الخميس، آذار/مارس 28، 2024

اعتصام لأساتذة اللبنانية لإقرار قانون تفرغهم وتحذير من اللجوء إلى الإضراب

لبنان
نفذ عدد من اساتذة الجامعة اللبنانية اعتصاماً أمام المبنى المركزي للجامعة في المتحف، للمطالبة باقرار قانون تفرغهم وتحسين أوضاع الجامعة، ولا سيما بعد توقع انتقال اكثر من 20 الف طالب مع بداية العام الدراسي المقبل من الجامعات الخاصة والمدارس إليها.

ودعا الاساتذة الى تحسين وضع الجامعة على الصعد كافة، لاستيعاب العدد الكبير من الطلاب، مشددين على "ضرورة الاسراع بالبت في موضوع تفرغهم".

وحذر الاساتذة من امكانية لجوئهم الى الاضراب في حال لم يتم تلبية مطالبهم.

ضاهر
وألقى رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور يوسف ضاهر، كلمة، قال فيها: "قد يتساءل الناس اليوم، ماذا يفعل أساتذة الجامعة؟ ألا يرون الجوع والفقر والعوز يجتاح لبنان؟ ألا يرون أن السلطة الحالية وكل السلطات التي تعاقبت منذ العام 1975 قد فرطت بأمانة الوطن، لا بل أودت به إلى الهاوية السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟ ألا يرون أن بلد الحرف و الفنون أصبح بلد القرف والجنون؟ ألا يرون كيف استقدموا إليه الاحتلالات والوصايات التي عاثت فيه إذلالا ونهبا وعبثا بمقدراته. وكان معظم هؤلاء الساسة وما يزالون أشبه بالدمى في الألعاب الدولية والإقليمية؟ ألم ير الأساتذة أن كل الأساليب قد استخدمت لتركيع الشعب بالتفريق والشرذمة والابتزاز وشراء الضمائر؟ ألم يروا كيف نكبت الدولة ونهبت الخزينة وتراكمت الديون وتعطلت معظم المؤسسات، فغاب القانون وحلت الرشوة مكانه، وغابت المراقبة تاركة المجال للتهريب على حساب الخزينة، وتفلتت المعابر الشرعية وتكاثرت غير الشرعية لنفس الأهداف، وصودرت أملاك الدولة والناس؟ ألم ير الأساتذة ثورة 17 تشرين وشعاراتها حول الدولة المدنية العلمانية والقضاء النزيه واستعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة ومحاكمة المرتكبين. ألم يكن جديرا بالأساتذة أن يناضلوا على مستوى هذه الشعارات فكريا، فنيا، بالمحاضرات ومع الطلاب لاستعادة الوطن؟ وتعزيزه بالديموقراطية الحقيقية وتحصين حرية التعبير وحقوق الإنسان البديهية وبالاقتصاد المنتج".

اضاف: "لقد بدأت كلامي هكذا أيتها الزميلات، أيها الزملاء، لأقول بأن الحلول الآنية والتقنية والمؤتمرات والصناديق الدولية ومحاباة الأنظمة المجاورة والبعيدة، وأساليب السيطرة والهيمنة والقفز فوق القانون والتلاعب بالدستور واستغلال الغرائز واستعراضات القوة و الشعبية التي هي، على مستوى لبنان، أشبه بجمهرات قبلية طائفية، قد استنفدت وعصرت وجفت. حتى أن التسول والشحادة والتذلل ما عاد ينفع لحل أزمات هذا البلد".

