الأربعاء، أيار 14، 2025

أسامة سعد: قوى السلطة مرتهنة لإرادات خارجية وهي بحالة انتظار لما يجري في الخارج (فيديو)

لبنان
كان لأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد إطلالة على تلفزيون الجديد في برنامج "هنا بيروت" مع الإعلامية راوند أبو خزام تناول فيها المستجدات على الساحة الوطنية وقضايا الساعة.اعتبر سعد خلال المقابلة أن الأزمات في لبنان جميعها مرتبطة بالأزمة السياسية، وأن هناك انسداد سياسي واضح وواقع مأزوم، وأن الفترة الماضية على مدى 30 سنة قامت على أساس المنافع ومغانم السلطة، وإن هذه السياسات أوصلت البلد إلى الانهيارات الكبرى على مختلف الصعد، كما كان لها انعكاس سلبي على مؤسسات الدولة ومن بينها القضاء.


كما لفت إلى أنه في حال تشكلت الحكومة فلن تؤمن استقراراً سياسياً في البلد، ولن تعالج الأزمات المختلفة، بخاصة المعيشية والاجتماعية منها.
وأشار سعد إلى أن الطبقة السياسية في لبنان مرتهنة لإرادات خارجية، وهي بحالة انتظار حول ما يجري في الخارج من تفاهمات إقليمية وصراعات.
وشدد سعد على أنه ليس من قدر اللبنانيين أن يبقوا تحت رحمة الأزمات المتتالية، بل من حقهم العيش في حياة جيدة وضمن مستويات معيشية لائقة بالإنسان، فالناس تريد حقوقها الأساسية، بينما الدولة ومؤسساتها مصادرة من قبل القوى الطائفية التي تعمل على استتباع الناس من خلال تأمين الفتات من حقوقها بواسطة زعماء الطوائف. غير أن المطلوب دولة ومؤسسات وانهاء للحالة الطائفية والمذهبية التي تفرض كنتونات مقفلة.
وأكد سعد على أنه يجب الانتقال إلى واقع سياسي مختلف تماماً، وقلب موازين القوى وتشكيل موازين قوى جديدة. لكن مع الأسف هذه الموازين ليست متوفرة الآن، على الرغم من تراجع قدرة القوى السياسية السلطوية التي تعاني من أزمة، وتنتظر الخارج الذي يقرّعها ويتناول الكرامة الوطنية ولكنهم "مش فارقة معهم".
وحول الانتخابات وهل يمكن ان تغير الواقع؟ اعتبر سعد ان الانتخابات تخضع لمعايير وظروف مرافقة لها، وتخضع لإرادات ومصالح. وفي الظروف الحالية اعتقد ان الانتخابات لن تؤدي إلى تغيير جذري.
ورأى سعد أنه قبل الكلام عن الانتخابات لا بدّ من واقع سياسي مؤاتي، إلّا أن الرأي العام اللبناني المطالب بالتغيير لم يتبلور حتى الآن ضمن أطر سياسية قادرة على تبديل موازين القوى.
وفي ما يتعلق بثورة 17 تشرين اعتبر سعد أن من أهم إنجازات هذه الثورة إدخال الشباب إلى الحياة العامة وفي الشأن السياسي بعد طول تهميش من قبل القوى السياسية الحالية على مدى 30 عام، ويحاول الشباب الآن الوصول إلى دولة تشبههم دولة عصرية بديلة عن الدولة الطائفية القائمة حالياً.
أما بالنسبة للملفات الخلافية بين اللبنانيين ، قال سعد هي ملفات موجودة في البلد، من بينها ملف الصراع مع العدو الصهيوني، وملف الوجود الفلسطيني في لبنان وصفقة القرن، والنزوح السوري وغيرها من الملفات. وهي ملفات استراتيجية دقيقة لها أبعاد إقليمية ودولية يجب التعاطي معها كملفات وطنية، ويجب النقاش بها وطرحها ومعالجتها بناء لرؤية وطنية دون مخاوف وهواجس طائفية ومذهبية او تدخلات خارجية.
