الأحد، كانون(۱)/ديسمبر 22، 2024

«الأسرى المحرّرون» عن عودة العملاء: إلى السلاح، والمحاكم الشعبية...

لبنان
 حطيط: لا نحتاج إلى «عفو عام»، بل إلى «عدل عام» لمحاسبة المنظومة ومؤسساتها... منذ تسع سنوات طُرح ملف عودة العملاء إلى لبنان، الوطن الذي خانوه وتعاملوا مع المحتل منفّذين لأبشع جرائمه، كالجيش المرتزق، ساعدوا العدو على احتلال الأرض والتنكيل بأبناء شعب صمد وقاوم وأغلبهم أُسِرَ وعُذِّبَ واستُشهد على أيدي أولئك الذين يسمّونهم بـ «المبعدين».

وها هي السلطة الطائفية، بسياسات حكوماتها المتعاقبة وولاءاتها الخارجية، تواصل نهج الصفقات والمحاصصات لتمرير قانون العفو العام عن آلاف العملاء الفارّين إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا سيما أن منهم من خدم في جيش العدو، وأيضاً يحمل الجنسية الإسرائيلية، ولاؤهم الكامل للكيان الغاصب. حيث أعاد أفرقاؤها مجدّداً الملف إلى الواجهة، مع احتفالات العيد العشرين على التحرير، لتكرار تمرير فضيحة صفقة إطلاق سراح كبير العملاء جزّار الخيام عامر الفاخوري وتأمين فراره خارج البلاد، غير آبهين لخطورة هذا الملف أمنياً، ولا حتى وطنياً وإنسانياً لكلِّ من ناضل وأُسر وجُرح وأُستشهد أيضاً. وكأنه لا يكفي اللبنانيين أن هذا النظام المشوّه للانتصارات، يحاول الانقضاض على انتصار التحرير مرة جديدة عبر تحريف قضية «العملاء» وتكريس عودتهم إلى لبنان.
ويتذرع من يحمل لواء المقاومة فيها، إرضاءً لتفاهمات ما تعنيه وحلفائه، إخضاع من يثبت إدانته للقضاء، متناسين التدخلات في هذا القضاء المسيّس وغير المستقل، بدلاً من تحصين التحرير بالتغيير. ناهيك أن ملف «العفو» المطروح يدخل في البازار الطائفي عبر توزيع حصص العفو العام لمصلحة كلّ جهة سواء مع «المجرمين الإرهابيين، أو تجار المخدرات، أو الاستيلاءات على الأملاك العامة» والتي لا تقل خطورة عن تهمة العمالة. ولا سيما رأينا كيفية التعاطي السياسي والقضائي في تلك القضايا.‬

حطيط...
وحول الإجماع السياسي والقانوني الرافض لإقرار قانون العفو العام بصيغته المطروحة في جلسة مجلس النواب الخميس ٢٨ أيار الماضي، شرح المحامي مازن حطيط، رئيس الهيئة الدستورية في الحزب الشيوعي اللبناني في تصريحه لـ «النداء» أن «الانتفاضة أسقطت الجلسة التشريعية الذي كان من المزعم عقدها أواخر العام المنصرم والمتعلقة بقانون العفو العام المسخ الذي كان مطروحاً، وها هي السلطة تعاود الالتفاف على الشعب عبر إعادة طرحها لقانون العفو العام، بعدما قامت بدمج نحو أربع اقتراحات قدّمها عدد من النواب، قام كلٌّ منهم بطرحها خدمةً لمناصريه وطائفته وعناصر أحزابه».
وأضاف «واليوم يُطرح القانون نفسه «المسخ» من نوع جديد، ونحن أعلنا رفضنا له للأسباب التالية:


- أولاً، قانون العفو العام المطروح حالياً هو «قانون الرشوة» لتدعيم وتثبيت الزعامات الطائفية في بيئتها الخاصة وأحزابها واستمراراً للوعود الباهتة التي قطعوها لمنتخبيهم بعدما أثبتوا فشلهم في إدارة البلاد.
- ثانياً، نحن ضده، لأنه ضمنياً يربط الجرائم بمناطق وطوائف خاصة وبفئات معيّنة، وهذا ما نرفضه رفضاً قاطعاً، لأن قانون العفو العام من المفترض أن يكون شاملاً وفقاً لنوع الجريمة من دون الالتفات إلى الطائفة والتحاصص، وأيضاً وفقاً للأسباب الموجبة لطرح هذا الموضوع.
- ثالثاً، وهو الأهم نحن بالمطلق ضد العفو العام عن العملاء». وأضاف «لا سيما نحن في أيام الاحتفال بعيد المقاومة والتحرير نفاجأ أن هذه السلطة تطرح من خارج النطاق وبعيداً عن المنطق العفو عن العملاء الحاملي للجنسية الإسرائيلية، مع ما يشكل هذا الأمر من خطر على أمن المجتمع اللبناني ككل، وإهانة أيضاً لآلاف الشهداء والأسرى والجرحى والمعذبين والمقاومين وأهالي المناطق التي كانت محتلة بخاصّة والشعب اللبناني بعامّة».
وتابع حطيط «أما بما يتعلق بالأسباب الموجبة للعفو العام، سواء لارتباطها بجائحة كورونا أو الاكتظاظ في السجون، أو بطء المحاكمات... فلا يوجد هناك أي داعي لإرجاع أولئك العملاء إلى بلادنا، وإصدار العفو بحقهم. يُضاف إلى ذلك نحن ضد العفو عن الجرائم المرتكبة المتعلقة بالمادة 329 التي تُجرّم التعدّي على الحقوق والواجبات المدنية، مما يُظهر لنا أن العفو في هذا المجال هو لصالح مناصرين وبلطجية أحزاب السلطة لإعفائهم من الجرائم التي ارتكبوها بحق الانتفاضة والمنتفضين خلال الهجوم والتعديات عليهم في ساحات الاعتصام وغيرها. بالإضافة إلى الإعفاء عمّا قد يكون شكّل ضغوطات أثناء العمليات الانتخابية وداخلها وما طالها من تزوير وغيره».
وأكد «نحن أيضاً نرفض قانون العفو الذي يشمل أحكام المادة 737 و738 والتي تنص على تجريم من استولى على الملك العام، وجميعنا نعلم نسبة الاستملاكات والتعديات التي طالت الأملاك العامة، أو بالأحرى «الاستيلاءات» ببعض القرى والمناطق على البحر والأنهار والبر أيضاً"، مشدّداً على أن هذا العفو هو "نوع من أنواع العفو الطبقي لمصلحة السلطة وأزلامها، عبر ممارستهم الضغوطات على الضحايا لإسقاط حقوقهم الشخصية من جهة، أو من جهة أخرى عبر إمساكهم الناس كمناصريهم وتأكيد الزبائنية عبر دفع الدية أو الغرامة عنهم والتعويضات الشخصية المطلوبة».
وقال «بالإضافة لما سبق، نرفض هذا القانون الذي يعفي من جرم المادة 560 من قانون العقوبات والتي تعتمد على مبدأ تجهيل الفاعل في الاعتداءات وهذا ما يبرز في الجرائم المرتكبة بحق الجيش اللبناني وبالتالي يعفى الجزء الأكبر من المتهمين على اعتبار أن أغلبهم شارك في الاشتباكات وإنما «يجهّل» الفاعل لناحية القتل».
وأيضاً أشار حطيط إلى «ظاهرة غريبة في تحديد نفاذ القانون التي حدّدت من تاريخ نشره والتي قد تمتد لفترة شهر بين إقراره ونشره والجرائم التي ترتكب خلال هذه الفترة ستكون مشمولة بالعفو، مما يشكل دعوة صريحة أو «فترة سماح" لارتكاب الجرائم».
وختاماً، شدّد حطيط على أن «نحن لا نحتاج إلى عفو عام، بل نحتاج إلى عدل عام. فهناك مسؤوليات يتحملها من أوصلنا إلى هذه الحالة، وهي مسؤوليات مؤسسات معينة أمنية وقضائية وأيضاً هي مسؤولية تقع على عاتق المنظومة الكاملة. لذا علينا السعي للوصول نحو «العدل العام" لمحاسبة المنظومة ومؤسساتها الذين أوصلونا لما وصلنا إليه».

