الخميس، نيسان/أبريل 25، 2024

بيان الشيوعي لمناسبة الذكرى الاربعين لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية

  المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني
بيانات
أربعون عاماً مضت على رصاصات أيلول، تلك الرصاصات البكر التي بشّرت بأن عصر الهزائم قد انتهى. رصاصات لم تكن فقط في وجه العدو الصهيوني الذي بدأ بدخول بيروت، تلك المدينة البطلة، المحاصرة والصامدة والأبية... بل كانت في وجه نهج الاستسلام الذي ساد منذ كامب ديفيد ولمّا يزل مستمراً.
رصاصات أيلول البكر كانت كحبات المطر الأولى، التي روت أرض لبنان، كل لبنان، وأرض فلسطين كل فلسطين وصحارى العرب المجدبة وأنظمتهم اللاهثة وراء الاتفاقات المُذلّة مع العدو وبرعاية أميركية متآمرة ومتواطئة، فكان الرد "إلى السلاح للمواجهة، إلى السلاح لتحرير الأرض تنظيماً للمقاومة الوطنية اللبنانية".
أربعون عاماً مضت منذ ذلك النداء؛ وها هو لبنان يحتفل بتحرير أرضه منذ اثنين وعشرين عاماً، باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء المحتل من قرية الغجر. أربعون عاماً مضت منذ تلك الرصاصات المباركة والعدو لا يزال ينتهك برنا وبحرنا وسماءنا، فيما نظامنا السياسي يتخبط في التفاوض والذي يبدو كشكل من أشكال التطبيع، وبواسطة راعي الإرهاب الدولي الولايات المتحدة الأميركية. أربعون عاماً مضت على تلك الانطلاقة للمقاومة، وها هي فلسطين تعاني الاحتلال وشعبها يدفع من دمه وأمنه أثماناً باهظة فيما أنظمة الذل العربية تهرول صاغرة نحو التطبيع مع العدو.
هي معركة لمّا تنته بعد. فخيار التمسك بالمقاومة طريقاً للتحرير والتغيير هو الخيار الوحيد المتاح والمجدي. فالمعركة واحدة بين دحر الاحتلال وإسقاط النظم التابعة. وعليه، فإن استكمال التحرير في لبنان يستوجب إقامة نظام سياسي وطني خارج الاصطفافات الطائفية والاستجابة الطوعية للخارج، القريب منه والبعيد، قادر بالدفاع عن أرض لبنان في وجه أي عدوان ومنحاز إلى مصالح الشعب، لفقرائه وعمّاله وموظفيه... الذين شكّلوا دوماً الرافد الأساسي لمعركة التغيير والتحرير، والذي بات اليوم أكثر الحاحاً في وجه منظومة سياسية مالية متحكمة ومحمية بمراكز قوى سياسية ومالية وبتغطية خارجية.
لقد آن أوان استرجاع كرامة المواطن الذي يُذلّ بلقمة عيشه وصحته وتعليم أولاده ومستقبلهم... لقد آن أوان استلهام شعارات أيلول بالدفاع عن لبنان كل لبنان، في وجه تلك المنظومة، التي تسعى جاهدة لإعادة تعويم نفسها، من خلال إغلاق باب التغيير بواسطة سياسات وتدخلات، واستجلاب الخارج بأمواله وحماياته كي تؤمن ديمومتها، والتي تمعن في قهر الشعب اللبناني في حياته اليومية، بالكهرباء والماء والتعليم وحجز الودائع ونهبها إضافة إلى الهجرة... فكما أن المقاومة وجدت لتنتصر وانتصرت، فإننا اليوم أمام المعادلة نفسها؛ فعلى شعبنا اللبناني وقواه الحية، سياسية كانت أم نقابية أم اجتماعية... بأن تعمد إلى استرداد القرار من أجل تنظيم حالة اعتراض وطني تطرح ضرورة التغيير الحقيقي باتجاه نظام سياسي أكثر عدالة يلبي طموحات الشعب ويؤمن مصالحه، وأيضاً إلى كسر حلقة التضامن بين أطراف المنظومة التي تجهد لتأبيد سيطرتها، من خلال الاستقواء بخنادق الطوائف والمذاهب، وبالرعاية الخارجية القائمة على الاستزلام.
تحية لتلك الرصاصات ولمطليقها، تحية إلى الباقين منهم وإلى الذين رحلوا، التحية لجورج حاوي ومحسن إبراهيم، التحية لمازن عبود الذي تفتقده المناسبة هذا العام، تحية لكل الشهداء من كل القوى والأحزاب، والتحية كل التحية لشعبنا اللبناني الذي لبى النداء واحتضن وقاوم وقدم التضحيات وفي كل المجالات.


بيروت في ١٦ ايلول ٢٠٢٢

المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني