الجمعة، آذار/مارس 29، 2024

غريب: الانتخابات النيابية كمحطة سياسية في سبيل إنضاج ظروف وشروط معارضة ديمقراطية منظمة بالبلد

أخبار الحزب
 أقامت منظمة الحزب الشيوعي اللبناني في طرابلس والميناء، ندوة حول "الانتخابات وآفاق التغيير الديمقراطي"، في قاعة لجنة رعاية البيئة مساء اليوم في الميناء، وقد حاضر فيها الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب، وأدارها نائب سكرتير هيئة الشمال بالحزب جميل صافية.


افتتحت الندوة بالنشيدين الوطني والحزب الشيوعي اللبناني. ثم استهل غريب كلمته بتوجيه التحية والشكر للجنة رعاية البيئة ورئيسها وأعضاء مجلسها الإداري لاستضافتهم الندوة، مرحباً بكل الفعاليات السياسية والبلدية والنقابية والمرشحين والمنخرطين في المعركة الانتخابية. وقال "تحية من القلب للقلب وبحوار مفتوح حول الإجابة عن: ماذا يريد الحزب الشيوعي اللبناني من هذه الانتخابات النيابية، وكيف ينظر إليها وعلى أي أساس قرر الانخراط في هذه المعركة؟"، مشيراً إلى "أن هذه الانتخابات تقام وسط ظروف سياسية محيطة ومتغيرات خارجية كبيرة جداً في المنطقة ككل؛ وليست فقط في سوريا والعراق، ولها انعكاسات على لبنان بالدرجة الأولى وأيضاً على الاستحقاق الانتخابي. فالانتخابات لها بعدها الإقليمي أيضاً، حيث نرى إقليمياً المعسكرات من الأطلسي، والناتو، إضافة الى الروس والصين... وهذا الحشد العسكري الموجود بالمنطقة طبعاً لا يقف موقف المشاهد، بل له علاقة بشكل خاص بما يتعلق بالاستحقاق الانتخابي المقبل في لبنان"
وشدّد غريب على أن "العامل الإقليمي والدولي هو عاملاً أساسياً ومؤثراً ويبدو ذلك واضحاً في حجم التدخلات الدولية الإقليمية بهذا الاستحقاق. وهذه الانتخابات تحدد مصير ودور لبنان في الصراع الدائر في المنطقة وبالتالي هي جزء من هذا الصراع الحاصل في المنطقة وتأثيره أساسي بحكم تبعية نظامنا الطائفي وأمراء الطوائف الذين يبدلون الوصي من جهة إلى أخرى، وينفذون التوصيات الإقليمية والدولية ويؤلفون تحالفات واصطففات.
هذه الانتخابات لها أهمية كونها تحدد مصير البلد وموقعه وأين هي الأكثرية السياسية في لبنان ولصالح أي معسكر من المعسكرات المنخرطة في الصراع الدائر".
وتابع غريب "ثانياً، إن الخطر الأساسي يكمن بالخطر الداخلي الآتي من هذا النظام السياسي الطائفي بحد ذاته، والذي يفسح المجال لكل التدخلات الدولية، ويشرّع أمامها الأبواب، هو نظام التبعية بحكم وضعه، ونظام المحاصصة والفساد المستشري والذي وصل إلى مستوى غير مسبوق بوضع البلد. ومع كل الطواقم المتعاقبة لم نرَ مثيلاً لهذه السلطة السياسية في مستواها المتدني تجاه اللبنانيين والبلد".