الأسرى: العمالة خيانة... وليست وجهة نظر
أكّدت الأسيرة المحررة عليا حسين، لـ «النداء» أنه من العار طرح هكذا قانون و«أقطاب السلطة أوجدوا «العفو العام" بصيغته المقترحة وفقاً لمقاسات محاصصاتهم الخاصة وتأمين أصوات تلك الفئات في العمليات الانتخابية حفاظاً على مناصبهم. حيث أن كلّ طائفة لها مصالح معينة (الشيعية همّها العفو عن تجار المخدرات ومروّجيها..، السنية عن الموقوفين الإسلاميين، المسيحية عودة العملاء للحفاظ على التوازن الطائفي)»، مشدّدة على وجوب تسميته بقانون «الأصوات الانتخابية» وليس بـ «العفو العام».
وشدّدت على ضرورة طرح «العدل العام» دون تضمّنه مسألة العملاء، حيث أن هناك بعض المتهمين لم يخضعوا للتحقيقات والمحاكمة وقد يكونوا أبرياء، وقالت "هم ليسوا مبعدين، بل هم مجرمون حملوا السلاح واعتقلونا وعذّبونا، وفرّوا يوم التحرير لأنهم خالوا أن لدينا قضاءً عادلاً سيحاكمهم على خيانتهم ومجازرهم. والذي يريد أولئك العملاء فليذهب إليهم"، متسائلة «ألا يخجلون من هذا الطرح وهناك جثامين لشهداء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ما زالت محتجزة لدى العدو الصهيوني، لم يطالبوا بها. وأيضاً لم يطالبوا بالإفراج عن اللبناني المناضل جورج عبدالله المعتقل تعسّفاً في السجون الفرنسية منذ 35 عاماً».
واستنكرت تسميتهم بـ «المبعدين قصراً»، وقالت «هم كانوا يقتلوننا، ويعذبوننا، و«يعملوا فينا العمايل» كل يوم، ما كانوا يخلونا ننام ويقعدوا لنا عالأبواب، ولا يجب السماح لهم بالعودة إلى الأراضي اللبنانية التي حُرّرت بدماء الشهداء ونضالات الكثيرين، وللأسف هي مدنّسة بالذين يمارسون سياسات النهب والفساد بحق الشعب والبلد».
وانتقدت عليا حجّة البعض بعودة العملاء وخضوعهم للتحقيقات ومحاكمة الذي يثبت إدانته، بالقول «القضاء في لبنان مسيّس، وعندما يصبح لدينا قضاءٌ مستقل، حينها يطرحوا له قوانينَ... وطروحاتهم الحالية باطلة»، مشدّدة «لا يوجد أي شيء يعفي عن العملاء وجرائمهم؛ لا مرور الزمن، ولا سجنهم حتى».

أما الأسير المُحرَّر، كايد بندر، أشار إلى «أن محاولات السلطة لتمرير قانون «العفو العام» بدأت منذ العام 2000 أي مع بدء دخول «حزب الله" في تسويات التحالفات مع قوى السلطة... وهنا أصبحت المرحلة تأخذ طابعاً سياسياً. وتحوّلت «المقاومة» إلى مقاومة سياسية أكثر مما هي مقاومة تُحرِّر، حيث أن يدّعي «حزب الله" الذي يحمل هذا الفكر المقاوم، بتبريراته أن هذه التحالفات هي ضرورة تطلبها هذه المرحلة للوضع الداخلي».
وأضاف «باعتقادي الذي مرّر قضية جزار الخيام عامر الفاخوري، والذي هو من أخطر عملاء العدو الصهيوني، يرى أن تمرير «العفو العام» طبيعياً، لأنه يعتبره مثل أي عميل آخر أمضى بضعة أشهر في الاعتقال، وللأسف أن أكثر عميل حُكم بين بضعة أشهر والسنة وشهرين كحد أقصى من قِبل هذه السلطة».
وتأسّف بندر لرؤيته «أن العمالة الآن أصبحت «وجهة نظر»، مما جعل العلاقات والتحالفات السياسية بين القوى السياسية الطائفية في البلد تصل بهم إلى مرحلة تُولي فيها المصلحة الخاصة عنايتها بشدّةٍ وحرصٍ أكثر من المصلحة العامة والموقف الوطني الجدير بالعمل به في كلّ الظروف مهما اشتدّت، بحيث أن الكلَّ وبعيداً عن المواقف والمنطق والعمل المبدئي لهذه القوى السياسية، لأنّها بالأساس لا تمتلك المبادئ، وليس لديها مواقف وطنية واضحة، وهمّها العمل السياسي والمكاسب السياسية والاقتصادية الآنية.
لذا، من الممكن تمريرهم لقانون العفو، لأنّ، لهذه القوى السياسية، التي تدّعي نهج المقاومة مصالح مشتركة، مرتبطة أيضاً بشبكة مصالح حتّى خارج مساحتها، وهي ليست بعيدة عن دورها المسرحي بالموافقة على قانون العفو العام، دون الرجوع لإرادة الشعب وتضحياته الجِسام. وبالنتيجة، هي علاقة مترابطة عضوياً مع النظام الطائفي الزبائني».
كما شدّد بندر على «ضرورة إعادة النظر بقضية كافة العملاء لأنهم الخطر الأكبر على لبنان بشكل كامل»، داعياً إلى «تشكيل محكمة شعبية خاصة لمحاكمة هؤلاء العملاء بشكل كامل؛ سواء الذين يريدون عودتهم من الكيان الصهيوني الذين فرّوا إلى فلسطين المحتلة، أو الذين خضعوا سابقاً لأحكام مخففة». وقال «هذه القضية الوطنية خط أحمر، ولا يجب على أحد تجاوزه؛ لا حزب الله، ولا رئيس الجمهورية، ولا حتى كلّ القوى السياسية. وبرأيي بعد تشكيل هذه المحكمة يجب أن يترأسها الحزب الشيوعي اللبناني. فالعميل لا يمكن مقارنة جرمه بأي موقوف قابع في سجون السلطات اللبنانية تحت أي اعتبار».
وختاماً، أكّد بندر «أن العمالة ليست وجهة نظر، وهذه قضية وطنية، ويجب أن يكون هناك موقفٌ مبدأيٌّ أساسيّ، خاصة فيما يتعلق بموضوع المقاومة وتحديداً مقاومة العدو. للأسف وحتى الآن «حزب الله» مواقفه غير معلنة من كافة هذه الأمور وكأنه ليس موجوداً في هذه المسائل. وأكرّر للأسف».

