥ الذي صدرعام ١٩٧٨. واحتاج طرد القوات الغازية إلى ٢٢ عاماً من المقاومة الشعبية العنيدة لإنجاز التحرير وفرض انسحاب العدو من أرضنا المحتلة، ما عدا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي سوف نحررها حتماً.
غير أن النظام اللبناني أدار ظهره لهذه الإنجازات الكبرى. ولم يبادر للانطلاق منها من أجلحماية الاستقلال وحفظ سيادة الدولة وتدعيم بنائها وقرارها المستقل بعيداً عن أي وصاية خارجية. ولم تلق دعوة القوى الوطنية إلى تعزيز الجيش اللبناني وتزويده بالسلاح النوعي الذي يؤهله للتصدي للعدوانية الإسرائيلية ومطامعها المعلنة في الأرض والمياه والثروة النفطية والغازية أي استجابة من سلطات ما قبل الطائف، ولا من سلطات ما بعد الطائف التي أمعنت في سياسات المحاصصة والزبائنية، ونهب موارد الدولة وإفقار الشعب وانهيار الاقتصاد وإفساد الإدارات والقضاء، مما أوصل البلاد إلى ما نراه اليوم أمامنا من انهيارات على كل الصعد، وانكشاف أمام صراعات المحاور الدولية والإقليمية.
لذلك نجدد اليوم، في هذه الذكرى المجيدة، دعوتنا إلى قيام الدولة المدنية العادلة... دولة المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية... دولة تجعل من السيادة الوطنية ومسؤولية الدفاع الوطني وردع العدوان مسؤولية المجتمع اللبناني بأسره... بشبابه و قواه الحيّة،ومسؤولية الدولة بأجهزتها ومؤسساتها كافة.
ومن هنا أيضا دعوتنا إلى حوار وطني شامل حول استراتيجية للدفاع الوطني ترتكز على جيش وطني معزّز، وتستند إلى مقاومة الشعب اللبناني وإنجازاتها، كما تستند إلى كل طاقات هذا الشعب.
ولا ينبغي لهذا الحوار أن يقتصر على ممثلي أحزاب الطوائف، بل أن يشمل كل القوى السياسية الوطنية وسائر الهيئات التمثيلية لمختلف قطاعات المجتمع.
أيها الإخوة،
نظام الزعامات الطائفية والمصارف والاحتكارات أثبت أنه نظام العجز والفشل والفساد، وهو لم يقدم للبنانيين إلا الانهيار الاقتصادي والمالي والفقر والجوع. كما أثبت أنه نظام التبعية للمحاور الإقليمية والدولية، وفوق كل ذلك نظام التفريط بالأرض والثروات الطبيعية والسيادة والكرامة الوطنية.
فلنناضل جميعا من أجل قيام الدولة المدنية الديمقراطية العادلة... دولة تحمي الوطن والسيادة الوطنية، وتصون المواطن وحريته وكرامته الوطنية والإنسانية...دولة تقوم على المساواة بين المواطنين بعيداً عن الزبائنية والتمييز الطائفي... وترتكز على الديمقراطية الحقيقية وضمان الحريات .. دولة تدعم قطاعات الإنتاج، وتوفر الضمانات الاجتماعية لكل المواطنين.
ولنواصل معاً مسيرة الحراك الشعبي السلمي من أجل إنقاذ لبنان واللبنانيين، ومن أجل تمهيد الطريق أمام التغيير الشامل... وتأمين مستقبل امن كريم لشعبنا الأبي .
المجد لشهداء التحرير والكرامة الوطنية،
عشتم وعاش لبنان حراً عزيزاً سيداً.
في 16-2-2021
المكتب الإعلامي لأمين عام التنظيم الشعبي الناصري
النائب الدكتور أسامة سعد