وحذّر غريب من "خطر استمرار التجديد لهذا النظام الطائفي ولهذه السلطة السياسية الفاسدة. واللبنانيون عبروا عن رفضهم لها بالكلام الملموس خلال السنوات الست الماضية عبر آهات وأوجاع أطلقها مئات الألوف من اللبنانيين ونزلوا إلى الشوارع كي يدينوا هذه الطبقة السياسية فيما يتعلق بأدائها السياسي وموقفها وخطابها الطائفي والمذهبي. ولكن بالرغم من الاصطفافات التي نراها هنا وهناك، إلا أنهم استطاعوا ان يتجمعوا ويتوحدوا ويعيدوا انتاج نفسهم مجدداً من خلال هذا القانون الانتخابي الذي سموه "النسبية"، وتمكنوا من تجويف النسبية من مضمونها أي من إصلاحها السياسي، بحيث أبقوا على السرطان الطائفي التمزيقي بهذا البلد، وأعادوا تقسيم الجبنة بين بعضهم البعض مجدداً من خلال الانتخابات ومن خلال موضوع الدوائر وأيضاً من خلال الصوت التفضيلي والحاصل الانتخابي. وضربوا كل الكلام الذي ألقي عن الإصلاحات والكوتا النسائية وحق الشباب بالاقتراع بعرض الحائط، حفاظاً على تجمعهم وتوحدهم لإعادة هذا القانون من جديد. وهذا خطر فعلي حقيقي لا يأخذ بعين الاعتبار كل صرخات وأوجاع الناس التي شهدتها الشوارع خلال السنوات الست الماضية. إلا أن هذه الحركات استطاعت ضرب ما يسمى النظام الأكثري أي نظام المحادل والباصات الكبيرة".

وصرّح غريب "إن قوى الاعتراض والتغيير الديمقراطي لم تكن متفقة على توصيف النسبية بالشكل المطلوب، كما طرحها الحزب الشيوعي اللبناني؛ نسبية خارج القيد الديمقراطي ولبنان دائرة انتخابية واحدة. بل كان المشترك فيما بينهم فقط "النسبية" وهذا لا يكفي خاصة إذا كنا نريد أن ننقل البلد من الحالة السياسية التي يتمسك بها ويتشرذم أكثر، إلى حالة سياسية أخرى تعمل على توحيد البلد وتستطيع بناء وطن بدلاً من بلد المزارع والكانتونات"، مؤكداً "أن أكبر دليل على خطورة هذا القانون هو ما شهدناه خلال الفترة الأخيرة الماضية، عبر تصعيد الخطاب الطائفي والمذهبي والذي حصل بين ليلة وضحاها وأعادنا مجدداً على بدايات الحرب الأهلية، وبدا واضحاً في بلدة الحدت باستخدام السلاح والخطاب الطائفي والمذهبي...
ونحن هنا لنقول للناس: إن الذي يصدر هذا القانون الطائفي سيسمع هكذا خطاب طائفي ومذهبي تمزيقي وتشتيتي للنسيج الاجتماعي بهذا البلد. وإذا كانت بداية المعركة الانتخابية هكذا، فكيف بمنتصفها وآخرها؟ وهذه إدانة لكل من وقعوا على هذا الخطاب، حتى لو سارع كل طرف إلى رمي المسؤولية عنه، ولكن هذه هي المحصلة التي صدرت عنهم، ألا وهي استهداف قوى الحراك المدني، وقوى الحراك الاجتماعي، واستهداف القوى العلمانية اليسارية الشيوعية، حيث عمدوا إلى وضع فيتو عليهم؛ ويمنع على صوتهم الذي كان يطالب بحقوق الناس بالشارع من الدخول إلى المجلس، ووصلت الرسالة".