بدوره، أكّد الأسير المُحرَّر أنور ياسين، على «أن «العفو العام» عن العملاء الفارّين إلى الكيان الغاصب هو بمثابة إعلان حرب ضد هؤلاء العملاء"، شارحاً «إن المقاومة أعفت عن عدد من العملاء يوم التحرير في العام 2000 والذي كان من المفترض إعدامهم في الساحات، أي بمعنى أنها تساهلت معهم عبر إخضاعهم لأحكام مخففة جداً. ولكن على ما يبدو بدلاً من أن يعتبروا أن هذه الخطوة؛ هي خطوة إيجابية لصالح المقاومة وإلى كل من ضحّى من أجل تحرير الأرض، اعتبروها كأنها لصالحهم ضد الوطنيين».
وشدّد ياسين أنه «في حال مرّرت السلطة قانون العفو وعاد العملاء، على أنه سيكون هناك ضرورة لعودة العمل المسلح...». وأضاف «لن نسمح بتنفيذ هذا القرار على أرض الواقع، وبرأيي أن هؤلاء العملاء يعلمون أنه مثلما حملنا السلاح من دون إذن من هذا النظام الذي كان عاجزاً عن حماية الوطن سنرفعه مجدّداً، وأن هناك أحراراً في هذا البلد ولن يسمحوا ببقائهم على قيد الحياة».

«الشيوعي»: نواب العارّ من سيقرّون العفو عن العملاء
وفي سياق متصل، رأى المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني في بيانه، أنه «لم تجد سلطة المحاصصة الطائفية، وبعد عشرين سنة على التحرير، إلّا أن تسطو على العيد، متنكّرة لتضحيات الشعب اللبناني، لشهدائه وجرحاه وأسراه، لمقاوميه الأبطال الذين لبّوا نداء «إلى السلاح دفاعاً عن كل لبنان»، وها هي اليوم تتحد لإقرار قانون العفو العام الذي يستند على محاصصة مذهبية حتى في الجرائم الكبرى من التعامل مع العدو، إلى المشاركة في اعتداءات إرهابية، وصولاً إلى كبار تجار المخدرات وسارقي الأملاك العامة، والذي سيكون للعملاء النصيب الأكبر فيه».
أضاف: «لم تمضِ أسابيع على صفقة إطلاق العميل الفار عامر الفاخوري وتهريبه جهاراً نهاراً وعلى مرأى كلّ العالم، وها هي اليوم تكمل باتجاه إقرار ذلك القانون المسخ، بعد أيام قليلة من عيد المقاومة والتحرير. إنها لائحة العار التي ستتشكل اليوم من النواب الذين سيصوّتون لإقرار هذا القانون، ومن يؤمّن لهم النصاب القانوني».
وتابع: «إن الحزب الشيوعي اللبناني إذ يرفض التهاون مع من خان بلده بتكريمه بالعودة، يؤكد مرة أخرى بأن من حكم ونهب وجوّع الشعب اللبناني وسطا على أموال الشعب وهرّب العميل الفاخوري بغطاء سياسي - أمني واسع، لم يكن ينتظر إلّا ذلك التواطؤ المهين ضد الشعب اللبناني، وضد عائلات الشهداء والأسرى والجرحى والمقاومين والذي هُجّروا ودُمِّرَت منازلهم وفقدوا مستقبلهم وذاقوا الأمرّين من الاحتلال الصهيوني وعملائه».
وختم البيان محذّراً من أن «غضب الناس على المحتلين وعملائهم سيتحوٌل غضباً على مجلس النواب نفسه الذي ينكأ جراحهم ويهين كراماتهم بقانون العفو العام المطروح».