وتابع: "ماذا نفعل إذا؟ هل سنبقى نتصرف بردات الفعل الغرائزية؟ هل سنبقى نبحث عن المصلحة الشخصية الضيقة؟ هل سنقبل بالطاعة العمياء والخشوع لزعيم أو لرجل دين. هل هكذا نجد الحلول وتتفتح براعم المستقبل الزاهر في حديقة الوطن الذابلة؟ لا يا رفاق العلم والمعرفة وأصحاب الشهادات العالية. لا يا أصحاب السلطة والنفوذ. ليس هكذا تحل الأزمات. الحل الحقيقي الثابت والمربح وغير المكلف وغير الخاضع لصفقات الأعمال ولكل السياسات، يكون بالاستثمار بالعقول، بالعلم والإنسان. ويبدأ بالمدرسة وينتهي بالجامعة. أعطوا الوطن جيلا مثقفا يملك المهارات التقنية والفنية والأدبية والحقوقية وخذوا وطنا يدهش العالم. ألا تدركون بأن البقية الباقية من مؤسسات الوطن التي صمدت، من المدرسة إلى الجامعة إلى دوائر الدولة من العقارية إلى مأموريات النفوس إلى المحاكم وغيرها، استمرت بفضل بعض الأساتذة والموظفين الشرفاء الذين احترموا عملهم و علمهم و شهاداتهم، فلم يبيعوها بأي ثمن. وبالمقابل، فحيث ساد الجهل والتملق، الوضع مزري ومصائر الناس تحت المقصلة والابتزاز والضياع".

وقال: "لكل هذا، ولأننا بناة الأجيال والوطن، ولأن عملنا رسالة إنسانية ثقافية حضارية بعيدة عن الصفقات و السمسرات، ولأن الدول التي تقدمت اقتصاديا و تكنولوجيا بدأت بتعزيز التعليم، نحن نعتصم ونضرب اليوم للمرة الألف منذ بداية مسيرة هذه الجامعة للدفاع عنها والمحافظة عليها. فهي أمانة في أعناقنا ولن نفرط بها كما فرط المسؤولون بالوطن. إن أعمدة لبنان الحقيقية هي الجامعة الوطنية والتعليم والجيش والقوى الأمنية والقضاء النزيه، لا مؤتمراتكم وأخاديعكم وترقيعاتكم".

وتابع: "نعتصم اليوم لنوجه أسئلة محددة وصريحة وخطيرة إلى جميع المسؤولين:

- لماذا لم تنشأ خلية أزمة من أجل استقبال آلاف الطلاب الجدد في مطلع العام القادم. لن ينتقل هؤلاء إلى الجامعة اللبنانية حبا بها، إنما، وقبل ذلك، لأنكم رميتموهم في جحيم الفقر والعوز. هل جهزتم لاستيعابهم القاعات والأبنية والمختبرات والساحات الخضراء؟ هل رصدتم مساعدات للطلاب الأشد فقرا ومنعتم التسرب الجامعي؟ هل وفرتم الإنترنت الواسع والسريع لضرورات البحث والتعليم عن بعد في ظل الأزمة الصحية؟ هل شعرتم بأولئك الطلاب الذين لم يتمكنوا لفقرهم من التعلم عن بعد؟ أتريدون خلق جيل من الشباب غير المتعلم و تدفعونه إلى البطالة أو الهجرة أو التطرف؟ هل هيئأتم الأساتذة بالعدد الكافي ملاكا وتفرغا وتعاقدا وفق الكفاءة والشروط القانونية والشفافية؟

- هل لاحظتم بأن موازنة الجامعة، التي ما زالت نفسها منذ عدة سنوات بالليرة اللبنانية، قد انخفضت بسبب أزمتكم من 280 مليون دولار إلى 50 مليون دولار. ما يساوي أقل من تهرب ضريبي واحد. حتى الورق والمحابر باتت خارج المستطاع. لماذا تحصل كل المؤسسات التعليمية على المساعدات وتستثنى الجامعة الوطنية؟

- إلى متى سيبقى الأساتذة المتعاقدون الذين استوفوا الشروط ينتظرون التفرغ؟ لن نقبل باستمرار اضطهادهم وإذلالهم. لا نعرف أين أصبحت ملفاتهم، وقد تعفنت من كثرة تنقلها. هل ستبقى رهينة المحاصصات والتدخلات السياسية والخلافات. لن نقبل بإقصاء أي مستحق كفوء لا ظهر له. لن نقبل بتوظيف أحد من خارج الجامعة أو خارج المعايير المعتمدة. لن نقبل بضرب الحق بالتفرغ لكل الزملاء الذين أتوا من خارج ملاك الجامعة، وقد اجتهدوا على أنفسهم وحصلوا شهاداتهم واستوفوا الشروط.

- أين أصبح ملف الدخول إلى الملاك الذي يوفر بالمباشر أموالا على الخزينة؟ نريد فعلا أن نصدق بأنه قد ينتهي في غضون أيام. وبالمناسبة نطالب فورا الحكومة بإدخال المتفرغين المتقاعدين إلى الملاك. لن نرضى بأن يعامل كبارنا هكذا، بدون معاش تقاعدي ولا أمان صحي. كما نطالب باستعادة العمل بالآلية التي كانت تقضي بإدخال المتفرغ تلقائيا إلى الملاك عند تقاعده.

- لماذا تهملون الضمانات الاجتماعية لكل الناس؟ نحن من جهتنا، لن نقبل بالمس بصندوق التعاضد، لا بدمجه ولا بتقديماته وموازنته. لا بل نطالب السلطة بزيادة موازنته لتغطية جميع المتفرغين الجدد ومهما كان عددهم انطلاقاً من الحاجة إليهم. لن نقبل بتخفيض العدد المطلوب بحجة ضعف موازنة صندوق التعاضد. وأيضا نطالب بدفع منح التعليم كاملة كما كانت.

- أين أصبح مجلس الجامعة الذي ما زلنا نرفض تغييبه ونطالب بعودته واستعادة صلاحياته واستقلاليته، على أن يتحمل أعضاؤه جميعا مسؤولياتهم في الحضور والمشاركة لحسن سير عمل الجامعة؟ نطالب بأن يطوى الخلاف حول آلية تعيين العمداء ضمن القوانين والحقوق. وأن يتم التعيين سريعاً.

- أين أصبحت الدرجات الثلاث لأجل عدالة الرواتب والتي اعترف المسؤولون مرارا بأحقيتها؟ لن نقول بأن مبلغها بات زهيدا لأنها حق سنبقى نناضل من أجله إلى أن يتحقق. وكذلك الخمس السنوات التي أقرها مجلس النواب ونطالبه بتثبيتها. إلى متى الحرمان من درجات الدكتوراه للذين تفرغوا.

جئنا اليوم لنقول للسلطة بأن الحكم استمرارية وعليها أن تنفذ الاتفاق الذي عقد مع الرابطة منذ أكثر من سنة. كفى مماطلة وتسويفا ووضع العراقيل ورمي المسؤوليات. كما نحذر بأن العام الجامعي القادم قد لا يبدأ طبيعيا لأن الجامعة اللبنانية خط أحمر وحل الأزمة يبدأ بتعزيزها؛ كما أن الأساتذة سئموا الوعود والتأجيل، وهم مستعدون للإضراب المفتوح حتى تحقيق التفرغ والملاك ومجلس الجامعة. وكل ذلك طبعا بالتزامن مع عدم المس بصندوق التعاضد وبالرواتب وبالمعاش التقاعدي.

ختاماً، إن معظم مطالبنا هذه هي من أجل الحفاظ على الجامعة الوطنية ومن خلالها على جيل الشباب وعلى الوطن. هذه المطالب هي كذلك من ضمن مطالب الشعب اللبناني بالعيش الكريم. لذلك نرى أنفسنا في قلب انتفاضته. وسنتقدم قريبا بمشروع سلسلة جديد وبتعويضات غلاء معيشة. وسنكون مع الناس ضد الغلاء والجوع ومع الحقوق البديهية كحرية التعبير والتعلم والطبابة والعمل وغيرها. لن نقبل بالأمر الواقع الذي فرضوه على الناس من جراء الأزمة التي سببوها. لن نقبل بأن ينتحر الفقراء أو يبحثوا في القمامة عن لقمة عيشهم. والنضال طويل ولن نستكين".