وأكد غريب أن هناك فيتو على الشيوعيين وقال "94 سنة من عمر الحزب الشيوعي اللبناني ويوجد فيتو عليه وممنوع أن يكون داخل المجلس النيابي، وحان الوقت لمحاكمة هذا الفيتو، ومن حق الحزب الشيوعي اللبناني، ومن حق قوى اليسار، ومن حق القوى المدنية والعلمانية والقوى النقابية المستقلة صاحبة الضمير الحي، اختراق أسوار هذا المجلس، والذي يدخلون عليه لا يملكون تمثيلاً أكثر منهم. هذا الذي عنده 2000 صوت يصبح نائب رئيس المجلس النيابي، وهذا الحزب الممتد من الناقورة حتى النهر الكبير، ويمتلك الاف الاف الأصوات الانتخابية، ويمنع عليه أن يتمثل بالمجلس النيابي بحكم هذا القانون. هو قانون التزوير بصحة التمثيل النيابي، هو قانون لا يستهدف تمثيل القوى اليسارية والمدني والعلمانية فقط، بل يستهدف وحدة لبنان. والتغيير الحقيقي هو أن نستطيع بناء وطن يحترم الإنسان كإنسان بحد ذاته في وطن له عليه حقوق مثلما لديه واجبات. لذا أن هذا القانون لا يستهدفنا وحدنا، ومن حقهم أن يخترقوا أسوار هذا المجلس، هم الذين قدموا الدم والشهادة، هم الذين قدموا الشهداء وناضلوا بجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، ولا يستطيع أحد المزايدة علينا في هذا الاتجاه، أعطينا لبنان ما لم يعطيه أي حزب سياسي في هذا البلد. أعطيناه من روحنا 75 سنة ونحن نقاوم هذا الاحتلال وهذا العدوان منذ هجرة عصابات الهاغانا الصهيونية على أرض فلسطين حتى اليوم. هذا الحزب لا يضع فيتو عليه. وإذا يجب أن يكون هناك اصلاحاً وتغييراً، فنوعية هذا الإصلاح والتغيير تكمن في هذا الصوت الشيوعي اليساري الديمقراطي الوطني المستقل خارج الوصايات السياسية، والذي آن له أن يخرق أسوار هذا المجلس لنقول: إن في هذا العهد الجديد حقاً يوجد إصلاح وتغيير، فهكذا يكون مضمون التغيير، فهل يحصل ذلك؟
الشهيد كمال جنبلاط والذي في كل مرة نذكر اسمه نذكره بالشهادة ونوجه له التحية. ولا نوجهها فقط لنضاله، إنما يوم كان وزيراً للداخلية ورخص للأحزاب السياسية في لبنان وأعطى الرخصة للحزب الشيوعي اللبناني هذه هي الديمقراطية. أيضاً عندما نذكر اميل لحود نذكره بالخير عندما أعطى للعمال تراخيص للنقابات ومنها الاتحاد الوطني للنقابات.
وللذين فصلوا هذا القانون نقول لهم ارفعوا الظلم عن الأحزاب اليسارية والوطنية والعلمانية واعملوا واجباتكم، والمجلس النيابي يجب ان يتشرف بوجود هذا الصوت داخله، كي يوصل وجع الناس"
وأردف "نحن أخذنا هذا القرار ما بين الخطر الخارجي من جهة، وما بين الخطر الداخلي من أزمة هذا النظام الطائفي. وقلنا نحن ضد هذا القانون للأسباب التي ذكرتها، ولأننا ضده، فنحن ضد هذه السلطة التي أنتجته. والدخول في هذه الانتخابات هو الدخول ضد أحزاب السلطة التي أقرته، فمن هذا الموقع قررانا خوض المعركة الانتخابية. فهل يجرؤ حزب سياسي أن يتخذ مثل هذا القرار الكبير أي أن يتحدى ويقف في وجه أحزاب السلطة المصطفة جميعاً، ذلك هي هوية الحزب الشيوعي اللبناني وهذا هو موقعه وهذا قراره. ورغم كل شيء نحن لا يمكننا ألا أن يكون موقفنا واضحاً "أبيض" مثل تلج صنين، مدركين صعوبة هذا الموضوع ولكن هناك حاجة وضرورة لوجود هذا الموقف لنقول للتاريخ وللطائفية التي تهدد هذا البلد من خلال الأخطار المحدقة به إن هناك حزباً في هذا البلد اسمه الحزب الشيوعي اللبناني اتخذ قرار المواجهة برغم كل هذه الأخطار، وندعو اللبنانيون إلى مشاركتنا بهذا الموقف. ونكرر قررنا خوض الانتخابات ضد هذا القانون وضد الذين وضعوه، فهي محطة أساسية بمعركة سياسية بامتياز ومفتوحة ضد هذه السلطة.