«بدنا نرجعهم»...
«بدنا نرجعهم» هو شعار الأجدى رفعه من كلِّ مقاومٍ ووطنيٍّ في وجه صفقات عودة العملاء. لا بل هو واجب، وليس مجرّد شعار أو وسم على مواقع التواصل الاجتماعي، بل قضية وطنية يحتضنها إجماع شعبي للمطالبة بإطلاق سراح المناضل المعتقل جورج إبراهيم عبدالله، والأسير يحيى سكاف، ولاستعادة جثامين الشهداء المقاومين، وليس شعار «من حقهن يرجعوا» مع حجم الإرتكابات إلّا رصاصات جديدة في صدر المقاومين، يدّعي البعض «أحقيته» ويخطط برفعه له منذ أيار العام الماضي وحتى اليوم.

20 عاماً مضت على التحرير وما زال تسعة من رفات شهداء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية والحزب الشيوعي اللبناني الذين سقطوا دفاعاً عن تحرير الأرض والإنسان أسيرة لدى العدو الصهيوني في مقابر الأرقام. رووا الأرض بدمائهم، وانتصرت «جمول» بالتحرير وستستكمل نضالاتها دفاعاً عن تحرّر الإنسان وتحقيق التحرير والتغيير معاً. وحدهم يستحقون العودة والتكريم بإطلاق أسمائهم على الساحات وهم: الياس حرب وميشال صليبا وحسام حجازي (عملية «تدمير إذاعة لحد» في 17/10/1985) - جمال ساطي (حاصبيا في 6/8/1985) - فرج الله فوعاني (عملية "كفرفالوس» 16/1/1987) - أياد قصير وحسن محمد ضاهر (عملية «ماروس» 28/8/1987) - حسن علي موسى (حاصبيا 18/9/1985) - ويحيى الخالد (عملية «أبو قمحة» 18/12/1987).

المنتفضون: لا لعودة العملاء...
«الفاخوري للحريّة بإشارة عسكريّة‬،‫ ويلي حامل القضيّة بالسجون الفرنسيّة‬»، «الشعب يريد إسقاط النظام»، و«الحرية لجورج عبدالله»، بهذه الهتافات أطلقت حناجر عدد من المنتفضين والأسرى المحرّرين صرخاتها الرافضة لتمرير صفقة إقرار «قانون العفو العام" والذي يشمل عودة العملاء الفارّين وعائلاتهم، حيث نفّذت سلسة اعتصامات في بيروت وصيدا والنبطية، تزامناً مع انعقاد الجلسة التشريعية في قصر الأونيسكو ــ بيروت.‬ ‬تحت شعارات «العمالة ليست وجهة نظر»، «عدل عام مش عفو عام»، «إخجلوا من دماء الشهداء»، و«عملاء لا مبعدين»... ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ورفع المحتجون لافتات تشدّد على أنّ «المشاركة بالجلسة التشريعية بحدّ ذاتها عمالة»، مؤكدين أن «كلّ من يؤمّن نصاب الجلسة خائن وعميل ولو كان نائباً منتخباً»، «ضد العملاء ومن يوقّع على قرار عودتهم»، و«العفو عن العملاء اغتيال ثانٍ لشهداء الوطن والمقاومة»، وتوجّهوا إلى بعض السياسيين بلافتة: «وصلتم إلى السلطة بفضل العفو عن مجرمي الحرب الأهلية».
كما استنكروا مواصلة نهج الفساد والمحاصصات، داعين إلى وضع خطة اجتماعية واقتصادية، والالتفاف إلى المطالب الشعبية وسط ارتفاع نسبة البطالة وتفاقم الأزمة الاقتصادية والنقدية وارتفاع الأسعار، بدلاً من التلّهي بالعفو العام عن العملاء الذي من المفترض محاكمتهم ولا العكس كما حصل في ملف الفاخوري.