السبت، نيسان/أبريل 20، 2024

خالدة جرار: عن جبالنا الشامخة

  بوابة الهدف
رأي
مطلع انتفاضة الحجارة، قادت خالدة جرار ومناضلات فلسطينيات مسيرة من آلاف النساء شكلت نقطة محورية في تاريخ الانتفاضة؛ فهل هو ثأر عصابات الإرهاب الصهيوني مع خالدة جرار؟ أم هو سبيل المناضلة الفلسطينية التي واصلت شقه في كل مرحلة من حياتها، رفضًا للاستعمار والعبودية والقتال لأجل حرية شعبها؟ في كل موقع للرفيقة "أم يافا" رسمت هذه المعادلة؛ الخندق؛ خط القتال؛ الإرادة الفلسطينية الحرة المعبرة عن توق هذا الشعب لانتزاع انتصاره وتقرير مصيره، في مواجهة عدو يسعى لإبادة هذه الإرادة.

وجود خالدة في زنازين الاحتلال وغرف التحقيق، لم يبدأ باعتقالها الأخير، بل هو مسار رئيسي في تعامل الاحتلال مع امثالها، فكرست مناضلات شعبنا عجزه عن قهرهن في السجون، كما اعتدنا مقارعته في كل يوم خارجها.

جر العدو الصهيوني بنات فلسطين ومناضلاتها للسجون، مرة تلو الأخرى، وجرب عليهن صنوف التعذيب، لا لاعتبار تعطيل فعل نضالي معين فحسب، ولكن لكسر النموذج الذي شكلته هؤلاء النساء، ودورهن في تحفيز عشرات الآلاف من الفلسطينيات لكسر قيود الاستعمارية والرجعية وقيمها البالية، والانخراط في النضال الوطني والنسوي، وإعطاء عمق مجتمعي حقيقي لهذه النضالات بما قدمنه على المستوى الشعبي من التحام بمعاناة أبناء هذا الشعب.

إذ تميل عصابة الإرهاب الصهيونية لتنميط الفلسطيني، كجزء من مسعاها لتسهيل إدانته وإبادته، تشكل هذه النماذج النسوية الوطنية، ذات الوعي الوطني والمجتمعي، إشكالية حقيقية للعنصري المستعمر وتنميطه لكل ما هو فلسطيني، وكذلك لحلفاء هذا المشروع الاستعماري ومحاولتهم الوقحة المستمرة لتبرير مجزرة تجري بحق شعب بأكمله منذ حوالي قرن من الزمان.

لم تنل خالدة جرار شرور التضامن الممول غربيًا، والخاضع لمعايير المانحين، لأنها ببساطة اختارت أن تكون فلسطينية على طول الخط، تمارس انحيازها لإنسانيتها وتقدميتها وفقًا لما تمليه عليها قناعاتها وموقفها الصلب ضد المنظومة الاستعمارية، وضد ما تمثله هذه المنظومة كمصدر لإنتاج قيم القهر والتسلط بكافة أشكالها، لهذه الأسباب التي يجافي محترفي التضامن خالدة جرار.