واعتبر سعد أن الملفات جميعها أصبحت مدولة؛ من الملف الاقتصادي إلى الملف الاجتماعي والملف المالي وغيرها من الملفات. كما اعتبر أن الطبقة السياسية هي من أوصلنا إلى هذه الحال. فالقوى السياسية السلطوية مرتهنة للخارج، وقد مارست السلطة بأسوأ أشكالها.
وقال سعد أن القوى السياسية الممسكة بالسلطة تدعي انها تريد المعالجة، إلّا أنها هي من أوصل اللبنانيين إلى ما نحن عليه اليوم، إضافة إلى أنها لم تعترف بمسؤوليتها عما جرى من أزمات وانهيارات على مختلف الصعد.
ولفت سعد إلى أهمية ان يكون لدينا قضاء مستقل، وأشار إلى أن قانون استقلالية القضاء لا يزال مكانك راوح في مجلس النواب. كما لفت إلى أنه سيقدم إلى المجلس النيابي اقتراح قانون يتعلق "بإصلاح القضاء الإداري" واقتراح آخر يتعلق "بهيئة التحقيق الخاصة بمصرف لبنان".
واعتبر سعد أن عرقلة القوانين وعدم التسريع في إقرارها يعود لكون القوى النافذة الموجودة في الحكومة هي نفسها موجودة في المجلس النيابي، وهي لا تريد للبلد ان يمشي في الطريق الصحيح.
وحمل سعد مسؤولية كل ما حصل للبنانيين لكل من تداول السلطة، وأن القوى السياسية الحاكمة تتحمل المسؤولية، وبأن الشعب فقد الثقة بهم كليا ولم يعد يراهن عليهم من أجل انتاج الحلول لأزماتنا. ولفت أن سبب الأزمات يكمن في سياسات هذه القوى وأن الأميركي قد يكون وظف الواقع المأزوم لخدمته وخدمة مصالحه.
وأكد سعد أنه ضد أي تدخل خارجي من أجل حل الأزمات في لبنان، وأن الحل الوحيد هو في اعتماد الحلول الوطنية. وأن الحل السياسي يكمن عبر مرحلة انتقالية وحكومة انتقالية تتولى الحكم لفترة من الزمن لانتقال سلمي من واقع مأزوم إلى واقع جديد.
كما لفت إلى أهمية إقرار قانون استقلالية القضاء واجراء معالجة فورية للأوضاع المعيشية المتدهورة، وإقرار قانون انتخاب وطني وعصري مع الحد من تدخلات قوى السلطة في المؤسسات وإدارات الدولة.
وشدّد سعد على أهمية تغيير المنظومة الحاكمة ومجيء وجوه جديدة للممارسة العمل السياسي الصحيح، اضافة إلى وجود برامج تتصارع في ما بينها.
أما عن الحكومة المنوي تشكيلها فهي في حال تشكلت ستعتمد على صندوق النقد الدولي، وستعمل على تحميل الأعباء للفئات الأكثر تضرراً من الأزمة. وأن حلولها ستكون مؤقتة وليست جذرية، كما ستعتمد على الدول المانحة التي تريد مصالحها الاستراتيجية.
وشدد سعد على أنه يجب على قوى المعارضة الوطنية والحركة الشعبية أن تجمع قدراتها، وأن تشكل أطراً سياسية وشعبية وأهلية لتشكيل وزن بهدف فرض مسار التغيير والوصول إلى الحلول الوطنية للملفات جميعها، مؤكداً على الحلول الوطنية من دون انغلاق، والتخلص من الفساد والمحاصصات وعدم انتظار الخارج. واكد سعد ان هذا الحال هو أيضاً حال العرب جميعاً، وأن المستقبل العربي يُقرر بحسب التفاهمات والصراعات بين الأطراف الدولية والاقليمية.
