الأحد، كانون(۱)/ديسمبر 22، 2024

النائب أسامة سعد لـ "النداء: نحن أمام واقع سياسي متردّي له انعكاسات على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية

لبنان
أزمات البلد، أزمة نظام...!!

 

هو من حمل هموم الوطن وشعبه، رافعاً "صوت الناس" في الشوارع والساحات والبرلمان، ومدافعاً عن حقوقهم.
نضاله يمتد من صيدا - معروف سعد إلى كلّ لبنان. من بوابة المقاومة إلى كلّ الوطن، كان وما زال نائباً لكلّ الشعب. هو المواطن الشريف، السياسي النزيه، المقاوم الأصيل، والمناضل الذي لا يهدأ أو يتهاون في حقوق الوطن وفقرائه.
عن أزمة البلد، وسياسات الحكومات المتعاقبة وكيفية مواجهتها، وتزامناً مع إسدال الستارة عن مسرحية تشكيل الحكومة، واستكمالاً لحراك "إلى الشارع" وكيفية تطويره، أجرت "النداء" حواراً سياسياً مع رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد حول أبرز هذه القضايا.


- أزمة البلد حالياً هي أزمة اقتصادية أو أزمة نظام سياسي، وهل يمكن تخطيها...؟
بطبيعة الحال، أزمة البلد هي أزمة سياسية ولها انعكاسات على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي. وهي ناتجة عن نظام المحاصصة الطائفية والمذهبية المعتمد منذ الطائف حتى اليوم، والذي تجذّر أكثر بعد الانتخابات النيابية بالـ 2009 التي جرت على أساس قانون الستين، وأيضاً تكرّست وأصبحت حالة سياسية بالممارسة مع الانحدار بالأداء السياسي. فنحن أمام واقع سياسي متردّي له انعكاسات على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والذي ينعكس على الحياة اليومية للبنانيين في مختلف المجالات؛ سواء على الصعيد الصحي والتعليمي وتوفير فرص العمل والضمانات الاجتماعية وتأمين الخدمات... إضافة إلى الكثير من القضايا التي تمسّ بحياة المواطن بشكل يومي.
وللأسف، هذا هو الواقع السياسي الذي أنتجته الانتخابات النيابية بكافة مراحلها وخصوصاً انتخابات الـ 2018 التي جذّرت أكثر هذه الممارسة الطائفية والنيابية وتحوّلت لكي تكون ممارسة متبعة في كلّ مؤسسات الدولة بمختلف مستوياتها؛ من تشكيل الحكومة إلى تعيين كلّ موظفّي الدولة، حتى انعكس هذا الأمر بالممارسة على القطاع الخاص الذي بدأ يعمل على هذا الأساس "مثلاً في هذه المؤسسة نوظّف هذه الفئة من اللبنانيين أو تلك الفئة منهم"، أي أصبح هناك تميّزاً بين اللبنانيين على أساس الطائفة والدين.
وباختصار فعلياً لا يوجد حياة سياسية في لبنان، والذي يحدث هو عبارة عن وجود تفاهمات، خصومات، تسويات، محاصصات وصفقات بين الأطراف السياسية، وبالأحرى هذه ليست ممارسة سياسية سليمة وصحيحة.
وطبعاً، يمكن أن نتخطّى هذه الأزمة السياسية، إنما تخطيها بحاجة إلى قوّة تفرض معادلة جديدة بواقع السياسة اللبنانية، وكما نقول أنه يوجد حالة طائفية ومذهبية وفئوية، يجب أن نقول أيضاً أنه يوجد حالة وطنية تحمل برنامجاً سياسياً ووطنياً واقتصادياً واجتماعياً، وحتى نصل إلى هذا الشيء لا بدّ من إيجاد معادلة تفرض واقعاً جديداً، وهذا هو المسار الذي يجب أن نسير به، وهنا نتكلم عن ضرورة تشكيل كتلة سياسية وكتلة شعبية وازنة بهويتها الوطنية ومشروعها السياسي والاقتصادي ــ الاجتماعي، وبإمكاننا أن نعدّل موازين القوى لمصلحة إنعاش الحياة السياسية في لبنان وإطلاق حوار وطني يضع الملفات الأساسية المطروحة علينا والتحديات الموجودة والمرتقبة التي قد تطالنا ضمن إطار الحوار الوطني للوصول إلى حلول لهذه الأزمات أو لمواجهة هذه التحديات.

- لماذا أطلق حراك "إلى الشارع" بهذا التوقيت تحديداً؟
كان هناك ضرورة لإطلاق الحراك، ليبدأ بمواجهة هذه الأزمة ومخاطرها، وخاصة أن تلك المخاطر أصبحت داهمة. فالأزمة السياسية كانت داهمة ولا زالت، وكذلك الأزمة الاقتصادية أيضاً وانعكساتها وامتداداتها على الأوضاع الاجتماعية المعيشية للبنانيين، وخصوصاً أننا مقبلون على نوع من تحميل الأعباء للفئات الشعبية والمتوسطة من اللبنانيين، والذين هم غير قادرين فعلاً على تحمّلها. وفي المقابل، إعفاء كلّ الجماعات التي نهبت وسرقت ومارست كافة أشكال الفساد المنظّم لتكون بمنأى عن تحمّل أية أعباء. وبالتالي كان لا بدّ من رفع الصوت عالياً، لنعلن رفضنا تحميل الناس أعباء الأزمة، وللمطالبة بالعدالة الضريبية لمعالجة هذه الأزمة وتخطّيها. أما تخطيها فيبدأ بتخطّي الواقع السياسي المأزوم عبر إيجاد هذه المعادلة؛ أي أنه يوجد حالة وطنية سياسية اجتماعية بالبلد يجب أن تسمعوا رأيها وأن تطرح برنامجها، والذي يجب أن يكون هناك حواراً حوله.


- ما هو دوركم النيابي في رفع "صوت الناس" داخل البرلمان، خاصة لمواجهة مقرّرات مؤتمر سيدر ولا سيما الضرائب المرتقبة...؟
بالتأكيد، كما نحن خارج البرلمان سنكون داخله. ولقد قلنا في البداية أن البرلمان هو ساحة إضافية وليست ساحة بديلة، وسنعمل من خلال التعاون مع قوى حليفة والاستعانة بخبراء لإيصال صوت الناس وألمهم ومعاناتهم إلى المجلس النيابي، وهذا هو المسار الأول.
أما المسار الآخر، فهو الحراك الشعبي الذي بدأنا به، والذي من المفترض أن يتطوّر ليتحوّل إلى قوّة ضاغطة على السلطة السياسية لتغيير الأوضاع على المستوى السياسي والمستوى الاقتصادي والاجتماعي.
وبما يتعلق بالضرائب، فكما ذكرت نحن نريد العدالة الضريبية والتي تكون من خلال إعفاء الفئات الفقيرة والمتوسطة من الضرائب، أو بالأحرى عدم تحميلها المزيد من الضرائب، وأيضاً رفضنا لفرض ضرائب غير المباشرة واللجوء إلى الضرائب المباشرة، إضافة إلى الضريبة التصاعدية المرتبطة بالمداخيل، وهذا هو الأساس الذي يؤمّن العدالة الضريبية التي نطالب بها، ومن المفترض أن نعبّر عن هذا التوجّه في الشارع من خلال الحراك الشعبي، وأيضاً نعبّر عنه في البرلمان برفضنا أية زيادات ضريبية تحمّل الأعباء للفئات الفقيرة والمتوسطة.

يمكن تقديم مشروع بالضريبية التصاعدية وهذا بحاجة إلى دراسة مع خبراء مختصين بهذا الملف، وأؤكد أننا سنتصدى لأي محاولة لفرض ضرائب غير المباشرة مثل زيادة الـ TVA، أو زيادة على صفيحة البنزين أو زيادات على أسعار فواتير المياه والكهرباء والتي تطال كافة الشرائح، إنما الضرائب المباشرة فهي تطل فقط الفئات المقتدرة القادرة على أن تدفع.
ونحن نتابع الموضوع، وننتظر البرنامج الذي ستطرحه الحكومة على هذا المستوى، وواضح أن ما سمّي بإصلاحات "سيدر" والذي يوجد جانب منها مرتبطاً بالشفافية ومحاربة الفساد... يحمّل أيضاً كما يبدو توجّهاً لفرض ضرائب على الناس.

- سبب عدم انضمامك لأي كتل نيابية، ولا سيما للنواب الستة المعارضين...؟
هذا هو الموقف الطبيعي الذي يجب أن نأخذه، ولا أعلم إذا كان هناك من يتوقع اتخاذي موقفاً مغايراً. وموقفنا هذا ينسجم مع المبادئ والتجربة النضالية لتيارنا، والذي طبعاً لا يمكن أن يضع نفسه في هكذا إطار.

- هل تعمل على تشكيل تحالف برلماني وطني علماني...؟
لا اعتقد، مع أنني ذكرت في برنامجي الانتخابي أنني سأسعى لذلك. ولكن على ما يبدو لا يوجد إمكانية لتشكيل كتلة برلمانية بهذه المواصفات.

- ولا حتى كتلة وطنية فقط...؟
نحن نتحدّث عن برنامج بكلّ أبعاده الوطنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومن المفترض إذا وجد تكتلاً نيابياً أن يكون متفهّماً لكلّ تلك الأبعاد، لذا لا أعتقد أن هذا بالإمكان، أو إيجاد هكذا تكتل يمكن أن أنضم إليه ويلبّي كلّ هذه الأبعاد الوطنية التي تنسجم مع خطنا وتوجّهاتنا.

- تعليقكم على أن التنظيم الشعبي الناصري حليفاً أساسياً لحزب الله، والذي هو حزب مقاوم ولكنه من أبرز أحزاب السلطة؟
خلال عقود من الزمن في هذه المسيرة النضالية الوطنية، وتحديداً في مواجهة الخطر الصهيوني وعدوانيته وأطماعه وتهديداته واحتلاله للأرض اللبنانية والفلسطينية والعربية، كان هناك مواجهات مباشرة وكان التنظيم شريكاً أساسياً فيها؛ مع العمل الفدائي الفلسطيني والعمل الوطني اللبناني كنّا شركاء، وأيضاً في جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية بكلّ أطرافها كان تنظيمنا شريكاً، أي مع كلّ المقاومين وبما فيهم المقاومة الإسلاميةً... ومن خلال هذه التجربة التي امتدت عبر عقوداً من الزمن والتي استمرت ولا زالت بفعل التهديدات الصهيونية المستمرة والقائمة فعلياً، فإذا تعرضنا لتهديدٍ بأي لحظة في المستقبل أيضاً سنجد أنفسنا وكلُ الآخرين الذين كانوا شركاء لنا في هذه التجربة داخل الخندق الواحد. بمعنى أنه نتيجة هذه التجربة نشأت شراكة استراتيجية وطنية بين هذه الأطراف، وليس فقط مع الإخوان بحزب الله، بل مع الحزب الشيوعي ومنظمة العمل الشيوعي، والحزب السوري القومي الاجتماعي، حزب البعث، حركة أمل، وهذه الشراكة هي قابلة لأن تتجدّد بأي لحظة في مواجهة أي خطر داهم. وبالتالي هذه العلاقة هي ضمن هذا العنوان.
وفيما يتعلق بالقضايا المرتبطة بالأوضاع الداخلية في لبنان، الموقف من السلطة السياسية والنظام السياسي والسياسات الاقتصادية الاجتماعية كلها خاضعة للأخذ والرد والحوار، وفي كثير من المحطات لا نلتقي مع بعض الحلفاء فيما يخص هذه القضايا وهذا أمر طبيعي لا يوجد أي إشكال به بالنسبة لنا.

- لكن أليست مقاومة الاحتلال وتحرير الأرض تترافق مع مقاومة الفساد وتحرير لقمة عيش الفقير؟ كيف تقرأ هذه الازدواجية...؟
كلُّ طرف من الأطراف، له رؤيته واستراتجيته وأولوياته، ونحن لا نستطيع أن نفرض على أحد رؤيتنا وأولوياتنا واستراتيجيتنا. ومن الطبيعي وجود هذا التنوّع، وبما يخص بالمواجهة مع العدو الصهيوني، فهذه الجبهة تضم تنوّعاً وهو شيء جيد ويغنيها.
ونحن نلتقي مع آخرين في ملفات داخلية عديدة إضافة إلى ملف المقاومة، كالحزب الشيوعي اللبناني، وأيضاً نلتقي مع أطراف وطنية أخرى على العديد من ملفات القضايا الداخلية الأخرى غير المواجهة مع العدو الصهيوني.

- بعد نجاحكم في استقطاب أكبر للناس للنزول "إلى الشارع"، ما هي أفق الحراك والخطة العملية لتفعيله ونجاحه...؟
لا بدّ من تطوير الحراك، ويكمن ذلك باعتماده على أسس لينجح ويتطور ويستمر ويحقق أهدافاً، إذ يجب أن يستند إلى رؤية واضحة منها تحديد الأهداف والمبادئ. فإذا لم يستند إلى أهداف ورؤية ومبادئ واضحة يمكن فقط أن يلبي مرحلة محدودة بزمن وأهداف قد تكون مهمة ولكن ليست أهدافاً كبرى، ونحن نتطلع لأن يصل الحراك لتحقيق أهداف كبرى، ولتحقيق ذلك لا بدّ من الاعتماد على إرادة صلبة ونفساً طويلاً...

هناك أموراً داهمة وأموراً على المدى الأبعد، والحراك بحاجة إلى تجميع طاقات قدر المستطاع وأن تنضم إليه مجموعات متعدّدة ومختلفة وبهوية واضحة، وهي هوية وطنية عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق والفئويات، وهذا هو الأساس لاستمراه وتطويره. وعندما تتوفر هذه الأسس يمكننا تحقيق
توازناً ومعادلة جديدة تفرض واقعاً سياسياً جديداً في البلد، يطرح المواضيع والقضايا من خلفية وطنية. كما أن هذه القضايا المطروحة خاضعة للنقاش والحوار والتفاهم الوطني، مغايراً للتفاهم الوطني والمذهبي كالذي نراه والذي هو عبارة عن محاصصات طائفية ومذهبية تجري. إذ لا نجد أبداً أي نقاشٍ وطني حول ملفات مهمة وحساسة وأساسية، بل كل ما نراه هو مناقشة للحصص "شو حصتي وشو حصتك، وأديه بيطلعلي"، ثم تعقد صفقة ما لاحقاً، أو يحدث نوعٌ ما من التشنّج والتوتر وصولاً إلى تحقيق الصفقة كما جرى خلال تشكيل الحكومة على مدى التسعة أشهر.
نحن نقول أن هذا الحراك ببعده السياسي وبعده الشعبي والوطني يجب عليه العمل لتغيير الحياة السياسية في لبنان، ويدفعها باتجاه أن تكون سليمة وصحيحة وهذه نقطة ارتكاز أساسية حتى نصل لتحقيق أهدافاً كبرى، وممكن من خلال هذا الحراك أن نمنع من فرضهم ضرائب على الناس وتحميلهم أعباء، أي كيف يمكننا الوصول إلى تحقيق رعاية صحية شاملة، وضمان شيخوخة، وإدارة شفافة غير فاسدة، وكافة الضمانات الاجتماعية، أو كيفية وصولنا لتطوير الجامعة اللبنانية، أو وضع سياسة إسكانية تؤمّن مساكن للشباب، أو كيف سنصل إلى دولة منيعة، وكيف يمكننا منع هذه التبعية المفروضة على البلد والتي هي المتعدّدة الرؤوس، كيف وكيف...إلخ. إذ يوجد قضايا وملفات كثيرة، وكلها بحاجة إلى معادلة جديدة غير قائمة حالياً، والتي نقول أنها يجب أن تكون بهوية وطنية.
وفيما يتعلق أيضاً بتطوير الحراك، العمل جاري على تشكيل هيئات تنسيق في المناطق، إضافة إلى هيئة تنسيق مركزية والتي ستضم كافة الأطراف المكونة لهذا الحراك ومن ينضم إليه لاحقاً. وتعمل على وضع خطط وبرامج، وأيضاً تناقش هذه القضايا (توقيت الحراك، أشكاله، أدواته...إلخ)، كما ستكون هي المعنية بالتواصل مع مجموعات لم تنضم إلى الحراك بعد.


- حدّد الحراك الصورة حول أعداء الشعب اللبناني المتجسّدين بالمصارف وحيتان المال، ما هي خطتكم البديلة لمواجهة سياسات الحكومات المتعاقبة في هذا المجال...؟
منذ بداية الطائف حتى الآن، لا زالت سياسة الدولة في المجال الاقتصادي تعتمد على الاقتصاد الريعي، وضرب الاقتصاد الإنتاجي. هذه السياسة واضحة من خلال التوجّهات الاقتصادية للدولة اللبنانية، وسياساتها المالية والتي يُعبَّر عنها بالموازنة، والتي لا نرى فيها أي بنود تهتم بالنهوض بالاقتصاد الإنتاجي؛ لا بالزراعة ولا بالصناعة ولا بالحرف والمهن أو السياحة، والتي هي قطاعات مهمة ويعمل بها غالبية اللبنانيون ويعتاشون منها. والنهوض بها يعمل على رفع مداخيل اللبنانيين وتوفير مستوى معيشي لائق لهم. والدولة بكل سياساتها المالية والاقتصادية لم تهتم بتنمية هذه القطاعات والنهوض بها. وللأسف تلك هي سياساتها على مدى السنوات الماضية، وحالياً نسمع بعض التصريحات للمسؤولين؛ من السيد رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة أنهم سيهتمون بالاقتصاد الإنتاجي، ولكن حتى الآن لم نرَ أي ترجمة لتلك التصريحات، لا سيما أن هذا الأمر بحاجة إلى توجهات اقتصادية واضحة، وسياسات مالية أيضاً، وهذا كله غير متواجد، وبالتالي لا يكفي التصريح إذا لم يقترن بإجراءات. بل على العكس حتى المشاريع التي يتكلمون عنها والتي هي تعبير عن مقررات باريس 4 لا تحوي على اهتمام بالقطاعات الإنتاجية، وهم يتحدّثون عن إعادة تأهيل البنى التحتية والتي تم تأهيلها مئة مرة، بتكلفة المليارات، دون نتيجة بسبب منظومة الفساد والنهب والسرقة التي كانت محمية من هذه السلطة السياسة. لذا نحن نعمل للدفع باتجاه الاقتصاد الإنتاجي والنهوض بالقطاعات المختلفة من الزراعة والصناعة والحرف والسياحة وغيرها، لأنها تؤمّن فرص عمل، خصوصاً أن نسبة البطالة وصلت إلى معدلات عالية جداً، حوالي الـ 42 % تقريباً.

- ردكم على بعض الانتقادات والتعليقات حول حصر التظاهرات ببيروت ومطالبة بتغيير توقيتها من يوم الأحد إلى نصف الاسبوع...؟
لقد أُقيمت تظاهرات واعتصامات يوم الأحد 13 كانون الثاني في معظم المناطق اللبنانية تقريباً بغض النظر عن الأحجام، وأردناها رسالة واضحة مفادها أن هذا الحراك هو تحركٌ وطنيٌ وليس تحركاً فئوياً ولا مناطقياً.
أما السبب المباشر لاختيار يوم الأحد ــ على أمل أن نستطع التحرك أثناء دوام العمل ــ هو عدم القدرة على تعطيل الناس عن أعمالها، خصوصاً أن معظم الذين يشاركون بهذه التظاهرات هم من الفئات العاملة، صح هنالك شباب كُثر معطلون عن العمل، ولكن ممكن التفكير بمزج الفكرتين للتحرك (أثناء الدوام، أو بعده). فنحن لا يمكننا تعرض الناس لخسارة عملهم، لا سيما أن هناك الكثير من المياومين ولا يوجد أي ضمانة لحمايتهم في ظل غياب الإطار النقابي الذي يؤمن الحماية للموظفين والعاملين الذين يتركون عملهم ليشاركوا بالتظاهرات وهذا سببٌ أساسيٌّ. أما كيفية التكيّف مع هذا الواقع والتحايل عليه فعلينا مناقشة الأمر.

- خطاب التظاهرة الأولى تطرّق إلى التصعيد وصولاً للعصيان المدني، فمتى التصعيد، وما هي أدواته...؟
التصعيد مرتبط بمدى إمكانية هذا الحراك أن يجمّع ويعمّق أهدافه ومساره ويجذّره أكثر، وكم يستطع تشكيل نوعاً للتجربة المشتركة بين مكوّناته. وهذا المسار لا يمكن تحديده نظرياً فقط، بل يحتاج إلى أن يتبلّور ميدانياً أكثر، وتلقائياً سيصل إلى نقطة يرى نفسه أنه بحاجة لتطوير أدواته من هيئة تنسيق إلى إطار قيادي وغيرها... هذه المسألة مرتبطة إلى أي مدى يمكن للحراك أن يُنضّج تجربته ويختبر أكثر العلاقة فيما بين مكوّناته، ويضم فئات جديدة له فضلاً عن اكتساب المزيد من الاحتضان الشعبي له، حينها يمكننا أن نتحدّث عن مرحلة التصعيد المرتبط بالضغط على السلطة لكي تعدّل موقفها أو نفرض عليها مساراً سياسياً واقتصادياً مختلفاً عمّا تتبعه.

- تعليقكم على مخاوف المحازبين من تكرار تجربة حراك "إسقاط النظام" مع مجموعات من الحراك المدني وإجهاض الحراك الحالي...؟
الحركات، هي تعبير عن رفض الواقع، وهي تجارب لا تذهب هدراً بل تشكل أساساً لتجارب تليها، ولا يمكن اعتبار تجربة الـ 2011 تجربة فاشلة بالمطلق، بل هي أسست لشيء، وأيضاً تجربة الـ 2015 أسست لشيءٍ آخر. وهذه التجربة سوف تؤسّس لشي آخر.
هذه الانتفاضات والتحركات، لها أسبابها، وأيضاً الظروف المحيطة بها التي يمكن أن تُسهّل إطلاقها. ومهمة قوى الحراك أن تمهّد الطريق، وأن تفتح الآفاق أكثر، وقد تكون تجربة الـ 2011، أنها لم تكن ناضجة بالقدر الكافي، وتلتها تجربة الـ 2015 والتي لم يكن لها أفقاً سياسياً، وحالياً نحن بدأنا الخوض بتجربة جديدة لها هوية وطنية ولها أفقاً سياسياً أيضاً، وتمتلك الرؤية للوضع الاقتصادي والاجتماعي، لذا هي ناضجة أكثر، ولكنها ليست غائبة عن التجارب السابقة بل مستندة إليها.

- لماذا لم تمنح ثقتك للحكومة...؟
لكل الأسباب التي ذكرتها أعلاه.

- ما هي خطة الحراك التصعيدية بوجه الحكومة الجديدة وجلسات مناقشة البيان الوزاري...؟
وجهتنا حُدّدت، في أول اجتماع تنسيقي عقد في بيروت بمقر الحزب الشيوعي اللبناني، وهي التحرك والتظاهر أثناء مناقشة البيان الوزاري، وقد بدأت التحضيرات الفعلية لهذا التحرك في بيروت.

- دورك في تفعيل قضية المناضل جورج عبدالله برلمانياً...؟
طبعاً، سأتابع هذه القضية، وسنرى التوقيت الأنسب لطرحها؛ إمّا باستجواب أو إمّا بالسؤال للحكومة كونه مواطناً لبنانياً، وهو في حالة اعتقال سياسي وليس بحالة تنفيذ حكم قضائي. بالتالي سنعمل على تحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية المطالبة بالإفراج عنه أو تسليمه للبنان.

- ما الحل برأيك حول ملف التعديات على الأملاك العامة...؟
لقد طُرحت هذه القضية أكثر من مرة في المجلس النيابي دون الوصول إلى نتيجة حاسمة
أو على الأقل منصفة للدولة، إذ أن هذه الأملاك هي من حق الشعب اللبناني ومعتدى عليها من قبل الكثير من النافذين والمحميين من مرجعيات، أو حتى هناك أيضاً مرجعيات هي من المعتدين بشكل مباشر على تلك الأملاك.
باختصار موضوع الأملاك البحرية والنهرية والمشاعات التي تقع التعديات عليها على كافة أراضي الجمهورية اللبنانية ساحلياً وداخلياً لم يضع له مجلس النواب إطاراً قانونياً لضبط هذه التعديات واستعادتها للدولة. ولقد تداولت بعض المشاريع والتي هي عبارة عن فرض بدل مالي على المعتدين، وبرأيي هذا ليس كافياً ويجب وضع إطارٍ قانوني لهذا الموضوع يعيد إلى الدولة اللبنانية أملاكها، وللشعب أيضاً أملاكه، كي تقوم الدولة فيما بعد بتنظيم هذه الأملاك لتكون عائداتها لها وليس لأفراد نافذين.

- ما هي خطواتكم، فيما يتعلق بفرض زيادة 50 ألف ل.ل. على فاتورة المياه في الجنوب...؟
حالياً، بدأ الشباب بالتحضير للتحرّك بهذا الخصوص، وإذا تم التراجع خلال الأيام المقبلة عن الزيادة نكون قد حققنا الهدف، وإذا لم يتم التراجع عنها يجب أن يكون هناك تحركٌ للضغط على مصلحة مياه الجنوب للتراجع عن هذا القرار.