فلنكن مخلصين وأوفياء لكل الحركات والنضالات التاريخية التي سارت في هذا البلد، خاصة للمعارك التي حصلت خلال السنوات الست الماضية من معركة حملة إسقاط النظام الطائفي الى معركة هيئة التنسيق النقابية وما طرحته من أبعاد سياسية حول موضوع "الدولة التي نريد" لأن هذا النظام الطائفي أنتج هذه الدولة الفاشلة وهذه السلطة الفاسدة، حينها قلنا وأثبتت بالملموس؛ أنه لا يمكن لمطالب وقضايا الناس ومشاكلها؛ من المياه للكهرباء والسكن والضمان والرواتب والأجور... أن تتحقق في ظل هذه الدولة الطائفية والمذهبية وفي ظل هذه السلطة الفاسدة، والذي يريد حقه فلينتخب الذي سيجلب له حقه، أي البديل السياسي"..
أما عن معركة الانتخاب تساءل غريب "هل يعقل اننا استطعنا تحرير لبنان من العدو الصهيوني وحررناه بالدم وحررناه بالمواجهة والمقاومة؟ ولم نستطع حل أزمة النفايات؟. هذا ليس بالقليل أناس تضحي بالدم، وأناس تواجهك بالنفايات، وبالرغم من الضغط الشعبي حول ملف البيئة ما زالت الأزمة تتفاقم بسبب الخصخصة.
كما تطرق غريب إلى الحراك الرابع والذي تجسد بمواجهة هذه السلطة في الانتخابات البلدية، داعياً الى ربط هذه الحراكات الأربعة ضمن معركة خامسة يعمل الحزب الشيوعي على حمايتها سياسياً في سبيل تحقيق هدف "تنظيم معارضة وطنية ديمقراطية علمانية تطرح نفسها بديلاً عن هذا الطاقم السياسي الفاسد وتنشأ خرقاً في هذه السلطة السياسية وتدخل المجلس بدون التزام سياسي وتضع الموقف التي كانت تطرحه في الشارع داخل المجلس دفاعاً عن حقوق الناس وكراماتها"، داعياً إلى وضع استبيان واحتساب عدد الأصوات المحتملة لقوى الاعتراض والتغيير لو كان لبنان دائرة انتخابية واحدة ، و"التي قال أحدهم أنها توازي 12 نائباً، أي كتلة لا يستهان بها في المجلس". وقال "يجب ان نقاتل الفيتو، وأن نقول للحرامي أنت حرامي في وجهه، والحرامي الذي سرق صوتي، هو ذاته سرق حقوق الناس وأجورهم، وحرمنا من فرص العمل، وهجّر شبابنا، وأغرقنا بالنفايات والفساد.. بحكم هذه القوانين التي تنتج هذه السلطة، وهذا ينجم خطراً على البلد".
واختتم غريب مداخلته بالتطرق إلى متابعة جهود الحزب الشيوعي اللبناني في تنظيم صفوف قوى المعارضة، والتي عقد الحزب لقاءاً موسعاً لها في الرابع من شباط الجاري في مسرح المدينة، وحضره حوالي 45 هيئة وتجمعاً وطنياً سياسياً ضد السلطة وبحضور عدد من الشخصيات تجاوز الـ 400 شخصية تقريباً، وأعلنا "صوت واحد للتغيير" تحت أربعة عناوين، وأولها فرز وضم وغربلة (المرشح ضد السلطة يذهب يساراً، والمرشح على لوائح السلطة يميناً، أما اللذين انضموا إلى اليسار ولكن عينهم الأخرى علي اليمين أملاً بالحصول على مقعد ضمن لوائحها، فأيضاً وقت احتدام المعركة مصيرهم الغربال)"، وكل موقف له ثمن ومن هنا نعمل على تنظيم معارضة ديمقراطية وطنية يفتقدها البلد"، مقدماً لمحة عن اللقاءات التي تُقام في المناطق وتعمل على تشكيل لوائح لمواجهة اللوائح السلطوية، وقال "فلنضع الانتخابات النيابية كمحطة سياسية في سبيل انضاج ظروف وشروط معارضة ديمقراطية منظمة بالبلد، وبالتالي فلتكن خطوة لنتقدم إلى الأمام بدلاً أن تأتي الانتخابات وتعمل انتكاسة وتأخرنا إلى الخلف، وتؤدي إلى احباط وهذا ما لا نريده".