وحول التدقيق الجنائي اعتبر سعد أن القوى السياسية الحاكمة لا تريد التدقيق الجنائي، وتساءل لماذا لم يحصل التدقيق الجنائي على مصرف لبنان أولاً؟ وبالنسبة للمؤسسات اعتبر ان ديوان المحاسبة والنيابة المالية والتفتيش المركزي مؤسسات قائمة، فلترفع ايدي السياسيين عنها، حينئذ لن يكون هناك ضرورة لشركات التدقيق الخارجية.
وأكد سعد على أهمية التحرك مجدداً في الميدان والشارع، فعلينا التحرك لنحمي مستقبلنا، من دون اي مراهنة على الخارج وعلى القوى السياسية التي تنتظر الخارج.
وقال: "نحن شعب معطاء حرر أرضه بدماء أبنائه، عليه ألا يسلم بسلطة النهابين والسارقين. وهو شعب دافع عن كرامته الوطنية ليس لتُمتهن كرامته الإنسانية، وممنوع القبول باستمرار الوضع على ما هو عليه. ويجب السعي إلى معادلة وطنية شعبية سياسية جديدة تعدل موازين القوى لفرض التغيير في البلد.
أما بالنسبة لقضية رفع الدعم عن المواد الأساسية كالخبز والبنزين والمواد الغذائية فاعتبر سعد انه ضد رفع الدعم، فهي قضية تمس المواطن مباشرة، بخاصة أن نسبة البطالة وصلت إلى 40%، ونسبة الفقر حوالي 50%، ومؤسسات عديدة أقفلت، وهناك افلاسات، ومدخرات تبخرت. فإذا أضيف الآن رفع الدعم دون تقديم بديل للناس فنكون أمام كارثة حقيقية.
وانتقد سعد أسلوب الدعم الذي يستفيد منه كبار التجار والمحتكرين أكثر من المواطنين. والآن ينادون بترشيد الدعم، مما يعني تخفيف الدعم عن المواطن، أي مزيد من الأعباء. ودعا إلى تحميل المسؤولية عن الإنهيار المالي الحالي لكل من استفاد من الهندسات المالية، كالمصارف وغيرها.
وفي ختام المقابلة، وعشية ذكرى كمال جنبلاط توجه سعد بالتحية لروح كمال جنبلاط الزعيم الوطني الذي كان له إسهامات كبيرة في بلورة البرنامج الاصلاحي للحركة الوطنية في لبنان كما حيا موقفه الجذري إلى جانب القضية الفلسطينية والذي دفع ثمنه كما حصل ايضا مع معروف سعد.
كما توجه بالتحية للشعب الفلسطيني وانتفاضاته المتواصلة على الرغم من السنوات الطويلة من الاحتلال، فهذا الشعب مستمر بنضاله من أجل استعادة حقوقه الوطنية فوق أرضه.
وأكد سعد ان على لبنان التزامات تجاه الشعب الفلسطيني. ويجب عليه ألا يتأخر عن دعم نضاله. واعتبر أن التضييق على الشعب الفلسطيني في لبنان لا يتوافق مع تأييد القضية الفلسطينية، وانما يخدم المخططات الإسرائيلية والأميركية لتصفية القضية الفلسطينية.
وعن التغيير في الرئاسة الأميركية، وهل سيؤثر ذلك على القضية الفلسطينية؟ اعتبر سعد أن التغيير في موقع الرئاسة لا يؤثر على السياسات الخارجية الأميركية الاستراتيجية، ولكن قد نعود إلى الحديث عن حل الدولتين.
كما اعتبر أن التطبيع الذي حصل مؤخراً من قبل بعض الدول العربية يضر بالقضية الفلسطينية، ويعتبر تخلياً عن دعم نضال الشعب الفلسطيني وحقوقه. ويضاف إلى ذلك أن لبنان هو من أكثر المتضررين من التطبيع بين الخليج والعدو الصهيوني.
المصدر: قناة الجديد - المكتب الإعلامي لأمين عام التنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد.